قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة 26 فبراير/شباط 2021، إنه أبلغ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أنه "سيحاسب المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان"، وأن الولايات المتحدة ستعلن تغييرات كبيرة في العلاقات مع الرياض، يومي الجمعة والإثنين المقبل.
عقوبات أمريكية على مسؤولين سعوديين
بايدن قال في مقابلة مع شبكة "يونيفيجن" التلفزيونية: "تحدثت مع الملك أمس (…) قلت له صراحة إن القواعد تتغير، وإننا سنعلن تغييرات كبيرة اليوم (الجمعة)، ويوم الإثنين. سنحاسبهم على انتهاكات حقوق الإنسان".
جاءت تصريحات بايدن بعد نشر واشنطن تقريراً للمخابرات الأمريكية، أمس الجمعة، ذكر أن ولي العهد السعودي، والحاكم الفعلي للمملكة الأمير محمد بن سلمان، وافق على عملية لاعتقال أو قتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018، في قنصلية بلده بمدينة إسطنبول في تركيا.
وفرضت الولايات المتحدة ضمن الإجراءات العقابية التي اتخذتها أمس الجمعة، حظر تأشيرات على بعض السعوديين الذين تعتقد تورطهم في قتل خاشقجي، وعقوبات على آخرين، منهم نائب رئيس المخابرات السابق اللواء أحمد العسيري، تقضي بتجميد أصولهم الأمريكية، ومنع الأمريكيين من التعامل معهم.
لكن العقوبات لم تشمل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقالت وكالة رويترز إن بايدن يحاول أن يوضح أن قتل الخصوم السياسيين غير مقبول لدى الولايات المتحدة، في حين يحافظ على العلاقات مع ولي العهد، الذي قد يحكم واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم لعقود، وقد يكون حليفاً مهماً ضد العدو المشترك إيران.
ضبط العلاقة مع السعودية
يأتي نشر التقرير الأمريكي عن مقتل خاشقجي بعدما رفض الرئيس السابق دونالد ترامب نشره، متحدياً قانوناً صدر عام 2019، وليعكس ذلك الاستعداد الأمريكي الجديد لتحدي المملكة في قضايا مثل حقوق الإنسان والحرب في اليمن.
غير أن بايدن يخطو بحذر للحفاظ على العلاقات مع المملكة، في إطار سعيه لإحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران، ومعالجة تحديات أخرى من بينها محاربة التطرف الإسلامي وتعزيز العلاقات العربية الإسرائيلية.
في هذا السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس الجمعة، إن الإجراءات التي اتَّخذتها واشنطن ضد مسؤولين سعوديين، على خلفية قضية مقتل خاشقجي، لا تهدف إلى إحداث "شرخ أو قطيعة" في العلاقات مع السعودية.
بلينكن أشار في مؤتمر صحفي إلى أنّ الإجراءات تهدف إلى "منع تصرفات مستقبلية مماثلة من جانب السعودية، بعد تقرير مقتل جمال خاشقجي"، وشدد على أنّ الولايات المتحدة "تود تغييراً وليس قطيعة مع السعودية".
كذلك أشار بلينكن إلى التزام واشنطن بالدفاع عن أمن السعودية، لافتاً أن التقرير الاستخباراتي حول مقتل خاشقجي "يساهم في إعادة ضبط العلاقات مع المملكة".
قتل خاشقجي
يُذكر أن خاشقجي كان يعيش في منفى اختياري في فرجينيا، وكان يكتب مقالات في صحيفة واشنطن بوست، تنتقد سياسات ولي العهد.
تم استدراجه في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018، إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، على وعد بالحصول على وثيقة يحتاجها لزواجه من خطيبته التركية. وهناك قتله الفريق السعودي الذي يرتبط بصِلات مع الأمير محمد بن سلمان ومزقوا جسده، ولم يُعثر على أشلاء جثته.
في البداية أصدرت الرياض روايات متضاربة عن اختفاء خاشقجي، لكنها اعترفت في نهاية الأمر بمقتله، في عملية قالت إن منفذيها تصرفوا من تلقاء أنفسهم، وكانوا يهدفون لاعتقاله ونقله للسعودية.
فيما بعد تم القبض على 21 شخصاً، وتم عزل خمسة مسؤولين كبار، من بينهم نائب رئيس المخابرات العسيري، وسعود القحطاني، أحد كبار مساعدي الأمير محمد بن سلمان.
وفي يناير/كانون الثاني 2019، قدّمت السلطات السعودية 11 شخصاً للمحاكمة في إجراءات سرية، وحُكم على خمسة منهم بالإعدام، وتم تخفيف الحكم إلى السجن 20 عاماً، بعد أن عفت عنهم أسرة خاشقجي، وحُكم على ثلاثة آخرين بالسجن.