أعلنت الأمم المتحدة، الثلاثاء 23 مارس/آذار 2021، مقتل 15 شخصاً حتى الآن وفقدان 400 آخرين، بعد اندلاع حريق هائل في مخيم للاجئين الروهينغا في منطقة كوكس بازار في بنغلاديش.
إذ يعيش نحو مليون من أقلية الروهينغا المسلمة من بورما في ظروف بائسة داخل مخيّمات في منطقة كوكس بازار، بعد فرارهم من بلدهم عقب عملية عسكرية للجيش البورمي عام 2017، خلص خبراء أمميون إلى أنها نُفذت "بنية إبادة جماعية".
حريق مدمر في مخيم للاجئين الروهينغا
اندلع الحريق الإثنين 22 مارس/آذار، وترك ما لا يقل عن 50 ألف شخص بلا مأوى، بعدما أتت النيران على أكواخهم الهشة المصنوعة من الخيزران والقماش المشمع، وفقاً للشرطة ومجموعات إغاثة. وفرّت العائلات المذعورة حاملة ما استطاعت من مقتنيات.
هذا الحريق هو الأحدث في الأسابيع الأخيرة، والأكبر منذ العام 2017. وأمرت بنغلاديش بفتح تحقيق في الحادث. وقال اللاجئ أمين الحق "هرب الناس للنجاة بحياتهم مع انتشار الحريق بسرعة، أصيب كثر، ورأيت أربع جثث على الأقل".
بينما قال يوهانس فان دير كلاو، ممثل مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في بنغلاديش للصحفيين في جنيف عبر رابط فيديو من دكا "ما رأيناه في هذا الحريق هو شيء لم نشهده من قبل في هذه المخيمات، إنه ضخم، إنه مدمر".
كما أضاف "تأكدنا حتى الآن من مقتل 15 شخصاً وإصابة 560 وما زال 400 في عداد المفقودين، كما دمر ما لا يقل عن 10 آلاف كوخ. وهذا يعني أن ما لا يقل عن 45 ألف شخص قد نزحوا، ونبحث الآن عن مأوى مؤقت لاستضافتهم".
فيما قال مسؤولون إنّ الحريق بدأ على ما يبدو في واحد من المخيّمات الـ34 التي أقيمت على مساحة 3237 هكتاراً من الأرض، قبل أن يمتدّ إلى ثلاثة مخيّمات أخرى رغم الجهود اليائسة لإخماد النيران.
فيما أظهرت لقطات فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أعمدة الدخان ترتفع من المخيّمات، بينما يحاول عمال ورجال السيطرة على النيران وإخراج اللاجئين إلى أماكن آمنة. ونجح عناصر الإطفاء في السيطرة على الحريق قرابة منتصف الليل.
أسلاك شائكة زادت من معاناتهم
أفاد المفتش في الشرطة غازي صلاح الدين بأن الحريق كان صغيراً في البداية، لكنّه سرعان ما استعَر وانتقل إلى مخيمات أخرى، بعد انفجار قوارير غاز تُستخدم لإعداد الطعام.
بينما قال اللاجئ من الروهينغا محمد ياسين الذي كان يقدّم المساعدة لرجال الإطفاء إن الحريق استمر 10 ساعات، وهو أسوأ ما شاهده منذ العام 2017.
أما طيبة بيغوم، المتطوّعة في منظمة إنقاذ الطفولة، فقالت "كان الناس يصرخون ويركضون في كل الاتجاهات، والأطفال أيضاً يصرخون وينادون أسرهم".
فيما قالت منظمة اللاجئين الدولية في بيان "هناك عدد كبير من الأطفال في عداد المفقودين، وبعضهم لم يتمكن من الفرار بسبب الأسلاك الشائكة التي نصبت في المخيمات".
كما أكّد ذلك ميو مين خان، وهو من اللاجئين الروهينغا، وكتب على فيسبوك "لم نتمكن من الفرار بسبب السياج، وأصيبت ابنتي الصغرى بجروح بالغة". ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق بشكل مستقل من المزاعم حول السياج.
أما الشرطة فرفضت تلك الاتهامات، قائلة إن جزءاً صغيراً فقط من المخيم مسيّج.
أوضحت المنظمة "هذه المأساة هي تذكير مروع بالوضع الهش للاجئين الروهينغا العالقين بين الظروف غير المستقرة بشكل متزايد في بنغلاديش، وواقع وطن يحكمه الآن الجيش المسؤول عن الإبادة الجماعية التي أجبرتهم على الفرار".
ثالث حريق في 4 أيام!
قالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، إنها تعهدت بتقديم مليون دولار لجهود الإغاثة، لكن ستكون هناك حاجة إلى 20 مليون دولار أخرى لتلبية الحاجات الأكثر إلحاحاً.
هذا هو الحريق الثالث الذي يصيب المخيّمات في خلال أربعة أيام، وفق ما أفاد مسؤول في جهاز الإطفاء لوكالة فرانس برس، مضيفاً أن أسباب الحرائق لا تزال مجهولة.
أشار مسؤولون آخرون إلى أن حريقين منفصلين اندلعا في المخيّمات، الجمعة، قضيا على عشرات الأكواخ.
كما اندلع حريقان كبيران في المخيّمات في يناير/كانون الثاني، ما تسبّب في تشريد الآلاف وتدمير 4 مدارس تابعة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
فيما غرّد سعد حمادي من منظمة العفو الدولية في جنوب آسيا "اندلاع الحرائق المتكرّر في المخيّمات يحصل بطريقة كثيرة المصادفات، خاصة عندما لا يتمّ التوصّل إلى نتائج التحقيقات السابقة في الحوادث".
بينما طالب زعيم الروهينغا سيد الله بفتح تحقيق فوري، وقال "ليس واضحاً سبب تكرار حوادث اندلاع الحرائق في المخيمات. هناك حاجة إلى تحقيق شفاف وكامل".
في غضون ذلك تضغط الحكومة من أجل نقل اللاجئين إلى جزيرة نائية في خليج البنغال، قائلة إنّ المخيّمات بالغة الاكتظاظ. وحتى الآن تم نقل 13 ألفاً من الروهينغا إلى هذه الجزيرة المعرّضة للفيضانات والأعاصير المميتة، وفق بعض المنتقدين لهذه الخطوة.