عاد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الجمعة 12 فبراير/شباط 2021، مرة أخرى إلى بلاده بعد نحو شهر من العلاج عقب إجرائه في ألمانيا عملية جراحية بقدمه اليمنى مرتبطة بالإصابة بكوفيد-19، وكُللت بالنجاح، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية. وأثارت رحلة علاجه الثانية جدلاً واسعاً داخل البلاد بشأن احتمالية تكرار سيناريو سلفه عبد العزيز بوتفليقة.
كان في استقبال تبون لدى وصوله إلى الجزائر، كل من رئيس مجلس الأمة بالنيابة صالح قوجيل، ورئيس المجلس الشعبي الوطني سليمان شنين، ورئيس المجلس الدستوري كمال فنيش، والوزير الأول عبدالعزيز جراد، ورئيس أركان الجيش الجزائري الفريق السعيد شنقريحة، ومدير ديوان رئاسة الجمهورية نور الدين بغداد دايج.
كما قال التلفزيون الجزائري الرسمي في شريط عاجل، إن رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، عاد إلى أرض الوطن اليوم، وذلك دون مزيد من التفاصيل.
فيما ظهر تبون، على عكس المرة السابقة، واقفاً وهو يحيي المسؤولين الذين كانوا في استقباله للتأكيد على تعافيه من إصابة سابقة في قدمه.
بينما كان قد ظهر جالساً لدى عودته من رحلته العلاجية الأولى.
رحلة علاج ثانية من نوعها
يُذكر أنه في 10 يناير/كانون الثاني 2021، أعلنت الرئاسة الجزائرية أن تبون غادر إلى ألمانيا لاستكمال العلاج من تبعات إصابته بفيروس كورونا.
كانت رئاسة الجمهورية الجزائرية صرّحت، في وقت سابق، بأن هذه العملية كانت مبرمجة قبل رجوع تبون إلى الجزائر يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2020، إثر زيارة أولى للعلاج بألمانيا، غير أن التزاماته داخل الوطن حالت دون ذلك، كما قالت.
فيما أوضح تبون، في 10 يناير/كانون الثاني الماضي، قبيل مغادرته أرض الجزائر، انطلاقاً من القاعدة الجوية في بوفاريك (البليدة)، أنَّ انتقاله إلى ألمانيا للمرة الثانية يأتي بغرض "استكمال البروتوكول الذي سطَّره الأطباء، والذي تبقى منه القليل"، لكنه وصفه بـ"الضروري"، منوهاً حينها إلى احتمال خضوعه لعملية جراحية بسيطة في القدم.
تعد هذه الرحلة العلاجية هي الثانية من نوعها لتبون، بعد أولى دامت من نهاية أكتوبر/تشرين الأول، إلى 29 ديسمبر/كانون الأول الماضيين، للعلاج أيضاً من كورونا.
جدل حول احتمالية تكرار "سيناريو بوتفليقة"
تجدر الإشارة إلى أنه بعد عودته للجزائر نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020، قاد تبون اجتماعات مع الحكومة وكبار المسؤولين، ووقَّع بعدها قانون الموازنة لعام 2021، وصدّق على التعديل الدستوري الجديد، وترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للأمن، فضلاً عن أنه أمر بتسريع إعداد قانون الانتخابات الجديد، قبل أن يعود إلى ألمانيا في رحلته العلاجية الثانية.
إلا أن زيارات تبون الخارجية من أجل تلقي العلاج، والتي اتسمت بطول فترتها، أثارت جدلاً واسعاً داخل البلاد بشأن أبعاد حالته الصحية، وعما إذا كان الأمر قد يعيد إلى الأذهان سيناريو الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، مع تزايد التساؤلات عمن يحكم البلاد، في حديث متزايد عن سيطرة المؤسسة العسكرية على مقاليد الحكم كافة، خاصة في ظل غياب تبون بالخارج.
تقارير محلية تشير إلى أن تبون بانتظاره ملفات وتحديات مهمة تتعلق بمواصلة الإصلاحات السياسية التي تعهد بها، وعلى رأسها التحضير لإجراء انتخابات محلية وتشريعية لاستكمال بناء شرعية مؤسسات الدولة، ومنح الشعب حرية اختيار ممثليه، بعد الموافقة على القانون الجديد للانتخابات واستدعاء الهيئة الناخبة، فضلاً عن احتمالية مواجهته استئناف الحراك الاحتجاجي الذي يدعو البعض إلى إعادة إحيائه.
كما ترجح بعض التقارير قيام تبون بإجراء تعديلات حكومية؛ لضخ دماء جديدة في الجهاز التنفيذي تماشياً مع التحديات الداخلية والخارجية، خاصةً أنه لمح إلى ذلك قبيل مغادرته إلى ألمانيا.
كان تبون قد تعهد باتخاذ خطوات تهدف إلى تنويع موارد الاقتصاد بعيداً عن النفط والغاز، اللذين يشكلان 60% من ميزانية الدولة، و94% من عائدات الصادرات.
وتواجه الدولة العضوة بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ضغوطاً مالية نتيجة الانخفاض الحاد في إيرادات الطاقة، مما أجبر الحكومة على خفض الإنفاق وتأجيل بعض المشروعات الاستثمارية.