لقي 28 شخصاً على الأقل حتفهم، الإثنين 8 فبراير/شباط 2021، في معمل "سري" للنسيج، تسربت إليه مياه الأمطار في مدينة طنجة بشمال المغرب، في حادث أثار صدمة وتساؤلات حول وجود هذا المعمل وسط حي سكني دون علم السلطات، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
ضحايا معمل نسيج في طنجة
وكالة الأنباء المغربية قالت إن فرق الإنقاذ انتشلت جثث الموتى وأنقذت 10 آخرين، مشيرة إلى استمرار البحث للوصول إلى بقية الأشخاص المحاصرين وإنقاذهم.
كذلك أشارت الوكالة إلى أن المعمل غير القانوني للنسيج يقع في مرآب تحت الأرض بفيلا سكنية، مضيفةً أن المياه تسربت إليه وتسببت في محاصرة عدد من الأشخاص كانوا يعملون بداخله.
أثارت الحادثة صدمة وترقباً لدى أقارب عمال كانوا داخل القبو وقت الحادث، وشهود عيان تجمعوا في محيط الفيلا حيث وقعت الفاجعة، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
واستطاع بعض الناجين تفادي الغرق بمساعدة أفراد من سكان الحي، بحسب شهادة أحدهم. ونقل الناجون إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الضرورية، فيما تحدثت وسائل إعلام محلية عن احتمال حصول احتكاك كهربائي أودى بالضحايا، من دون أن تؤكد السلطات هذه الأنباء حتى الآن.
"ضحايا لقمة العيش"
كان للحادث وقع على الجلسة الأسبوعية للبرلمان، أمس الإثنين، حيث قرأ النواب المجتمعون الفاتحة ترحماً على "ضحايا لقمة العيش وشهداء الاقتصاد غير المهيكل"، وفق تعبير إحدى النائبات.
كما ندد النواب في مداخلاتهم بـ"وجود مثل هذه الأماكن السرية"، و"عدم احترام حقوق وسلامة العاملين"، مشددين على ضرورة إجراء "تحقيق كامل وترتيب كافة المسؤوليات".
من جهته، تساءل مرصد الشمال لحقوق الإنسان، وهو جمعية غير حكومية، في بيان: "كيف يمكن لعشرات العمال والعاملات أن يعملوا لسنوات في مرآب بناية سكنية وسط حي سكني بدون انتباه ومراقبة السلطات المحلية".
أضاف المرصد: "كيف يمكن لوحدة صناعية بمرآب فيلا الحصول على التيار الكهربائي المرتفع بدون الحصول على الرخص من السلطات المختصة؟"، داعياً إلى "توقيف ومتابعة المتورطين في جريمة معمل طنجة".
وكانت السلطات أعلنت فتح تحقيق في فاجعة معمل نسيج في طنجة، تحت إشراف النيابة العامة للكشف عن ظروف وحيثيات هذا الحادث، وتحديد المسؤوليات.
في حين ينتظر أن يخضع صاحب المعمل للتحقيق القضائي بمجرد استقرار حالته الصحية، إذ يخضع حالياً للحراسة الطبية كونه من بين المصابين في الحادث.
حوادث العمل مميتة
ويسجل المغرب نحو "ألفي وفاة سنوياً بسبب حوادث شغل، ما يعد من بين أعلى الأرقام المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، بحسب ما أوضح رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي (رسمي) أحمد رضا الشامي، استناداً إلى أرقام للمكتب الدولي للعمل أثناء ندوة حول الموضوع الأسبوع الماضي.
عزا تقرير للمجلس أهم أسباب هذا الوضع إلى "ضعف تطبيق" القوانين ذات الصلة، و"النقص الحاصل في الكفاءات المتخصصة"، وكذلك "محدودية إمكانيات جهاز المراقبة".
أعاد الحادث أيضاً إلى الواجهة إشكالية الاقتصاد غير المنظم في المغرب، خصوصاً في قطاع النسيج الذي تصنع نحو 54% من منتجاته في معامل "لا تحترم المعايير القانونية"، وفق دراسة لنقابة رجال الأعمال (اتحاد مقاولات المغرب) عام 2018.
إجمالاً، يمثل الاقتصاد غير المنظم نحو 30% من إجمالي الناتج الداخلي في المملكة، وفق دراسة للمصرف المركزي (بنك المغرب) مطلع كانون الثاني/يناير.
يُذكر أنه قبل بضعة أسابيع، تسببت أمطار غزيرة بفيضانات في شوارع رئيسية بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، مثيرة انتقادات وتساؤلات حول جودة وصيانة البنيات التحتية، وأسفرت تلك الفيضانات عن مصرع أربعة أشخاص على الأقل، إثر انهيار بيوت كانت آيلة للسقوط، بحسب وسائل إعلام محلية.
تعد الفيضانات "الخطر الرئيسي في المغرب من حيث عدد الضحايا"، بحسب تقرير للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية (رسمي) في 2016 حول التحولات المناخية.
في هذا السياق، كان 24 شخصاً قد قضوا في سبتمبر/أيلول 2019 إثر انقلاب حافلة مسافرين جراء السيول، بينما قتل سبعة آخرون في الفترة نفسها إثر فيضان أتى على ملعب عشوائي لكرة القدم أقيم في مجرى واد.
كما قضى نحو 50 شخصاً في فيضانات ضربت جنوب البلاد عام 2014، وأسفرت عن خسائر مادية.