انطلقت في محكمة صلح جزاء عمان، الأحد 28 مارس/آذار 2021، الجلسة الأولى في محاكمة 13 مسؤولاً تتهمهم السلطات بالتسبب في كارثة نقص الأوكسجين بمستشفى السلط قبل أسبوعين، وراح ضحيتها 7 أردنيين.
بحسب وسائل إعلام أردنية، فإن التهم الموجهة إليهم هي التسبب في وفاة 7 أشخاص، من خلال التقصير في أداء واجبهم، على خلفية انقطاع الأوكسجين عن المستشفى.
والمتهمون الـ13 في القضية هم مدیر مستشفى السلط، ومساعد مدير المستشفى للخدمات والتزويد، وطبيب مناوب إداري، ومساعد مدير المستشفى للشؤون الإدارية والفنية، وممرض قانوني في المستشفى، ومدير الشؤون الصحية لمحافظة البلقاء، ومساعد مدير المستشفى لشؤون التمريض، ورئيس قسم الأجهزة الطبية، ومهندس أجهزة طبية في وزارة الصحة (رئيس مجموعة الغازات)، وأمين عام وزارة الصحة للشؤون الفنية والصحية، ومساعد أمين عام وزارة الصحة للشؤون الفنية والصحية، ومساعد أمين عام وزارة الصحة للخدمات، ومدير مديرية الهندسة الطبية في وزارة الصحة، وذلك وفقاً لما نشرته قناة الرؤيا الأردنية.
نتائج التحقيق
يأتي ذلك تزامناً مع ما نشرته اللجنة المكلفة من قِبل نائب عام عمان من نتائج التحقيق في حادثة مستشفى السلط منتصف الشهر الجاري.
بحسب تقرير اللجنة فإن عدد المدعى عليهم في القضية بلغ 13 شخصاً، بما فيهم مدير المستشفى وآخرون، أسندت إليهم جميعاً تهمة "التسبب في الوفاة بالاشتراك"، بالاستناد إلى أحكام المادة 343 و76 من قانون العقوبات الأردني.
وكشف التحقيق أن يوم الفاجعة لم يكن في خزانَي الأوكسجين الموجودين في المستشفى سوى 160 لتراً فقط، والضغط 2.6 بار، وهو ما يعني أنهما شبه فارغين، علماً أن الخزانين الموجودين يسعان 19 طنّاً من الأوكسجين.
وكشف التحقيق أن آخر مرة تم فيها تزويد المستشفى بغاز الأوكسجين كان قبل الحادثة بيومين، لكن المفاجأة هي أن إدارة المستشفى تبين أنها دائماً ما كانت تستثني أيام الجمع من طلب الأوكسجين بخلاف بقية المستشفيات.
أشار التحقيق إلى تواجد 64 أسطوانة أوكسجين في المستشفى، وأن آخر تعبئة لهذه الأسطوانات كانت قبل عشرة أيام من الحادثة، ولم تتم تعبئتها بالكامل أيضاً.
وتبيّن أن هناك فشلاً في النظام الخاص بتحويل احتياطي الأوكسجين (الخطة البديلة حال الانقطاع من المصدر الرئيسي)، تمثل في أنه تبعاً لهذا النظام يتم تحويل الأوكسجين يدوياً وليس آلياً، فضلاً عن عدم وجود رداد يمنع عودة الأوكسجين إلى الخزان الرئيسي من الأسطوانات كبديل حال نفاد الأوكسجين في الخزانات، ولم يتسن تفعيل التحويل اليدوي كون الموظف المسؤول عن ذلك لم يكن موجوداً في تلك اللحظة.
وجاء في التحقيق أنه "تم إبلاغه، واستغرق حضوره إلى المستشفى حوالي ساعة، وفي هذه الأثناء اضطرت الكوادر الطبية إلى إنعاشهم يدوياً وطلب إمدادات الدفاع المدني والمراكز الصحية المتاحة، التي رفدت المستشفى بعدد من أسطوانات الغاز، تم استخدام المتحركة منها مباشرة في الأقسام".
