انقلاب مؤجل أو هروب تدريجي من المشهد الليبي.. هل حانت بداية نهاية حفتر بعد انتخاب حكومة جديدة؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/21 الساعة 11:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/21 الساعة 13:51 بتوقيت غرينتش
اللواء المتقاعد خليفة حفتر (مواقع التواصل الاجتماعي)

يواجه مشروع عسكرة الدولة في ليبيا بقيادة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر مصاعب كبيرة، وذلك في ظل عدة انتكاسات عسكرية، مُني بها مؤخراً، على يد قوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً في طرابلس وانتخاب حكومة وحدة وطنية في جنيف بقيادة محمد المنفي وعبد الحميد الدبيبة.

ورغم ترحيب خليفة حفتر بانتخاب سلطة تنفيذية جديدة يوم الجمعة 5 فبراير/شباط 2021، تساءل العديد من المهتمين بالشأن الليبي حول مستقبل حفتر في الحياة السياسية الليبية، وحول ما يدور في ثكنات ومقرات قواته وأنصاره من العسكريين والسلفيين في شرق ليبيا.

حفتر لن يكون ديمقراطياً

وعلى الرغم أن حفتر حاول الترويج لحسه الديمقراطي بعد انتخاب السلطة التنفيذية في ليبيا، فإن المراقبين للشأن الداخلي يرون أن الجنرال المتقاعد الذي ارتكب جرائم حرب في حق المدنيين لا يمكن أن يكون يوماً ديمقراطياً.

ويرى المحلل السياسي عمر التهامي في تصريح لـ"عربي بوست" أنه "لا يمكن الجزم بأن خليفة حفتر قد قبل فعلاً بالخيار الديمقراطي في ليبيا مستقبلاً، فهو لن يكون ديمقراطياً لا من حيث تكوينه ولا من حيث ولاءاته وسلوكه وتجربته الطويلة، فهو انقلابي المنهج، ولا يرى نفسه إلا حاكماً لليبيا وشعبها، ولم يستوعب بعد أن الليبيين قد ثاروا من أجل الحرية والدولة المدنية وليس من أجله أو من أجل إعادة إنتاج قذافي جديد أو استنساخ سيسي آخر"، مشيراً إلى أن "قبول حفتر بمخرجات جنيف ليس إلا تكتيكياً لأن كل المعطيات الحالية ضده وضد مراميه المستقبلية".

وتابع التهامي أن "الاحتمال الأضعف لمصير حفتر في المشهد السياسي الليبي القادم أنه قد يقبل بالتخلي عن منصب وموقع القائد العام، وسيعتمد على أن يتحول تدريجياً إلى حاكم ظل، وهو ترتيب لن يكون تلقائياً من طرف حفتر بل سيكون عبر إملاء أو اقتراح من أطراف ضاغطة إقليمياً ودولياً، مع أنه يمتلك علاقات غامضة وخفية ببعض عواصم وبعض مسؤولين غربيين".

وأضاف التهامي لـ"عربي بوست" أنه "قد يلعب دوراً من وراء الستار ولكنه لن يكون قادراً على ذلك لفترة طويلة بسبب علاقات حفتر بعالم المال والأعمال التي يسودها الغموض والتوتر وعدم الخبرة في التعاطي معها وهو ما يعني أنه لا يمكن له أن يكون حاكم ظل إلا إذا توفرت له قنوات مع عالم التجارة ومسالكها وقنواتها ومربعات الدولار فيها وهو ما يضعف هذا السيناريو لتناقضه مع شبكات علاقات حفتر ومع تفكيره".

وأضاف المتحدث أن "خليفة حفتر يحاول تجاوز الموجة العالية التي صاحبت تشكيل الحكومة الجديدة للظهور بشكل جديد وبحجة جديدة لمحاربتها، رغم تخلي مصر عنه باستقبالها رئيس الحكومة الجديدة عبد الحميد الدبيبة وفتح سفارتها في طرابلس".

حفتر.. الغائب عن المشهد الجديد

يقول العميد طيار عادل عبد الكافي لـ"عربي بوست" إن "تخلي مصر عن دعم خليفة حفتر في ليبيا وفتحها علاقات جديدة مع حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس هي بمثابة بداية النهاية لمشروع الكرامة بقيادة الجنرال المتقاعد، خصوصاً بعد أن أيقنت أن حفتر لا يستطيع السيطرة على كامل التراب الليبي ولا هزيمة الجيش الليبي في غرب ليبيا".

وأكد عادل عبد الكافي أن "خليفة حفتر لم يعد له وجود في المشهد القادم، بل إنه أصبح متابَعاً من طرف القانون الدولي والمحلي حول جرائم الحرب التي ارتكبها في ليبيا"، موضحاً أن "هناك قضايا رفعت في بعض المحاكم الأمريكية من قبل بعض المتضررين الليبيين ضد حفتر مما دفع به لتغيير لجنة الدفاع عنه".

