نقلت صحيفة The New York Times الأمريكية، الأربعاء 3 مارس/آذار 2021، عن مسؤولين (لم تسمهم)، قولهم إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فرضت بهدوء، وبعيداً عن الأضواء، قيوداً مؤقتة على ضربات الطائرات بدون طيار "الدرون" وغارات القوات الخاصة "الكوماندوز"، التي تستهدف مكافحة الإرهاب، خارج مناطق القتال التقليدية مثل أفغانستان وسوريا والعراق، وبدأت مراجعة واسعة لتُقرِّر ما إذا كانت ستُشدِّد القواعد التي سرت خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، لمثل هذه العمليات.
بموجب هذه القيود الجديدة، يجب على الجيش ووكالة المخابرات المركزية (CIA) الحصول على موافقة البيت الأبيض لمهاجمة الإرهابيين المُشتبَه بهم في الأماكن التي تعاني من سوء الإدارة والضعف الحكومي؛ حيث يوجد عدد قليل من القوات البرية الأمريكية، مثل الصومال واليمن. وفي ظل إدارة ترامب، سُمِح للقوات بأن تقرر بنفسها ما إذا كانت الظروف على الأرض تفي بشروط معينة وما إذا كان الهجوم مبرراً.
فيما وصف المسؤولون الضوابط الجديدة الأكثر صرامةً، بأنها حل مؤقت بينما تراجع إدارة بايدن كيف كان الاستهداف يحدث في عهد ترامب، سواء نظرياً أم عملياً، وتُطوِّر سياستها وإجراءاتها الخاصة بعمليات القتل أو الأَسر لمكافحة الإرهاب خارج مناطق الحرب، وضمن ذلك كيفية تقليل مخاطر وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
لكن إدارة بايدن لم تُعلِن عن الحدود الجديدة. إلا أن مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، أصدر الأمر في 20 يناير/كانون الثاني، يوم تنصيب الرئيس بايدن، حسبما قال مسؤولون تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم؛ لمناقشة المداولات الداخلية.
قواعد ضربات "الدرون"
صحيفة The New York Times الأمريكية قالت إن أية تغيرات ناتجة عن المراجعة ستمثل أحدث منعطف في تطور طويل الأمد بشأن قواعد ضربات الطائرات بدون طيار خارج ساحات المعارك التقليدية، وهو عمل قتالي يحدث على فترات متقطعة ولا يتطابق مع قواعد معينة، وأصبح محورياً في حروب مكافحة الإرهاب الأمريكية طويلة الأمد التي ترسخت مع جهود الرد على هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
كما أضافت الصحيفة أن حرب الطائرات بدون طيار لمكافحة الإرهاب وصلت إلى إدارتها الرابعة مع بايدن، منوهة إلى أنه حينما كان بايدن يشغل منصب نائب الرئيس باراك أوباما، كان جزءاً من هذه الإدارة يشرف على تصعيد كبير في عمليات القتل المُستهدَف باستخدام طائرات بدون طيار في الولاية الأولى، ثم فُرضت قيود جديدة مهمة على هذه الممارسة بالولاية الثانية.
إرشادات مؤقتة
من جهتها، اعترفت إيميلي هورن، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، بأن إدارة بايدن وضعت ما وصفته بالإرشادات المؤقتة حول استخدام القوة العسكرية المتعلقة بعمليات الأمن القومي، مؤكدةً أنَّ "هدف تلك الإرشادات هو التأكد من معرفة الرئيس الكاملة بالأعمال المقترحة في هذا المجال، بينما يقود فريق عمل مجلس الأمن القومي مراجعة وافية مشتركة بين الوكالات للتراخيص القائمة وتفويضات السلطة الرئاسية فيما يتعلق بهذه الأمور".
هورن أشارت إلى أن "هذه المراجعة تتضمن فحصاً للمقاربات السابقة في سياق التهديدات المتطورة الناجمة عن مكافحة الإرهاب؛ من أجل تحسين نهجنا للمضي قدماً. إضافة إلى ذلك، ستسعى المراجعة إلى ضمان اتباع إجراءات الشفافية المناسبة"، مشدّدة على أنه إن لم تُتخَذ قرارات بعدُ بشأن ماهية القواعد الجديدة، فإن "المراجعة تضم فحص الطرق السابقة في سياق تطور تهديدات مكافحة الإرهاب، إضافة إلى وضع معايير شفافية".
يشار إلى أنه في الوقت الذي لا تزال إدارة بايدن تسمح فيه بضربات مكافحة الإرهاب خارج مناطق الحرب النشطة، إلا أن المراجعة الإضافية والعقبات البيروقراطية التي فرضتها قد تفسر الهدوء الأخير في مثل هذه العمليات. إذ نفذت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا نحو 6 ضربات جوية، هذا العام، في الصومال، مُستَهدِفَة حركة الشباب الإرهابية، لكن جميعها كانت قبل 20 يناير/كانون الثاني 2021.
فيما لا تزال مراجعة إدارة بايدن للأطر القانونية والسياسية التي تحكم عمليات الاستهداف في مراحلها الأولية. ويُقَال إنَّ المسؤولين يعملون حالياً على جمع البيانات، مثل التقديرات الرسمية للخسائر المدنية نتيجة ضربات الجيش ووكالة المخابرات المركزية خارج ساحات القتال خلال عهد ترامب، حسب الصحيفة الأمريكية.
جدير بالذكر أن بعض العسكريين الأمريكيين اشتكوا من القيود الرئاسية التي اقتضت الكثير من المراجعة القانونية الطويلة، وقامت إدارة ترامب بإلغاء هذه السياسات ووضعت شروطها، حيث سمحت باستهداف قادة في الجماعات الجهادية لمجرد منصبهم بالجماعة حتى لو لم تكن لديهم مهارات قتالية، وتركت القرار للمسؤولين الميدانيين للقيام بالمهمة.