قال الاتحاد العالمي للسمنة، إن هناك أدلة ناشئة تربط بين السمنة وارتفاع معدل الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد، حيث إن البلدان التي تشهد ارتفاع معدلات زيادة الوزن بين سكانها بها أعلى معدلات الوفيات الناجمة عن عدوى كوفيد-19، داعياً الحكومات إلى معالجة أزمة السمنة، ووضع الذين يعانون زيادة الوزن على قائمة أولويات جهود تقديم لقاحات كورونا؛ نظراً إلى زيادة خطر تعرضهم للوفاة.
وأضاف الاتحاد في تقرير صدر مؤخراً، ونشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 3 مارس/آذار 2021، أن نحو 2.2 مليون شخص من أصل 2.5 مليون شخص لقوا حتفهم من جرّاء عدوى كوفيد-19، كانوا من البلدان التي تشهد ارتفاع معدّلات زيادة الوزن، وذلك حسب تحليل منهجي لأحدث بيانات الوفيات الصادرة عن جامعة جونز هوبكنز الأمريكية والمرصد الصحي العالمي التابع لمنظمة الصحة العالمية حول السمنة.
إذ شهدت بلدان على غرار المملكة المتحدة، وأمريكا، وإيطاليا- حيث تزيد نسبة الذين يعانون زيادة الوزن على 50% من تعداد السكان- العدد الأكبر من الوفيات المرتبطة بعدوى كورونا.
زيادة الوزن تزيد الخطر
الاتحاد العالمي للسمنة قال إن منظمة الصحة العالمية ركزت على الأمراض غير المُعدية، باعتبارها أحد عوامل الخطر للإصابة بأعراض الفيروس التاجي الخطيرة، لكن الأدلة الناشئة تشير إلى أن زيادة الوزن والسمنة- فيما يبدو- تزيد من عوامل الخطر لعواقب أسوأ لدى المصابين بكورونا، وقد تؤدي زيادة الوزن إلى دخول مريض كورونا إلى وحدات العناية المركزة أو الوفاة.
تقرير الاتحاد أشار إلى أن المشكلة لا تقتصر على السمنة، بل معدلات الوزن التي يعتبرها كثيرون طبيعية في العديد من البلاد، حيث شهدت البلدان التي يزيد فيها مؤشر كتلة الجسم لدى أكثر من نصف عدد السكان على 25- وهي الدرجة الفاصلة بين الوزن الطبيعي والبدانة- وفيات تزيد بـ10 أضعاف على نظيراتها.
أضاف الاتحاد أنه من بين البلدان التي يعاني أكثر من نصف السكان البالغين فيها زيادة الوزن، سجلت بلجيكا أعلى معدل للوفيات، وتليها سلوفينيا، والمملكة المتحدة، واحتلّت إيطاليا والبرتغال المركزين الخامس والسادس، بينما حلّت الولايات المتحدة في المركز الثامن.
لكن على النقيض من ذلك، تتمتّع فيتنام بأدنى مستويات زيادة الوزن في العالم، وشهدت ثاني أدنى معدل وفيات ناتجة عن عدوى كوفيد-19 في العالم.
كما أوضح تقرير الاتحاد العالمي للسمنة، أن العامل الأكبر المرتبط بأعداد الوفيات هو العمر ثم زيادة الوزن في المرتبة الثانية، منوهاً إلى أن السمنة تزيد خطورة حالة الأشخاص عند إصابتهم بأمراض معدية، كالإنفلونزا.
الاستثمار في الصحة العامة
فيما علّق الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، على تقرير الاتحاد العالمي للسمنة، قائلاً إن "الارتباط بين مستويات السمنة ومعدّلات الوفاة بسبب عدوى كوفيد-19 صار واضحاً. لذا فإن الاستثمار في الصحة العامة والعمل الدولي المنسق لمعالجة الأسباب الجذرية للسمنة أحد أفضل الطرق التي يتعين على البلدان أن تسلكها لتأسيس منظومات صحية قابلة للتعافي سريعاً بعد الجائحة، ونحث كافة البلدان على اغتنام هذه اللحظة"، مضيفاً: "يجب أن يكون هذا التقرير بمثابة جرس إنذار للحكومات على مستوى العالم".
بدوره، يرى الدكتور تيم لوبستين، مؤلف التقرير والمستشار السابق لمنظمة الصحة العالمية والصحة العامة في إنجلترا، أن "الحكومات قد أهملت القيمة الاقتصادية لصحة أفرادها. وعلى مدى العقد الماضي، فشلت الحكومات في معالجة السمنة، على الرغم من الأهداف التي حددتها في اجتماعات الأمم المتحدة".
لوبستين أضاف أن "كوفيد-19 ليس إلا عدوى تفاقمت بسبب مشاكل الوزن، لكن رايات الخطر كانت موجودة من قبل. ويبدو أن الحكومات لا تريد الإخلال بالمصالح التجارية في مجالات الأغذية والزراعة. لكن على غرار أزمة الاحتباس الحراري وتلوث المحيطات، تحتاج المشكلة إلى قيادة عالمية تضمن عمل الصناعة والسوق لصالح صحة الناس والكوكب".
من جهته، أكد الرئيس التنفيذي للاتحاد العالمي للسمنة جوانا رالستون، أن "الشيخوخة أمر لا مفر منه، ولكن يمكننا تجنب الحالات التي تسهم في زيادة الوزن والسمنة إلى حد كبير إذا صعّدت الحكومات جهودها وتضافرت جهودنا جميعاً للحد من تأثير هذا المرض".
على صعيد آخر، كشف التقرير أن التكاليف الاقتصادية الهائلة الناتجة عن عمليات الإغلاق لمنع اكتظاظ مرافق الخدمات الصحية، كان من الممكن تخفيفها بشكل كبير لو عالجت الحكومات قضايا الوزن قبل انتشار الوباء؛ فمن أصل 28 تريليون دولار من التكلفة العالمية المتوقعة في الناتج الاقتصادي المفقود بجميع أنحاء العالم حتى عام 2025، وفقاً لصندوق النقد الدولي، سوف تعزى 6 تريليونات دولار بشكل مباشر إلى مشكلة السكان الذين يعانون زيادة الوزن.
تراجع فعالية لقاح فايزر
يشار إلى أن دراسة علمية جديدة كشفت أن لقاح فايزر-بيونتيك قد تقل فعاليته لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، حيث إنهم ينتجون نصف كمية الأجسام المضادة لدى الأشخاص الأصحاء بعد الجرعة الثانية من اللقاح، وفقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 28 فبراير/شباط 2021.
لكن من السابق لأوانه معرفة ما يعنيه هذا بالنسبة لفعالية اللقاح المضاد للفيروس التاجي، فقد يقتضي ذلك حاجة الأشخاص المصابين بالسمنة إلى جرعة مُعزِّزة إضافية؛ لضمان حمايتهم بما يكفي من مرض كوفيد-19. فيما أرجع البعض هذا الأمر إلى أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة، غالباً ما يعانون من مشكلات طبية كامنة أخرى، مثل أمراض القلب أو داء السكري من النوع 2، والتي تزيد من خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، لكن الدهون الزائدة بالجسم يمكن أن تسبب أيضاً تغيرات في التمثيل الغذائي، مثل مقاومة الأنسولين والالتهابات؛ مما يجعل من الصعب على الجسم مقاومة العدوى.