خلصت دراسة علمية حديثة إلى أن سلالة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" التي اكتُشِفَت مؤخراً لأول مرة في المملكة المتحدة صارت أكثر فتكاً نسبياً بالعدد المتزايد من الأشخاص الذين يُصابون بها.
إذ قالت صحيفة Washington Post الأمريكية، في تقرير لها نُشر الأحد 14 فبراير/شباط 2021، إن العلماء حدَّدَوا بالفعل أن سلالة فيروس كورونا التي اكتُشِفَت في بريطانيا، الخريف الماضي، والمعروفة باسم B.1.1.7 بسبب تركيبتها الجزيئية، ربما تكون أكثر قابليةً للانتقال بنسبة 30 إلى 70% من النسخة الأصلية للفيروس المُسبِّب لمرض كوفيد-19.
كما يؤكد علماء المملكة المتحدة الآن أن هذه السلالة ربما تكون أكثر فتكاً بنسبة 30 إلى 70%، بناءً على دراسة متابعة أجرتها الحكومة وصدرت يوم الجمعة 12 فبراير/شباط الجاري، وقيَّمَت عيِّنةً أكبر من مرضى كوفيد-19، ووجدت معدَّلاً أعلى من الاستشفاء.
خطر الوفاة
وفقاً للدراسة، التي استُمدت من قواعد بيانات متعدِّدة في أنحاء البلاد، فإن السلالة "ترتبط بزيادة خطر الوفاة مقارنةً بالإصابة" مقارنةً بأشكالٍ أخرى من الفيروس.
صحيفة Washington Post الأمريكية أوضحت أنه لا تزال هناك عدة أمور مجهولة، إذ تحتوي البيانات المتاحة للدراسة فجواتٍ ملحوظة في التركيبة السكَّانية الحركة، مثل دور رعاية المسنين، وتوفُّر حصيلة غير كاملة للعدوى، وهي مشكلةٌ استمرَّت طوال الجائحة.
لكن الدراسة تؤكِّد كيف تستغرق البيانات العلمية وقتاً لجمعها والوصول إليها- حتى مع جهود التعقُّب السريع لمكافحة الفيروس- رغم الحاجة المُلِحَّة للمعلومات.
يذكر أنه في الأشهر التي تلت الإعلان عن السلالة لأول مرة، انتشر الفيروس شديد العدوى إلى أكثر من 80 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، وأصبح سلالةً سائدةً في بعضٍ من أجزاء بريطانيا.
أدَّى ذلك إلى اكتظاظ المستشفيات وتعطيل السفر والأعمال، واستلزم علاوة على ذلك العودة إلى إجراءات الإغلاق في المدن في جميع أنحاء أوروبا، حتى مع بدء برامج التطعيم ضد فيروس كورونا المُستجَد لتلقيح الملايين من الناس.
وذكرت صحيفة Washington Post الأمريكية أن البلدان الأخرى في أوروبا التي أبلغت لأول مرة عن حدوث زيادة مفاجئة في الحالات شهدت هذا الشتاء انخفاضاً في معدلات انتقال العدوى بعد فرض الإغلاق لفتراتٍ طويلة لمنع انتشار سلالة B.1.1.7.
إلى ذلك، أصدرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يوم الأربعاء 10 فبراير/شباط 2021، إرشاداتٍ جديدة تحثُّ الناس على ارتداء قناعين من القماش أو كماماتٍ طبية، عند توفُّرها، للحدِّ من فرصة انتشار السلالة أو الإصابة بأشكال الفيروس المختلفة السائدة.
4000 سلالة متحورة من كورونا
كان ناظم الزهاوي، وهو الوزير البريطاني المسؤول عن توزيع اللقاحات في المملكة المتحدة، قد أعلن يوم الخميس 4 فبراير/شباط 2021، أن هناك حالياً نحو 4000 سلالة متحورة من الفيروس التاجي في مختلف أنحاء العالم، لذا يحاول جميع منتجي اللقاحات بما في ذلك فايزر وأسترازينيكا تحسين لقاحاتهم.