وتابع المتحدث أن "العديد من قضايا جرائم الحرب ستلاحق حفتر محلياً ودولياً، منها جرائم ميليشيات الكانيات في ترهونة، والجرائم التي ارتكبت عند الهجوم على طرابلس، وغيرها من الجرائم التي ستؤرق الجنرال المتقاعد، وتجعله مطلوباً لا يستطيع ممارسة أية أعمال سياسية أو عسكرية، حال اتخذت الحكومة الجديدة كل الإجراءات الصارمة ضد كل من يعرقل عملها".

ويعتقد عبد الكافي أنه سيتم تنصيب شخصية عسكرية غير جدلية من المنطقة الشرقية أو الجنوبية بديلة عن خليفة حفتر لقيادة المشهد العسكري في الشرق الليبي لتذليل الصعاب أمام اللجنة العسكرية 5+5 في توحيد المؤسسة العسكرية، وسحب البساط من تحت كل القيادات العسكرية في المنطقة الشرقية كعبدالرزاق الناظوري، وصقر الجروشي، وعبد السلام الحاسي وكل من قاد الحرب على طرابلس وأوغل في دماء الليبيين أولهم حفتر".

ويرى المتحدث أن "العمل بالتوازي بنفس الإجراءات في المسارات الاقتصادية والسياسية لتتمكن الحكومة الجديدة من تحقيق هدف توحيد كل المؤسسات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية في الدولة.

وأضاف عبد الكافي أن "مسألة نهاية حفتر هي مسألة وقت وذلك بعد انتهاء اللجنة العسكرية 5+5 من تشكيل رؤية حول الشخصية التي ستقود المؤسسة العسكرية وتوحيدها وغربلتها من بعض الشخصيات المطلوبة لمحكمة الجنايات الدولية أمثال محمود الورفلى وفرقة الإعدام الموجودة في المنطقة الشرقية".

وأشار المتحدث إلى أن "وجود خطر يكمن في المجموعة الدينية التابعة لعملية الكرامة، التي استحوذت على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، منها أسلحة هجومية وأسلحة ثقيلة ومتوسطة وقامت بتخزينها في بعض المواقع السرية بالمنطقة الشرقية، وهو ما قد يشكل خطر على الداخل الليبي والمجتمع الدولي لما تحمله هذه المجموعات من أفكار متطرفة".

انقلاب مؤجل أم خروج استراتيجي؟

وفي سياق مخالف يرى العقيد طيار سعيد الفارسي، في تصريح خص به "عربي بوست"، أن "مصير خليفة حفتر في المشهد الحالي مرتبط بمدى مهنية عمل اللجنة العسكرية 5+5، إذ هناك سيناريوهات لمصير حفتر، منها في خروج تدريجي من المشهد بعد قيام اللجنة بجملة من الإجراءات أهمها، إلغاء صفة القائد العام للجيش الليبي، وإحالة خليفة حفتر للتقاعد وبالتالي للقضاء العسكري على كل الجرائم التي ارتكبت في ليبيا".

أيضاً، وحسب تصريح المتحدث "سيتم إعادة النظر في كل الترقيات العبثية التي قام بها خليفة حفتر وعقيلة صالح، والنظر في كل الترقيات من عام 2011، والعمل على تفكيك كل التشكيلات المدنية المسلحة بقيادتها، وضمها للمؤسسة العسكرية وفق معايير عسكرية مهنية".

وأضاف المتحدث أنه "إذا لم تلتزم اللجنة العسكرية بهذه المعايير في إنشاء المؤسسة العسكرية فإننا مقبلون على انقلاب جديد من شأنه تمكين حفتر من المشهد الليبي عسكرياً، لكن هذه المرة سيكون عن طريق بعض القيادات العسكرية التي منحت رتباً استثنائية تمكنها اللجنة العسكرية من اعتلاء مناصب في المنطقة الغربية".

وأشار المتحدث إلى أن "خليفة حفتر لن يُفكر إلا في هذا السيناريو ولو بعد حين للانقلاب على الوضع الحالي، أي فسخ مسار الانتقال الديمقراطي والترتيب لإنجاز الاستحقاقات الانتخابية المحددة لـ24 ديسمبر/كانون الأول 2021".

وأشار الفارسي إلى أن خليفة حفتر سيدفع المقربين منه العمل على أن (برقة لن تنال حقوقها في ظل حكومة دبيبه الانتقالية، والعمل جارٍ حالياً على تمرير ذلك إلى ذهنية أنصاره من العسكريين، خاصة في غُرف الاستخبارات العسكرية التابعة له".

وأوضح الفارسي أنه في كل الحالات من الصعب على خليفة حفتر أن "يتخلى عن التفكير في الاستمرار في مشروع حكم ليبيا بالقوة، حتى يُرضي شعوره ورغبته المستمرة في قيادة انقلاب ولو للحظات على غرار ما فعل عام 2014.

ويرى مراقبون أنه بالرغم من إيجابية المشهد السياسي المحلي والإقليمي الجديد والتطورات العسكرية والتي بدأت بوقف إطلاق النار وتشكيل اللجنة العسكرية 5+5، والتي بدورها بدأت العمل على ملف إخراج المرتزقة، وتوحيد المؤسسة العسكرية، غير أنه من المبكر التنبؤ بما بشكل الخارطة السياسية والعسكرية الجديدة وموقع خليفة حفتر فيها.

تحميل المزيد