صادق المجلس الوزاري في المغرب برئاسة الملك محمد السادس، يوم الخميس 11 فبراير/شباط 2021، على 4 مشاريع قوانين الانتخابات التشريعية وذلك في ظل اختلاف الأغلبية على بعض القوانين التي لم يحسم فيها بعد.
وتهدف قوانين الانتخابات المصادق عليها إلى "تطوير قواعد النظام الانتخابي، وتقوية الضمانات الانتخابية، وضبط قواعد استفادة الأحزاب السياسية من الدعم المالي، وتخليق العمليات الانتخابية، وتعزيز الشفافية المالية للحملات الانتخابية للمرشحين"، حسب بلاغ للديوان الملكي، الذي صدر عقب الاجتماع الوزاري.
ومن المنتظر أن تُنظم الانتخابات البرلمانية في المغرب في سنة 2021، إذ سينتخب أعضاء البرلمان لولاية جديدة ستدوم 4 سنوات، مقابل ذلك ستجري الانتخابات الجماعية لانتخاب أعضاء مجالس جماعية جديدة بعد خمس سنوات من تنظيم آخر انتخابات محلية في البلاد سنة 2016.
قوانين الانتخابات التشريعية
نصت القوانين المصادقة عليها على تطوير الآلية التشريعية المتعلقة بتمثيل النساء في مجلس النواب (الغرفة الأولى من البرلمان)، من خلال تعويض الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر انتخابية جهوية، بالإضافة إلى تنافي صفة برلماني مع رئاسة مجالس الجماعات (عمدة) التي يفوق عدد سكانها 300 ألف نسمة.
أما بخصوص مجلس المستشارين (الغرفة الثانية من البرلمان) نصت التعديلات على الحفاظ على تمثيلية المهنية للمشغلين (رجال الأعمال) الأكثر تمثيلية على فريق برلماني خاص بها داخل المجلس، وذلك بهدف تمكينها من التعبير عن مطالب الفاعلين الاقتصاديين والمقاولات الوطنية، الكبرى والمتوسطة والصغرى.
أما بشأن انتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية (البلديات)، يهدف مشروع القانون الجديد لـ"ضبط مسطرة الترشح لانتخابات مجالس العمالات والأقاليم (المحافظات)، وإقرار آلية لضمان مشاركة النساء، عن طريق تخصيص ثلث المقاعد لهن في كل مجلس".
ورغم أن أهم القوانين الانتخابية تمت المصادقة عليها في المجلس الوزاري، إلا أن مسألة القاسم الانتخابي تُركت حسب مصدر "عربي بوست" إلى البرلمان المغربي للحسم فيها، وذلك بسبب عدم اتفاق الأغلبية منهجية احتساب عدد الأصوات المطلوبة للحصول على مقعد نيابي في كل دائرة انتخابية.
"نزاع الأغلبية"
يعدّ القاسم الانتخابي منهجية لتوزيع المقاعد البرلمانية بناء على قاعدة معينة، إما باحتساب عدد الأصوات الصحيحة، وإما باحتساب عدد المصوّتين، أو باحتساب عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، ووفقه يُحدد عدد الأصوات التي تخوّل كل حزب الحصول على مقعد انتخابي.
وأعاد مقترح القاسم الانتخابي إلى واجهة الحياة السياسية المغربية الجدل الذي يسبق الاستحقاقات البرلمانية في المغرب، خصوصاً أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي وجد نفسه هذه المرة في مواجهة أغلب الأحزاب السياسية التي اصطفت وراء مقترح واحد ووحيد، وهو تعديل طريقة اقتسام الأصوات.
سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قال في تصريح لـ"عربي بوست" إن "حزب العدالة والتنمية يرفض قبول مقترح القاسم الانتخابي الذي تتقدم به بعض أحزاب المعارضة لأنه "يخالف ما جاء في الفصل 7 من الدستور، الذي يمنح الأحزاب السّياسية مهمة التعبير عن إرادة النّاخبين، ما يجعل التنظيمات السياسية تستمدّ مشروعيتها من إرادة النّاخبين الذين صوّتوا وليس من غيرهم".