حيث قال لمحطة سكاي الإخبارية، إنه من غير المرجح بشدة ألا يكون اللقاح الحالي فعالاً مع السلالات المتحورة سواء في مقاطعة كنت (جنوب شرق بريطانيا) أو مع سلالات أخرى، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالأعراض الشديدة والعلاج في المستشفيات.
فيما تبحث جميع الشركات المصنعة، فايزر-بيونتيك ومودرنا وأكسفورد-أسترازينيكا وغيرها، كيفية تحسين لقاحاتها للتأكد من مدى الجاهزية لأي سلالة. ويقولون إن منتجاتهم لا تزال فعَّالة ضد أحدث أشكال الفيروس.
حسبما هو موثق ومعلن رسمياً، يواجه العالم الآن 3 سلالات متحورة جديدة من فيروس كورونا، في إنجلترا وجنوب إفريقيا والبرازيل، وقد ظهرت تلك السلالات الجديدة في عدد من دول العالم، الأمر الذي يسبب رعباً لدى البعض.
إلا أن هذه السلالات لا تزال قيد الدراسة، واللقاحات قيد التطوير أو الاستخدام الطارئ.
سلالة كورونا الجديدة ظهرت بسبب أخطاء صحية
كانت وكالة الصحة العامة في المملكة المتحدة قد قالت مؤخراً إن السلالة الجديدة ظهرت في بريطانيا بسبب أخطاء ارتكبتها السلطات الصحية، في اعتراف يسدل الستار على جدل واسع دار في الآونة الأخيرة حول السياسة التي اتبعتها بريطانيا في تأخير الجرعة الثانية من لقاح كورونا، والتي أثارت انتقاداً واسعاً داخلياً وأوروبياً.
فقد شكلت سياسة المملكة المتحدة في تطعيم المواطنين بشكل غير إرادي السبب وراء إنتاج طفرات جديدة من فيروس كورونا، حسب تقرير وكالة الصحة العامة البريطانية الذي أشار إلى أن مختصين راقبوا هذه الطفرة بشكل خاص، لأنها تجمع بين طفرة N501Y المعروفة باسم المتغير الإنجليزي، وهو أكثر عدوى، وطفرة 484K، التي يبدو أن لها تأثيراً على فاعلية اللقاح، والتي من شأنها أن تقلل فاعليته جزئياً.
سياسة نالها الانتقاد
كانت المملكة المتحدة قد حاولت قبل نحو أسبوعين الدفاع عن سياستها في التطعيم، والتي تعتمد على تأخير الجرعة الثانية من اللقاح، لأكثر من 3 أسابيع، من خلال تقرير نشرته قالت إنه يقدم أدلة من الواقع على أنَّ اللقاح قد آتى مفعوله في حماية البريطانيين.
التقرير قال إن البيانات الأولية تؤكد صحة السياسة البريطانية التي تعتمد على فاعلية اللقاح من الجرعة الأولى في كل من كبار السن الذين تزيد أعمارهم على 80 عاماً، والبالغين الأصغر سناً، والتي تزداد بمرور الوقت، قبل الحصول على حماية أقوى وأفضل على المدى الطويل من خلال جرعة ثانية متأخرة.
هذه السياسة نالت انتقادات عدة، كان أهمها الانتقاد المباشر الذي وجهه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاستراتيجية البريطانية في التطعيم.
كانت بريطانيا، التي سجلت أكثر من 120 ألف وفاة بكوفيد-19، أول دولة غربية تبدأ التطعيم الجماعي، وكان ذلك في ديسمبر/كانون الأول 2020. وترى البلاد في التطعيم طريقاً لإنهاء قيود العزل الصارمة التي تسببت في أكبر تراجع للإنتاج الاقتصادي منذ أكثر من 300 عام.
يشار إلى أنه منذ الرابع من شهر يناير/كانون الثاني 2021، تم فرض إغلاق وطني في بريطانيا، وهو الثالث على التوالي وصارم مثل الأول، خاصة مع الانتشار السريع للسلالات الجديدة.