قبل أيام معدودة من الانقلاب الذي شهدته ميانمار، وأطاح بزعيمة البلاد أونغ سان سوت تشي، التقى القائد العسكري لميانمار، مين أونغ هلينغ بوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان لموسكو دور في الإطاحة بالسلطة التي كانت حاكمة.
صحيفة The Tımes البريطانية، قالت الأحد 14 فبراير/شباط 2021، إن مين أونغ هلينغ، القائد العسكري البورمي والعقل المدبر لحملة التطهير العرقي الدامية على مسلمي الروهينغا، كان قد احتفى بزيارة وزير الدفاع الروسي قبل أيام من الانقلاب.
تشير الصحيفة إلى أن شويغو هو مدبر الهجمات العسكرية الروسية الوحشية في أوكرانيا وسوريا، مضيفةً أنه حين التقى الرجلان أواخر شهر يناير/كانون الثاني 2021، احتفلا بآخر صفقة أبرمتها ميانمار لشراء أسلحة روسية، وحينها أشاد أونغ هلينغ بالعلاقات الروسية الميانمارية.
لكن بات توقيت هذه الرحلة، والعبارات الحارة في التعبير عن الثقة في دعم موسكو والعلاقة الودية بين الزعيمين العسكريين مثار اهتمام.
فبعد أقل من أسبوع من زيارة شويغو التي استمرت ثلاثة أيام إلى بورما، شن مين أونغ هلينغ انقلاباً لإطاحة الحكومة المنتخبة واعتقل زعيمتها، وانبلج الصبح ليكشف عن عربات مدرعة روسية الصنع في الشوارع؛ في إشارة قوية لعمق الروابط العسكرية بين البلدين.
بحسب الصحيفة البريطانية، يدور حديث في الأوساط السياسية والتجارية البورمية المرتبطة بتاتماداو (القوات المسلحة الميانمارية)، حول أن الجنرال أونغ هلينغ لم يُسِرّ بخططه إلى شويغو فحسب، بل نال موافقته أيضاً.
العلاقة بين ميانمار وروسيا
وتشهد منطقة جنوب شرق آسيا تركيزاً دائماً على دور وتأثير الصين، لكن العلاقات بين قوات ميانمار وبكين يسودها التوتر، "وسط استياء ميانمار من نوعية العتاد العسكري الصيني وعدم رضاها عن تزويد المتمردين العرقيين في بورما بالأسلحة الصينية".
كذلك فإن جيش ميانمار يواجه حظراً طويل الأمد على مبيعات الأسلحة من الغرب، وهكذا تبنّى مين أونغ هلينغ السلاح الروسي في تحديث الجيش، وكان قد التقى شويغو ثماني مرات على الأقل، حيث زار موسكو 6 مرات، وحرص في الوقت نفسه على موازنة العلاقات مع بكين.
ثمة جانب آخر للعلاقة بين البلدين، ففي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف يوم الجمعة الماضي، انضم مبعوث موسكو إلى مبعوث بكين في التحجج بأعذار بالية تنتقد التدخل في "الشؤون الداخلية" للدول الأخرى، وتمكنا من تخفيف قرار يدين الانقلاب، الذي اشترك في صياغته بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
إضافة إلى ذلك، فمن أجل مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية في الداخل واستياء الغرب في الخارج، يجد مين أونغ هلينغ نفسه في أمسّ الحاجة إلى دعم سلطات الصين وروسيا في استخدام حق النقض في الأمم المتحدة، والثقة في أن أكبر موردي الأسلحة لبلاده سوف يعملون على حمايتها من العقوبات.
يقول براشانث بارامسواران، مدير الأبحاث في شركة Bower Group Asia الاستراتيجية: "روسيا صعّدت من لعبتها لإشراك ميانمار في السنوات الأخيرة في إطار جهودها لتعزيز وجودها في آسيا- المحيط الهادئ في ظل حكم فلاديمير بوتين".
أضاف بارامسواران: "زيارة شويغو الأخيرة وسيلة يعزز بها جيش ميانمار فكرة أنه لا يزال لديه صديق. وإذا استمرت الهيمنة العسكرية على البلاد بشكل أكبر فلنا أن نتوقع استمرار ازدهار العلاقات الدفاعية بين ميانمار وروسيا".
يُذكر أن الولايات المتحدة أعلنت الخميس الماضي فرض عقوبات على قادة المجلس العسكري الانقلابي، وعدد من شركات الأحجار الكريمة، محذّرة من مزيد من العقوبات في حال لجأ الجيش مجدّداً للعنف في التصدّي للمحتجين الرافضين للانقلاب، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
كذلك وغداة إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه بصدد اتّخاذ تدابير عقابية بحقهم، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على عشرة قادة عسكريين بورميين حاليين وسابقين، مسؤولين عن انقلاب الأول من فبراير/شباط، تشمل تجميد أي أصول أو تعاملات لهم في الولايات المتحدة.
كان المجلس العسكري قد استخدم لغة الترهيب ضد المحتجين على الانقلاب، واستخدم الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والأعيرة المطاطية، وقد وردت تقارير عن استخدام الرصاص الحي.