ولفت التقرير إلى أنه بموافقة مساعد المدير للشؤون الإدارية والفنية، اعتاد المستشفى أن يبقى دون طبيب مناوب إداري في الفترة الليلية.
محسوبيات ورشاوى
أشار التحقيق أيضاً إلى أن الموظف المسؤول في المستشفى عن طلبات تزويد الغازات واستقبالها وتخزينها في الخزانات والمستودعات الرئيسية ليس مؤهلاً لهذا العمل، حيث يتطلب فيمن يقوم بهذا العمل أن يكون من ذوي الاختصاص بالغازات الطبية أو هندسة الأجهزة الطبية، والمسمى الوظيفي له "فني غازات طبية"، بالإضافة إلى عدم وجود مساعد أو بديل له.
وجاء تكليفه بهذه المهام مع أنه غير مؤهل ومختص بها من قبل مدير المستشفى، وبعلم من المساعد لشؤون التمريض، ومساعد مدير المستشفى لشؤون التزويد والخدمات.
وفي ضوء وجود قسم للأجهزة الطبية في المستشفى، يرأسه رئيس قسم الأجهزة الطبية، كان بالإمكان اكتشاف نقص الأوكسجين وتفادي انقطاعه، لو أنه قام بتوزيع المهام بين مهندسي القسم لجميع أيام الأسبوع، بما في ذلك يوما الجمعة والسبت، وهما يوم الحادثة واليوم الذي سبقه، بحسب نتائج التحقيق.
وكشف التحقيق أن رئيس قسم الأجهزة الطبية كان يقوم بتوزيع المهندسين على أيام الأسبوع بواقع مناوبتين، الأولى (أحد، ثلاثاء، خميس) والثانية (اثنين، أربعاء) ويستثني يومي الجمعة والسبت من المناوبة دون مبرر لذلك، لاسيما في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة، بسبب زيادة عدد الإصابات والوفيات من مرضى كورونا.
نقص حاد
أشار التحقيق أيضاً أن 330 طبيباً و450 ممرضاً لم تتم الاستفادة منهم بالشكل الأمثل، وعلى نحو ينسجم مع الحدث الطارئ المستجد المتمثل في استقبال مرضی كورونا.
إذ أثبت الرجوع للكاميرات أن العاملين يومي الحادثة كانوا 7 أطباء و18 ممرضاً، "وهو عدد قليل مقارنة مع عدد المرضى، الأمر الذي لم يمكن الكوادر الطبية والتمريضية من متابعة حالاتهم والخدمات التي يحتاجونها، ومنها مراقبة نسب ومستويات الأوكسجين.
إضافة إلى أن بعض الأطباء كانوا بتخصصات ليست ذات علاقة بمرضى الكورونا، كأطباء الأسرة والجراحة والعظام، وبالتالي لم يكونوا على مقدرة على التعامل مع حالات مرضى كورونا.
انتهاء التحقيقات
الأسبوع الماضي، قال النائب العام في العاصمة عمّان، الدكتور حسن العبداللات، إن النيابة العامة استكملت التحقيق في القضية بعد الاستماع إلى شهادات 66 شخصاً والاطلاع على 20 مستنداً.
وأكد العبداللات أن الأدلة أثبتت وجود إهمال من قبل الموقوفين، ما أدى إلى نفاد الأوكسجين من خزانات المستشفى، وهذا ما تسبب في الوفيات.
أدت هذه الحادثة إلى تدخل ملك الأردن، عبدالله الثاني ابن الحسين، وعزل وزير الصحة، نذير عبيدات، من منصبه، فيما كانت هذه القضية شرارة تحول لغضب شعبي في الأردن جراء الأوضاع الاقتصادية المتردية التي فاقمتها أزمة كورونا.