قالت أربع وكالات للأمم المتحدة، الجمعة 12 فبراير/شباط 2021، إن ما لا يقل عن 400 ألف طفل يمني دون سن الخامسة قد يموتون جوعاً هذا العام إذا لم يكن هناك تدخل عاجل وسط ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد بين أطفال اليمن الناجم عن الحرب وجائحة فيروس كورونا.
تأتي هذه التحذيرات بعد نحو ست سنوات من اندلاع الحرب التي جعلت 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية، غير أنه حتى هذه المساعدات يجد أصحابها صعوبة في إيصالها إلى المعنيين خاصة أطفال اليمن في ظل الأوضاع الأمنية الصعبة الحرب القائمة في اليمن.
أطفال اليمن مهددون بالموت جوعاً
توقعت الوكالات في تقرير نُشر، الجمعة، حدوث زيادة بنسبة 22 في المئة في حالات سوء التغذية الحاد بين أطفال اليمن دون سن الخامسة مقارنة بعام 2020. وذكر التقرير أن أطفال اليمن في عدن والحديدة وتعز وصنعاء من بين أكثر المناطق تضرراً.
فيما قال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، في بيان مشترك مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية، إن "هذه الأرقام صرخة جديدة يطلقها اليمن طلباً للمساعدة، حيث يعني كل طفل يعاني من سوء التغذية أيضاً أسرة تكافح من أجل البقاء".
بينما من المتوقع أن يصاب 2.3 مليون من أطفال اليمن دون سن الخامسة بسوء التغذية الحاد في عام 2021. وذكر البيان أن سوء التغذية ازداد بين الأطفال والأمهات في كل عام من أعوام الصراع بسبب ارتفاع معدلات المرض وانعدام الأمن الغذائي.
كما أنه من المنتظر أن تصاب أيضاً 1.2 مليون من النساء الحوامل والمرضعات بسوء التغذية الحاد هذا العام.
أكبر أزمة إنسانية في العالم
لم يتم الإعلان رسمياً عن وجود مجاعة في اليمن. وتقول الأمم المتحدة إن اليمن يمثل أكبر أزمة إنسانية في العالم.
إلى جانب الصراع والتدهور الاقتصادي والجائحة، أسهم نقص المنح العام الماضي أيضاً في تفاقم الأزمة الإنسانية. وتغلق خدمات التغذية والخدمات الأخرى التي تحمي الملايين من خطر المجاعة والمرض شيئاً فشيئاً في جميع أنحاء اليمن وسط النقص الحاد في التمويل.
إذ قالت الوكالات الأربع إنها تلقت 1.9 مليار دولار فقط من بين 3.4 مليار دولار المطلوبة لمواجهة الوضع الإنساني في البلاد.
فقد تدخل تحالف تقوده السعودية في اليمن في مارس/آذار عام 2015 لإعادة الحكومة اليمنية التي أخرجتها جماعة الحوثي من العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014. ويقول الحوثيون إنهم يكافحون الفساد.
عشر سنوات من الحرب في اليمن
بعد انقضاء عشر سنوات على الانتفاض على الحكم الاستبدادي وعلى تدهور الاقتصاد في اليمن يجد الناشطون الذين شاركوا في الاحتجاجات أنفسهم على طرفي نقيض في حرب دفعت بالبلاد إلى شفا المجاعة واحتمالات قاتمة لإحلال السلام.
كان أحمد عبده حزام (35 عاماً) المقاتل في صفوف القوات الحكومية والمعروف بالاسم الحركي أحمد أبوالنصر خريجاً جامعياً بمدينة تعز التي تشتهر بالصناعات الزراعية عندما انضم لأول مرة إلى احتجاجات قادها الشباب من أجل إنهاء حكم الرئيس علي عبدالله صالح بعد أن أمضى 33 عاماً في الحكم.
حتى في تلك الأيام كان حوالي 40 في المئة من سكان اليمن يعيشون على أقل من دولارين في اليوم وكان ثلث السكان يعانون من الجوع المزمن الذي أثر على أطفال اليمن. وكانت الوظائف نادرة والفساد متفشياً. وكانت الدولة تواجه عودة نشاط جناح تنظيم القاعدة وتمرد حركة الحوثي في الشمال والانفصاليين في الجنوب.
قال أبوالنصر، الذي كان مثل كثيرين غيره ساخطاً على المحسوبية في وظائف القطاع العام والدولة أكبر جهة موفرة للوظائف: "… حاولوا استدراجنا للعنف… لكننا ظللنا سلميين".
خلّفت أكثر من 100 ألف قتيل
سقط في الحرب أكثر من 100 ألف قتيل وأصبح الملايين على شفا المجاعة. والآن يحتاج 80 في المئة من سكان اليمن، أي حوالي 24 مليون نسمة، للمساعدات، كما أنهم عرضة للإصابة بالأمراض ففي البداية كانت الكوليرا ثم جاء كوفيد-19.
انضم علي الديلمي، الناشط الحقوقي، الذي اعتقل لفترة وجيزة في عهد صالح وأصبح الآن نائب وزير لحقوق الإنسان في حكومة الحوثيين، للانتفاضة في ساحة التغيير بصنعاء على أمل أن تفضي إلى دولة تمثل الجميع.
روى الدليمي لرويترز في ساحة التحرير ذكرياته عن أيام الثورة الأولى وأبدى أسفه على ما آلت إليه. وقال: "في أوقات اعتقدنا أننا لن نعيش لنرى الشمس تشرق بسبب التهديدات والجنود (الموالين لصالح) والمجرمين. كنا نريد الابتعاد عن الدولة الفاشلة، نريد الخروج من المأزق".
اغتم الدليمي فغادر صنعاء إلى القاهرة، لكنه عاد في الوقت الذي كانت فيه قوات التحالف بقيادة السعودية تقصف فيه اليمن وتفرض عليه حصاراً، مما أسفر عن سقوط آلاف القتلى من المدنيين وأدى لتفاقم الجوع، خاصة بين أطفال اليمن.
الآن يسيطر الحوثيون على شمال اليمن الذي تنطلق منه هجمات متكررة على مدن سعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة. أما الحكومة اليمنية فتتمركز في الجنوب حيث يسعى انفصاليون لمزيد من السلطات.