عاد الآلاف من الجزائريين للتظاهر من جديد بعدة مدن بالبلاد وفي مقدمتها العاصمة "الجزائر"، وذلك من أجل تجديد مطالب التغيير، في أول جمعة بعد الذكرى الثانية للحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير/شباط 2019، وأطاح بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، بعد 4 أيام من مظاهرات حاشدة أخرى ردد فيها الآلاف من الغاضبين شعارات منددة بالأوضاع الاجتماعية الصعبة، ومطالِبة بإحداث تغيير في النظام.
تأتي التظاهرات بعد أيام من إجراءات أعلنها الرئيس عبدالمجيد تبون "لتهدئة الشارع"، بحسب مراقبين، بينها حل المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وعفو عن عشرات المعتقلين خلال الحراك، وتغيير حكومي جزئي.
إسقاط الفساد وإبعاد الجيش عن السياسة
وفق مراسل وكالة "الأناضول" للأنباء، فقد خرج متظاهرون إلى الساحات والشوارع بعدة مدن شمالية، في مقدمتها العاصمة وبجاية وقسنطينة، استجابة لدعوات من ناشطين إلى استئناف المسيرات المطالبة بالتغيير.
فيما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء أن المحتجين يطالبون بتغيير شامل للنخبة الحاكمة القديمة، والقضاء على الفساد، وإبعاد الجيش عن أمور السياسة.
إذ ردد المتظاهرون هتافات "سلمية.. سلمية" و"مطالبنا شرعية"، أثناء مسيرة بوسط المدينة، في ظل وجود كبير للشرطة.
في هذا السياق، قالت فريدة رشيشي (25 عاماً)، وهي طالبة في كلية الحقوق بالجزائر العاصمة: "ما زلنا قادرين على تحقيق أهدافنا".
حسب المصدر نفسه، فإنه على الرغم من مشاركة الآلاف في مسيرة الجمعة، فإن حجمها أصغر من احتجاجات ما قبل إجراءات العزل في 2020، عندما كانت تقديرات أعداد المشاركين بعشرات الألوف على نحو منتظم.
الذكرى الثانية للحراك الجزائري
الإثنين 22 فبراير/شباط، خرج آلاف الجزائريين في مظاهرات؛ لإحياء الذكرى الثانية للحراك الشعبي.
بدأ الحراك في التاريخ نفسه من 2019، ودفع بوتفليقة إلى الاستقالة في 2 أبريل/نيسان من العام ذاته.
وبعد استقالة بوتفليقة، وانتخاب الرئيس الحالي تبون خلفاً له في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، تواصلت مسيرات الحراك الشعبي، حتى إعلان حالة الطوارئ الصحية بسبب تفشي فيروس كورونا، في مارس/آذار 2020.
خلال الأيام الأخيرة، تجددت دعوات من ناشطين إلى استئناف مسيرات الحراك الشعبي؛ للضغط على النظام من أجل "تجسيد مطالب التغيير الجذري"، وفق ما أعلنوه على منابرهم في مواقع التواصل.
كما أطلق النشطاء على مظاهرات اليوم "الجمعة 106 للحراك"، وتجددت فيها الشعارات التي جرت العادة بأن يرفعها المتظاهرون في الجمعات السابقة، والمطالبة بالتغيير الجذري للنظام والقطيعة مع الممارسات السابقة.
خلال هذه التظاهرات، تم رفع شعارات وترديد هتافات، بينها "جزائر حرة ديمقراطية" و"الشعب يريد الاستقلال" و"الشعب مصدر السلطة" و"الشعب يريد دولة مدنية".
كما اتسمت هذه المظاهرات بالسلمية، كما أن الشرطة التي كانت حاضرة بقوة في شوارع العاصمة الجزائر، اكتفت بتنظيم الحشود دون تدخل، رغم أن السلطات تمنع منذ بداية الجائحة التجمعات والتظاهر.
وسبقت هذه المظاهرات أيضاً حملاتٌ عبر شبكات التواصل، تدعو إلى ارتداء الكمامات واحترام تدابير الوقاية من كورونا خلال التظاهر.
وعود تبون
قبل أيام، قال وزير الخارجية صبري بوقادوم، في مقابلة مع قناة تلفزيونية فرنسية، إن التظاهر حق يكفله الدستور لكن الظروف الصحية الراهنة تستدعي تحمّل الجميع مسؤوليته حول مخاطر عدم احترام تدابير الوقاية.
والأربعاء 24 فبراير/شباط الماضي، تعهد الرئيس تبون، في رسالة إلى الجزائريين بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات في 24 فبراير/شباط، بتجسيد مطالب التغيير.
وقال تبون: "أكرر ما قلته لكم السنة الماضية، بهذه المناسبة، إذ أجدد عهدي معكم، لنهرع إلى بناء جمهورية جديدة قوية، بلا فساد ولا كراهية".
ويكرر تبون في خطاباته عبارة "بناء الجمهورية الجديدة"، وإنهاء ممارسات طبعت العهد السابق (حقبة الرئيس المخلوع بوتفليقة)، والتي تقوم على أساس الحرية ودولة الحق والقانون.