قالت صحيفة The Times البريطانية، إن بلدة صغيرة في إلينوي هي أول مدينة أمريكية توزع تعويضات على سكانها السود تكفيراً عن سياساتها العنصرية السابقة، ومن المقرر أن يحصل سكان مدينة إيفانستون، في شمال شيكاغو، على حوالي 25 ألف دولار لشراء منازل أو تجديد منازلهم. وتبلغ قيمة التعويضات المبدئية 400 ألف دولار، لكن المجلس تعهد بتقديم 10 ملايين دولار على مدى عشر سنوات.
قرار تاريخي ضد العنصرية في أمريكا
هذا المقترح كان قد نال موافقة مجلس المدينة بأغلبية 8 أصوات مقابل صوت واحد، مساء الإثنين 22 مارس/آذار 2021. يقول رون دانيلز، رئيس اللجنة الوطنية لتعويضات الأمريكيين من أصل إفريقي، التي تسعى لتعميم هذا الإجراء على مستوى البلاد: "العالم كله ينظر الآن إلى مدينة إيفانستون بولاية إلينوي، هذه لحظة رائعة لم نشهدها من قبل".
وقبل هذا التصويت قالت مجموعة من السكان السود في إيفانستون إن المجلس يركز بشكل حصري على السكن. إذ قالت سيسلي فليمنغ، العضوة في مجلس المدينة: "إذا كنا سنقدم تعويضات فلنقدمها بشكل صحيح، دعونا لا نظلم السود في شيء ينتظرونه منذ قرون".
إلا أن المجموعة المعارضة "إيفانستون ترفض تعويضات عنصرية"، أشارت إلى أن المبلغ المبدئي لن يكفي إلا 16 أسرة. وتُعارض المجموعة أيضاً قصر تلك الأموال على احتياجات السكن، إذ قالت روز كانون، العضوة في المجموعة، لوكالة رويترز: "التعويضات الحقيقية تُداويك، وتقدم لك الفرصة لتقول ما الذي يداويك".
ويقول آخرون إن المدفوعات النقدية لا تعالج الأوضاع الهيكلية التي تسببت في سياسات عنصرية ممنهجة. يقول كام هوارد، الرئيس المشارك للتحالف الوطني للسود من أجل التعويضات في أمريكا لوكالة الأنباء: "لا بد من معالجة هذه الآثار وإلا ستستمر في المستقبل، بغض النظر عن عدد برامج المساواة قيد التنفيذ".
ويُشار إلى أن حوالي 16% من سكان إيفانستون البالغ عددهم 75 ألف نسمة من السود. وسيجري اختيار المستفيدين عشوائياً إذا تجاوز عدد المتقدمين الأموال المتوفرة في برنامج الإسكان، وكان ستيفن هاغرتي، عمدة المدينة الديمقراطي، قد أطلق صندوقاً منفصلاً قيمته مليون دولار "يهدف إلى دعم الفئات المفتقرة للخدمات وتعزيز المساواة العرقية".
وكانت مؤسسات خاصة قد أعلنت عن إجراءات مماثلة أيضاً، إذ تعهدت المنظمة اليسوعية the Jesuit order الأسبوع الماضي بتقديم 100 مليون دولار لأحفاد الأشخاص الذين كانت تستعبدهم يوماً.
بايدن يتحرك ضد العنصرية
وفي وقت سابق وقّع الرئيس الأمريكي جو بايدن 4 مراسيم بشأن المساواة العرقية في الولايات المتحدة، وأوضح بايدن في كلمة قُبيل توقيعه المراسيم الرئاسية، أنه حان الوقت لمواجهة العنصرية في الولايات المتحدة.
وأضاف بايدن قائلاً: "ما دام يُسمح للعنصرية الممنهجة بالاستمرار، فإن أرواحنا ستعاني، وإنني على ثقة بأن الشعب الأمريكي مستعد للتغيير"، كما لفت إلى أن العنصرية الممنهجة وتفضيل العرق الأبيض باتا من المشاكل الكبيرة التي تعاني منها بلاده.
وتتضمن المراسيم أمراً لوزارة الإسكان والتنمية بإلغاء السياسات التمييزية في نظام الإسكان الفيدرالي، وكذلك تعليمات لوزارة العدل بعدم تجديد العقود مع السجون الخاصة.
كما تضمنت المراسيم مكافحة الكراهية ضد الأمريكيين من أصول آسيوية.
أقليات أمريكا
ويبلغ تعداد الولايات المتحدة الأمريكية 331 مليون نسمة هذا العام، ورغم التعدد العرقي في البلاد التي ظلت على مدى عقود طويلة حلماً للهجرة وأرضاً للفرص وتحقيق الأحلام والثراء السريع، فإن غالبية السكان ينتمون للبيض المهاجرين من دول أوروبية، وهؤلاء يمثلون نحو 68% من مواطني أمريكا حالياً، ويأتي الأمريكيون من أصل لاتيني في المركز الثاني كأكبر أقلية في البلاد، ويمثلون 16.3%، ثم الأمريكيون الأفارقة أو السود، ويمثلون أكثر من 13% من السكان، وهناك أيضاً أقليات عرقية أخرى تنتمي للمنطقة العربية وإيران وآسيا وغيرها من مناطق العالم.
وبشكل عام يمكن القول إن تصنيف الأمريكيين من حيث العرق أو من يمثل أغلبية ومن يمثل أقلية مسألة معقدة للغاية، وتختلف من النظام الفيدرالي القومي إلى النظام المطبق في الولايات، لكن بشكل عام يعتبر المواطن أمريكياً ما دام حاصلاً على الجنسية ويحمل جواز السفر الأمريكي، وينص الدستور على المساواة المطلقة بين جميع المواطنين بغض النظر عن العرق أو اللون أو الديانة، لكن الواقع بالطبع مختلف بشكل تام عن النص الدستوري، وهو ما عاد مرة أخرى للواجهة مع وجود ترامب في البيت الأبيض، بعد الهدوء النسبي الذي شهدته مساحة الانقسام المجتمعي منذ ستينات القرن الماضي.