قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية، الأحد 21 فبراير/شباط 2021، إن العقوبات الدولية والعزلة التي فرضتها جائحة كورونا تُدمر اقتصاد كوريا الشمالية، بينما يثور الزعيم الكوري كيم يونغ أون غضباً، والذي قال سابقاً في اعتراف نادر إن خطته الاقتصادية لم تؤتِ ثمارها.
كان كيم قد اشتكى من أن الخطة الاقتصادية الأخيرة للبلاد قد فشلت فشلاً "ذريعاً". كما قال لحزب العمال الحاكم الشهر الماضي، وهو يصرخ ويوجه أصابع الاتهام إلى المندوبين المرتعدين أمامه، إن الدائرة المقربة منه كانت تفتقر إلى "وجهة النظر المبتكرة والتكتيكات الواضحة" لرسم خطة اقتصادية جديدة، حسب قوله.
فيما أقال كيم وزير اقتصاده الذي كان قد عينه في شهر يناير/كانون الثاني الماضي فقط.
لكن الصحيفة الأمريكية رأت أن ما يحدث ليس مفاجئاً تماماً، حيث تعاني كوريا الشمالية من أسوأ ركودٍ تمر به منذ أكثر من عقدين، كما يقول الخبراء. وهو حصيلة العقوبات الدولية والحصار الذاتي المفروض على التجارة الدولية في محاولة لإبقاء البلاد خالية من وباء كورونا.
إغلاق المصانع
خاصة أن نقص قطع الغيار الواردة عادةً من الصين، يتسبب في إغلاق المصانع، من بينها واحد من أكبر مصانع الأسمدة في البلاد، وفي تعطيل الإنتاج في محطات توليد الطاقة القديمة في البلاد، وفقاً لتقارير إخبارية. وقد اعترف كيم نفسه في منتصف فبراير/شباط بأن نقص الكهرباء، الذي لطالما كان يمثل مشكلةً مزمنةً، قد أصبح حاداً لدرجة أن الإنتاج توقف في بعض مناجم الفحم ومناجم أخرى.
رغم تلك التطورات، ليس من المرجح أن تُهدد الأزمة الاقتصادية نظام كيم أو أن تفرض أي تراجعٍ في موقف كوريا الشمالية مع الولايات المتحدة والحلفاء حيال برنامج بيونغ يانغ النووي، ولا أن تؤدي إلى مجاعةٍ- كما حدث في التسعينات عندما مات مئات الآلاف من الكوريين. يرجع ذلك جزئياً إلى أن إنتاج وتوزيع المواد الغذائية قد تطور في العقد الماضي، كما أن الصين الحليفة ستهب لنجدة كوريا الشمالية متى دعت الحاجة، وفق مراقبين.
إلا أن تلك الأزمة الاقتصادية الحادة تُنذر بالمزيد من البؤس والمعاناة لملايين الكوريين الشماليين العاديين. فحتى في العاصمة بيونغ يانغ، معقل النظام ومستقر نخبته، يقول ماتسيغورا إن الأرفف قد فرغت، وبات من الصعب الحصول على السلع الأساسية مثل المكرونة والدقيق والخضار والزيت والسكر وغيره، وكذلك الملابس والأحذية.
أداء كيم يزيد الأمر سوءاً
صحيفة The Washington Post الأمريكية اعتبرت استجابة كيم للأزمة تزيد الأمر سوءاً على ما يبدو؛ ففي خطاباته للحزب الحاكم طالب كيم باسترجاع وتقوية النظام الذي يعمل الاقتصاد في ظله "تحت القيادة والإدارة الموحدة للدولة"، مشدداً بشكل خاص على قطاع التعدين والصناعات الكيماوية باعتبارها "الرابط الأساسي في سلسلة التطور الاقتصادي كاملة".
بينما أعلن كيم أيضاً عن خطط لتوسعة سيطرة الدولة على المجتمع، وتضييق الخناق على الثقافة ووسائل الإعلام الأجنبية، وإطلاق "حملة دعائية كبرى ضد الممارسات التي تعاكس نمط الحياة الاشتراكي".
يُشار إلى أن قادة الاقتصاد الكوري الشمالي بشكل عام يسيرون على غير هدىً، دون حتى الاتكاء على البيانات اللازمة التي يعتمد عليها لإدارة اقتصاد مركزي، بحسب كيم بيونغ يون، أستاذ الاقتصاد بجامعة سيول الدولية.
محاولة كيم لإنعاش سيطرة الدولة على الاقتصاد قد تكون نابعة جزئياً من رغبة في السيطرة على الموارد المحدودة المتاحة. لكنها قد تكون نابعة كذلك من إحساس بعدم الأمان.
حيث يؤكد يون أستاذ الاقتصاد بجامعة سيول الدولية أن الاقتصاد كان مفتوحاً إلى حد ما قبل فرض العقوبات، وحاول تشجيع الناس عبر القول إنهم يستطيعون التغلب على الأزمة بالالتزام بالعقيدة الجوتشية الرسمية لكوريا الشمالية التي يقول المبدأ الرئيسي فيها إن "الإنسان هو سيد كل شيء ومقرر كل شيء". لكنه إن حاول تطبيقها حقاً فإنها ستفاقم الأوضاع الاقتصادية.
استراتيجية اقتصادية فاشلة
كان كيم قد اعترف، الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني 2021، بوجود ثمة "أخطاء" تخللت "تنفيذ استراتيجية التنمية الاقتصادية الوطنية"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء المركزية الكورية في بيونغ يانغ.
وبينما تناوب أكثر من 3000 مندوب بين تدوين الملاحظات بدأب والتهليل للزعيم، حلل كيم "الأوضاع الحالية للقطاعات الصناعية الرئيسية"، ووجد خطأً في كل منها، "بما في ذلك قطاعات المعادن، والكيماويات، والكهرباء، والفحم، والآلات، والصناعات التعدينية".
جاء اعتراف كيم بالفشل بعد عام من الوباء، والأعاصير، والفيضانات، وعقوبات الولايات المتحدة والأمم المتحدة بمثابة أكبر كشف صادم عن ضعفه وضعف بيروقراطية حزبه.
مع ذلك لا يعترف كيم بالفشل الشخصي، إذ يفضل إلقاء اللائمة على المسؤولين من حوله، رغم اقترابه من الاعتراف بمشاكل بلده- حيث يعاني مواطنوه من الجوع والمرض- أكثر مما سبق، بحسب موقع Daily Beast الأمريكي الذي قال إن "اعتراف كيم الاقتصادي الصادم يُعد أسلوباً مفاجئاً افتتح به المؤتمر الحزبي الثامن في البلاد، الذي يحاول فيه تكريم القوات المسلحة".