بينما يُتهم المسلمون في فرنسا بـ”الانفصالية”.. مسجد بباريس يُؤوي المشردين ويقدم لهم ألف وجبة يومياً (صور)

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/18 الساعة 06:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/18 الساعة 06:56 بتوقيت غرينتش

بينما يُتهم مجتمع المسلمين في فرنسا بـ"الانفصالية"، قدم مسجد "مانت سود"، بالقرب من العاصمة باريس، نموذجاً يحتذى به في التضامن، بفتح أبوابه للمهاجرين والمشردين، ليقيهم من الجوع، ويحميهم من برد الشتاء القارس.

إدارة المسجد، الموجود بضاحية مانت سود بإقليم إيفيلين، نشرت إعلانات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا يقضي أحد الليل بلا مأوى أو طعام.

وجبات عشاء مجانية لألف شخص

يضم المسجد قسماً للضيافة، ولكن مع ازدياد أعداد القادمين وضعت إدارة المسجد أسرّة في جزء من القسم المخصص للصلاة لاستيعابهم، كما تقدم لهم ثلاث وجبات ساخنة يومياً. 

المسلمون في فرنسا يستضيفون المشردين في أحد المساجد/ الأناضول
المسلمون في فرنسا يستضيفون المشردين في أحد المساجد/ الأناضول

كما يتم أيضاً تقديم وجبة عشاء مجانية لحوالي ألف شخص يومياً بواسطة ما يعرف بـ"أهل الصُّفّة" وهي مأخوذة عن سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

و"الصفة" كان مكاناً في المسجد النبوي الشريف أمر به النبي فظُلل بجريد النخل وأعد لنزول الغرباء من المهاجرين والوافدين الذين لا مأوى لهم ولا أهل ليؤويهم ويقدم لهم الطعام والشراب.

"لن أنسى استضافة المسلمين"

قبل إيوائهم في المسجد كان بعض المهاجرين والمشردين لا يجدون مأوى للاحتماء من برد الشتاء القارس، ووصل بهم الحال لدرجة إحراق ملابسهم للتدفئة.

المهاجر إيشور من نيبال، أشار إلى أنه جاء من بلاده لفرنسا وهو يحمل الكثير من الآمال، لكنه صُدم بالواقع، فأصبح مشرداً في الشوارع، مضيفاً: "فرنسا لا تتيح البقاء لأي مهاجر في دور الرعاية سوى عامين فقط، ومن ثم تطرده إلى الشارع".

إيشور أضاف: "هنا في فرنسا الحصول على مكان للإقامة أمر صعب واستضافته أمر شبه مستحيل"، معرباً عن سعادته باستضافته في المسجد قائلاً؛ "لن أنسى أبداً أن المسلمين فتحوا لي أبوابهم في تلك الليالي شديدة البرودة". 

المسملون في فرنسا: نعمل بالسنة النبوية

من جانبه، قال عبدالعزيز الجوهري، رئيس جمعية المسجد، إنهم بنوه عام 2015، وإنه يُعد داراً للعبادة ومركزاً للعلم إلى جانب القيام بأنشطة اجتماعية أخرى، كما يضم مكتبة غنية للغاية للأطفال والكبار.

مسجد فرنسي يحمي المشردين من الجوع والبرد/ الأناضول
مسجد فرنسي يحمي المشردين من الجوع والبرد/ الأناضول

كما أشار إلى أنهم اتخذوا من المسجد النبوي نموذجاً عندما شرعوا ببناء مسجدهم، فكان الهدف التقريب بين الناس، وإتاحة الفرصة لهم بالتعلم، والقيام بالدور الاجتماعي. 

الجوهري أضاف أنهم سيقومون قريباً ببناء طابق ثالث للمسجد وسيكون مركزاً للتعلم. 

وتابع: "أردنا اتباع السنة النبوية فقد كان المسجد النبوي يضم الصُّفة، وكانت تشغل ثلث مساحة المسجد، وكان ينزل بها من لا يجدون الطعام ولا المأوى، وكان يتم الاعتناء بهم، فقمنا نحن أيضاً بتخصيص ثلث مساحة مسجد مانت سود لتقديم تلك الخدمات".

وأوضح الجوهري أنهم يفتحون أبواب المسجد طوال العام ليكون مأوى للمشردين، وأنهم يوفرون لهم مكاناً للنوم ولتناول الطعام، كما أن هناك إمكانية لغسل الملابس والاستحمام".

استضافة غير المسلمين

لفت الجوهري أيضاً إلى أنهم يقدمون المساعدات ويوفرون الطعام والملابس للمشردين ويوصلونها لهم على مدار العام، مشيراً إلى أنه نظراً لزيادة القادمين إلى المسجد في هذه الفترة وبسبب البرد القارس خصصوا جزءاً من قسم الصلاة ليتمكنوا من استيعابهم.

كما أكد الجوهري أنهم يستضيفون كل من يلجأ إليهم وليس المسلمين فحسب، وأنهم يرحبون بالجميع دون النظر إلى أصولهم أو معتقداتهم، وأن كل من يلجأ إليهم يجد أبوابهم مفتوحة دائماً، وهو عمل يقومون به ابتغاء مرضاة الله.

مسجد فرنسي يحمي المشردين من الجوع والبرد/ الأناضول
مسجد فرنسي يحمي المشردين من الجوع والبرد/ الأناضول

وذكر أن الدعوة التي وجهوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاستضافة المهاجرين والمشردين لاقت استجابة من المسلمين وغيرهم، موضحاً أن الكثير من الناس عرضوا القدوم إلى المسجد وتقديم المساعدة، ومنهم من قدم المساعدات العينية ومنهم من أراد العمل متطوعاً.

إلى جانب ذلك، لفت الجوهري إلى أن المجتمعات تشهد شعوراً بالوحدة والانعزال يتزايد هذه الأيام مع انتشار وباء كورونا، إلا أن الجالية المسلمة في مانت سود تحرص على نشر ثقافة التضامن في ظل هذه الظروف.

متطوعون سعداء 

وقالت عائشة بن دوخة، إحدى المتطوعات في المسجد، وهي من أصل جزائري، إنها تأتي إليه كل يوم سبت وتشارك في أعمال الخير كمتطوعة.

كما أوضحت بن دوخة أن النساء يتطوعن لإعداد الطعام للمهاجرين والمشردين، ويقدمنه إلى أكثر من  150 فرداً في دار الضيافة وحدها.

بدورها أعربت خديمة كدغام عن سعادتها لحصولها على هذه الفرصة لخدمة المهاجرين والمشردين، قائلة: "إن عدد المتطوعين يزداد يوماً بعد يوم، وإن الجميع يسعى إلى القيام بوظيفته على أكمل وجه".

 كدغام أضافت: "عندما نفيد ونساعد الغير فإن ذلك يمنحنا القوة والنشاط ويشجعنا على تقديم المزيد".

تحميل المزيد