نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، اليوم الأحد 28 فبراير/شباط 2021، عن دبلوماسيين كبار قولهم إن إيران رفضت عرضاً تقدم به مؤخراً الاتحاد الأوروبي لترتيب محادثات نووية مباشرة مع الولايات المتحدة، مما يُهدد بتوتر جديد بين طهران والعواصم الغربية، حسب قولها.
حيث قال اثنان من كبار الدبلوماسيين الغربيين إن طهران استبعدت حضور اجتماع في أوروبا في الوقت الحالي، لافتين إلى أنها تريد ضماناً أولاً بأن الولايات المتحدة سترفع بعض العقوبات بعد الاجتماع.
لكن في الوقت الذي رفضت فيه واشنطن تخفيف العقوبات قبل إجراء مفاوضات وجهاً لوجه مع إيران، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستحضر المحادثات التي كان الاتحاد الأوروبي يأمل في استضافتها خلال الأيام المقبلة.
لم يقض على كل الآمال
إلا أن الرفض الإيراني لم يقض على كل الآمال في إجراء مفاوضات مباشرة خلال الأشهر المقبلة، وفقاً للدبلوماسيين الكبار الذين أكدوا أن تحرك طهران قد يكون محاولة لكسب نفوذ في المحادثات المستقبلية. وقد تبدأ تلك المحادثات قبل حلول العام الإيراني الجديد في أواخر مارس/آذار المقبل.
بينما من المرجح أن تؤدي خطوة إيران إلى تفاقم التوترات في الأيام المقبلة، حسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، قد حذّر، الأربعاء الماضي، إيران من أن صبر بلاده على وشك النفاد بسبب عدم ردّ إيران حتّى الآن على اقتراح أوروبي لعقد مباحثات أمريكية-إيرانية مباشرة بهدف إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني.
وكالة الطاقة الذرية تتوصل لاتفاق مع طهران
في سياق متصل، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، الأحد 21 فبراير/شباط 2021، أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة أبرمت اتفاقاً مع إيران لمواصلة أنشطة التحقق والمراقبة "اللازمة" في إيران التي كانت قد قلصت تعاونها الأسبوع الماضي، معتبراً أن ما اتفقوا عليه "شيء قابل للتطبيق، ومفيد لجسر الهوة بيننا وإنقاذ الموقف الآن".
إلا أن جروسي قال، في مؤتمر صحفي، إن وتيرة وصول المفتشين إلى المواقع الإيرانية ستتراجع، ولن يكون هناك مزيد من عمليات التفتيش المفاجئة.
تأتي تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب زيارته الأخيرة لطهران التي بحث خلالها "أنشطة التحقق الضرورية" التي تجريها الوكالة، وكان قد التقى بعض المسؤولين الإيرانيين منهم رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي.
من جانبها قالت الولايات المتحدة الأحد إنها تشعر بخيبة أمل لأن إيران استبعدت عقد اجتماع غير رسمي لمناقشة سبل إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى الكبرى لكنها أضافت أنها لا تزال مستعدة للمشاركة من جديد في جهود دبلوماسية جادة بشأن هذه القضية.
إذ قالت الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن إنها مستعدة لإجراء محادثات مع إيران بشأن عودة الدولتين إلى الاتفاق، الذي ألغى عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران مقابل فرض قيود تهدف إلى منعها من امتلاك أسلحة نووية، وهو أمر تقول إيران إنها لا تريده.
"على أمريكا رفع العقوبات"
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الأحد 21 فبراير/شباط 2021، إنه يتعين على الولايات المتحدة رفع العقوبات عن إيران أولاً إذا كانت تريد الحديث عن إنقاذ الاتفاق النووي، ليؤكد بذلك موقف طهران بأنها لن تتخذ الخطوة الأولى لإعادة الاتفاق مع القوى العالمية.
أضاف ظريف في مقابلة تلفزيونية مع قناة برس تي.في الإيرانية الناطقة باللغة الإنجليزية، أن الولايات المتحدة لن تتمكن من الانضمام مُجدداً إلى الاتفاق النووي قبل أن ترفع العقوبات، مضيفاً: "بمجرد أن يفي جميع الموقعين على الاتفاق النووي بالتزاماتهم ستعود إيران إلى المفاوضات لاستئناف الاتفاق".
وزير الخارجية الإيراني ذكر أن "بايدن يدّعي أن نهج إدارة ترامب في ممارسة أقصى قدر من الضغط كان بمثابة فشل كبير، لكن من حيث المبدأ والممارسة، استمر في سياسة الإدارة السابقة ولم يغيرها"، مؤكداً أن الولايات المتحدة أصبحت "مدمنة" لفرض العقوبات، وممارسة الضغط والتنمر، لكن هذه السياسات لن تنجح مع إيران، على حد قوله.
كانت إدارة بايدن قد صرّحت الأسبوع الماضي بأنها مستعدة للحديث مع إيران حول عودة البلدين للاتفاق الذي يهدف إلى منع طهران من امتلاك أسلحة نووية مقابل رفع معظم العقوبات الدولية.
جدير بالذكر أن هناك قانوناً أقره البرلمان الإيراني العام الماضي يلزم الحكومة بوقف تنفيذ البروتوكول الإضافي اعتباراً من يوم 23 فبراير/شباط الجاري إذا لم تُرفع العقوبات.
بينما تطبق إيران البروتوكول الإضافي بموجب الاتفاق النووي، مما يمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلطة إجراء عمليات التفتيش بإخطار قصير مسبق في مواقع لم يعلن عنها.
تعليقاً على هذا الموعد، قال ظريف: "هذا ليس موعداً نهائياً للعالم وليس إنذاراً. كأي دولة ديمقراطية، علينا تطبيق القانون الذي أقره البرلمان. خطوة (وقف عمليات التفتيش المفاجئ) ليست تخلياً عن الاتفاق".
جدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان قد انسحب من الاتفاق النووي عام 2018، وأعاد فرض العقوبات على إيران التي تُتهم حالياً بأنها بدأت بدورها انتهاك بنود الاتفاق تدريجياً.
لكن إيران والولايات المتحدة على خلاف حول من يجب أن يتخذ الخطوة الأولى لإحياء الاتفاق. وتصر إيران على ضرورة أن ترفع واشنطن العقوبات أولاً، بينما تقول الولايات المتحدة إنه ينبغي على طهران العودة أولاً إلى الالتزام بالاتفاق.