من جهة أخرى، تقدم فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمجلس المستشارين بمقترح قانون تنظيمي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي 27.11 المتعلق بمجلس النواب والذي ينصُّ على الرفع من عدد البرلمانيين من 395 حالياً إلى 425، وذلك بإضافة "كوتا" لمغاربة العالم تتمثل في 30 برلمانياً، وذلك بالاقتراع العام المباشر.
ودعا مقترح القانون إلى أن تحدث دوائر انتخابية خارج التراب الوطني بمرسوم، يراعى في تحديد الدوائر البلدان التي يتوفر فيها المغرب على تمثيلية دبلوماسية أو قنصلية، مطالباً بأن يكون النفوذ الترابي للدائرة متصلاً بحدود برية.
مقاعد للنساء
صادق المجلس الوزاري على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية، والذي نّص على تخصيص ثلثي مقاعد مجالس العمالات والأقاليم للنساء على الأقل، وذلك مع ضمان حق الترشح في اللائحة الرئيسية.
ينص مشروع القانون على تضمين لائحة الترشيح جزأين، يخصص الجزء الثاني منها الذي يشتمل على ثلث المقاعد الواجب ملؤها لترشيحات النساء، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد المخصصة للجزء الأول من لائحة الترشيح، كما تتمتع وكيلة لائحة النساء بنفس الحقوق المخولة لرأس لائحة الترشيح.
أما بخصوص انتخاب أعضاء المجالس الجماعية، فإن المشروع نص على رفع عدد المقاعد المخصصة للنساء في الجماعات الخاضعة لنمط الاقتراع الفردي من 4 إلى 5 مقاعد في كل جماعة، كما تم تحديد عدد مقاعد النساء في مجالس الجماعات التي لا يفوق عدد سكانها 100 ألف نسمة في 8 مقاعد مقابل 10 مقاعد في الجماعات التي يزيد عدد سكانها عن 100 ألف نسمة.
أحمد العلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس في الرباط قال في تصريح لـ"عربي بوست" إن "رفع تمثيلية النساء في الجماعات المحلية سيساهم في تقوية دور المرأة في الحياة السياسية المحلية، والتي تهيمن عليها في أغلب الأوقات العقلية الذكورية، وهذا الأمر بعيد عن السياسة الريعية التي يتم الترويج لها مؤخراً".
رفع دعم الأحزاب
من بين القوانين التنظيمية التي صادق عليها المجلس الوزاري قانون رفع من قيمة الدعم العمومي المخصص للأحزاب، بقصد "مواكبتها، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية، مع تخصيص جزء لفائدة الأطر التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار".
وأقر مشروع القانون التنظيمي الجديد للرفع من قيمة الهبات والوصايا والتبرعات النقدية والعينية للأحزاب السياسية من 30 مليون سنتيم الحالية إلى 50 مليوناً لكل متبرع، بالإضافة إلى السماح لها بتأسيس شركات التواصل والأنشطة الرقمية من أجل الحصول على عائدات مالية إضافية، وأيضاً تحسين مستوى الأداء الحزبي، وبالتالي الرفع من جودة التشريعات السياسات العمومية.
أحمد العلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس في الرباط، قال في تصريح لـ"عربي بوست" إن "الرفع من الدعم المقدم للأحزاب السياسية كان ضرورياً أن يُقرن بأدائها التشريعي والحزبي طيلة السنوات الماضية، لأنها طيلة هذه الفترة كانت تحصل على ميزانيتها من طرف الدولة، لذلك يجب محاسبتها قبل رفع الدعم".
وأضاف المتحدث أنه أصبح من الضروري "ربط الدعم بالأداء، فمثلاً مجموعة من الأحزاب السياسية تراجع دورها والأمر كُشف بشكل كبير في أزمة كورونا، التي كانت فيها الأحزاب السياسية غائبة بشكل كلي، وبالتالي فإن رفع الدعم المقدم لها هو عبارة عن رشوة سياسية".