يقول موقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء 24 فبراير/شباط 2021، إن أستاذ الفلسفة العامة في مدرسة اللاهوت بجامعة هارفارد الأمريكية العريقة كان قد أعلن نهاية الأسبوع الماضي أنه قد يترك الجامعة بعد حرمانه من التثبيت في منصبه الأكاديمي قائلاً إنه عوقب بسبب آرائه حول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
انتقادات لإسرائيل حرمته الترقية
إذ قال الفيلسوف والناشط السياسي الأمريكي البارز كورنيل ويست إنه واثق بأن انتقاده لإسرائيل هو السبب في خسارته لحقه في الترقي الأكاديمي في جامعة هارفارد.
وأضاف ويست، البالغ من العمر 67 عاماً ويحمل تعييناً مشتركاً كأستاذ مشارك في قسم الدراسات الإفريقية والأمريكية الإفريقية، في مقابلة أجراها عبر بودكاست TightRope وبُثَّت يوم الثلاثاء 23 فبراير/شباط، إن "هذه فرضيتي حيال الأمر، فأنت إذا بحثت عن السبب وراء عدم بدئهم حتى في إجراءات التقييم من أجل طلب التثبيت، ماذا يمكن أن يكون؟ وقد سألتهم. ولم أتلق رداً".
ويست قال إن "المشكلة هي أن [الحديث عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين] قضية محظور الحديث عنها بين دوائر معنية في الأوساط العليا الأكاديمية. من الصعب إجراء مناقشة قوية ومحترمة حول الاحتلال الإسرائيلي لأنه يُنظر إليك على الفور على أنك كاره معادٍ لليهود، أو [لديك] تحيزات معادية لهم". وأضاف ويست: "لدينا كثير من الزملاء اليهود، إخوة وأخوات يهود، الذين ينتقدون الاحتلال الإسرائيلي، لكن لا أحد منهم في المناصب العليا".
وفي مقابلته يوم الثلاثاء، قال ويست، الذي يعد أحد أبرز المثقفين الأمريكيين، إن مقصود الجامعة من عدم منحه التثبيت الأكاديمي هو قضية تتعلق بإيضاح أنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن وجوده وآرائه.
يُذكر أن التثبيت في المنصب الأكاديمي في الجامعات الأمريكية هي فئة من التعيينات الأكاديمية التي يُقصد بها الحصول على منصب أكاديمي ثابت لا يُجوز معه الإقالة من المؤسسة الأكاديمية إلا لأسباب معينة أو ظروف استثنائية، مثل الضرورة المالية أو إيقاف البرنامج الأكاديمي. ويعتبر الأكاديميون هذا الأمر ضمانة لحريتهم الأكاديمية وكفالة للتعبير عن آرائهم بحرية.
في المقابل، كانت جامعة هارفارد الأمريكية قد سبق لها أن واجهت انتقادات في الماضي لرفضها تقديم مناصب فيها للأساتذة والأكاديميين الذين يُنظر إليهم على أنهم مثيرون للجدل، غير أن ذلك لم يمنع عديداً من المراقبين من الإعراب عن دهشتهم هذه المرة لحدوث أمر كهذا مع أستاذ مرموق مثل ويست وأن يظل غير مثبّت في منصبه الأكاديمي في الجامعة.
فيما رفضت جامعة هارفارد طلب موقع MEE للتعليق. لكن صحيفة The Boston Globe الأمريكية ذكرت أن متحدثاً باسم الجامعة شكَّك في توصيف ويست للأحداث.
"مشاركة في الجرائم الإسرائيلية"
تعليقاً على ما حدث مع ويست، قال ديفيد كلاين، عضو "الحملة الأمريكية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل" وأستاذ الرياضيات في جامعة كاليفورنيا، لموقع MEE إن ثمة تاريخاً طويلاً من محاولات قمع أو طرد منتقدي إسرائيل الصريحين من المناصب الأكاديمية، وأشار كلاين إلى أن واقعة ويست كانت على الأرجح "قمة جبل الجليد" الظاهرة للعيان.
يذكر أن ويست أيضاً من بين أشد المنتقدين صراحةً لوحشية الشرطة في الولايات المتحدة، ودعاة تفوق العرق الأبيض، ورهاب المثلية الجنسية.
وفي خطاب ألقاه أمام دفعة من الخريجين الجدد في عام 2017، قال ويست إنه إذا كانت نبوءة "جيبون" الأمريكية عن سقوط الإمبراطوريات قد بدأت في التحقق، و"اضمحلال الإمبراطورية الأمريكية وسقوطها في الطريق، فإن القوى المهيمنة ستكون الكراهية والبغض والسخط ومعاداة الأجانب والكراهية ضد اليهود وضد العرب ومعاداة الفلسطينيين".
ويبدي كلاين امتعاضه قائلاً: "من اللافت للنظر أنه يمكن للمرء أن ينتقد أي شيء في الحرم الجامعي الأمريكي، حتى الولايات المتحدة نفسها، لكن انتقاد إسرائيل محظور فعلياً".
علاوةً على ذلك، كان ويست من أبرز الأكاديميين الذين قادوا حملات لحث جامعة هارفارد على سحب استثماراتها من الشركات التي يصفها بأنها "متعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي" ومشاركة في جرائمه.
وبحسب صحيفة The Harvard Crimson، فإن جامعة هارفارد لديها استثمارات ما يقرب من 200 مليون دولار في شركات "على صلة بسلطات الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين".
بالعودة إلى ويست، فقد قال إنه تقدم بطلب الترقية إلى الجامعة هذا الشهر، بناءً على "مراجعة إيجابية لعمله مدتها خمس سنوات". غير أنه فوجئ برفض الجامعة لطلبه وعرضها عليه بدلاً من ذلك عقداً مدته 10 سنوات وزيادة في الراتب، ما دفع ويست إلى الخروج والتحدث علانية.
وعن ذلك، قالت البروفيسورة إلسا أورباخ، الأستاذة الفخرية بجامعة ماساتشوستس، لموقع MEE: "جامعة هارفارد أظهرت وجهها المنافق بهذا القرار، فهي من ناحية توظّف ويست كواجهة لموقف (معاداة العنصرية)، ومن ناحية أخرى، تنظر إليه على أنه "غير جدير" بالسعي إلى التثبيت الأكاديمي. وموقف الجامعة يجعل المرء يتساءل عن القوى المؤثرة وراء هذا القرار".
من جهة أخرى، أصدرت مجموعة من طلاب الدراسات العليا في جامعة هارفارد يوم الاثنين 22 فبراير/شباط رسالةً مفتوحة يعبّرون فيها عن تضامنهم مع ويست.