أثبتت دراسة جديدة أن لقاح الإنفلونزا يقلل من خطر تعرض الأطفال للأعراض والمرض الشديد إذا أصيبوا بفيروس كورونا المستجد، وتم استخلاص هذه النتيجة من تقارير طبية لأكثر من 900 طفل جرى تشخيص إصابتهم بكورونا في الفترة بين فبراير/شباط وأغسطس/آب من العام 2020.
حسب ما ذكره تقرير موقع WebMD الأمريكي، الإثنين 8 فبراير/شباط 2021، قال باحثون من جامعة ميزوري إن الأطفال الذين تلقوا لقاح الإنفلونزا الحالي كانوا أقل عرضة للإصابة بأعراض كورونا أو مشاكل في الجهاز التنفسي أو الإصابة بإعياء شديد.
أعراض كورونا أقل لدى الأطفال
وفقاً للنتائج التي نُشرت مؤخراً في مجلة Cureus، كان الأطفال الذين تلقوا لقاح المكوِّرات الرئوية أقل عرضة للإصابة بأعراض كورونا، وتُعدُّ هذه النتائج ذات أهمية كبيرة، نظراً لعدم وجود لقاح مضاد لفيروس كورونا للأطفال حتى الآن.
إذ قالت الدكتورة أنجالي باتواردان، مؤلفة الدراسة وأستاذة أمراض روماتيزم الأطفال وصحة الأطفال في مدرسة الطب بجامعة ميزوري-كولومبيا: "من المعروف أنه يمكن منع نمو أحد الفيروسات بعدوى فيروسية سابقة".
قالت الطبيبة في بيان صحفي للجامعة: "يُطلق على هذه الظاهرة اسم التداخل الفيروسي، ويمكن أن تحدث حتى عندما يكون الفيروس الأول مُعطّلاً، كما في حالة لقاح الإنفلونزا".
قالت باتواردان إن دراسة الأطفال أمر مهم، لأن لهم دوراً كبيراً في انتشار الفيروس.
كما أوضحت أن فهم العلاقة والتعايش بين الفيروسات الأخرى إلى جانب كوفيد-19 ومعرفة حالة التطعيم لدى الطفل المريض قد يساعد في نشر الاستراتيجيات الصحيحة للحصول على أفضل النتائج.
أضافت أنه من المهم في الوقت الحالي دراسة الصلة بين التطعيمات وأعراض كوفيد-19 في نطاق جغرافي أكبر، مع تركيبة متعددة الأعراق، واختتمت قائلةً: "استناداً إلى هذه النتائج نفترض أن ارتفاع معدل الإصابة بكوفيد-19 بين الأقليات قد يعكس كذلك معدل التطعيم المنخفض، بصرف النظر عن غيرها من أوجه عدم المساواة الصحية".
"مناعة خاصة" لدى الأطفال ضد كورونا
مجموعة من العلماء كانوا قد اكتشفوا "سر مناعة الأطفال" ضد فيروس كورونا، التي تجعلهم أقل عرضة لهذا المرض، حسبما ورد في تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية.
قد يكون سبباً مُحتملاً لذلك -وفقاً للباحثين بمعهد فرنسيس كريك في لندن- أن الكثير من الأطفال لديهم بالفعل أجسامٌ مضادة لفيروسات كورونا الأخرى.
إذ تسبب الفيروسات في هذه العائلة حوالي واحد من خمس من نزلات البرد التي تصيب الأطفال. وقد تمنع الأجسام المضادة لتلك الفيروسات أيضاً كوفيد-19، فيروس كورونا الجديد الذي يسبِّب الجائحة.
في دراسة نُشرت يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في مجلة Science، أفادت المجموعة، التي يقودها جورج كاسيوتيس، الذي يرأس مختبر المناعة الفيروسية في المعهد، بأن 5% فقط من البالغين في المتوسط لديهم هذه الأجسام المضادة، لكن 43% من الأطفال لديهم هذه الأجسام بالفعل.
أثار هذا الاكتشاف اهتمام الباحثين الذين لم يشاركوا في الدراسة، التي وَصَفَها بنجامين لارمان، عالم المناعة في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية، بأنها "دراسةٌ مُتقَنة تطرح نظرية مُقنِعة ومدعومة ببياناتهم".
كان ردُّ فعل ستيفن إليدج، أستاذ علم الوراثة في كلية الطب بجامعة هارفارد، هو نفسه. لقد وَجَدَ هو وآخرون أن العديد من الأشخاص لديهم أجسام مضادة لنزلات البرد التي تسبِّبها فيروسات كورونا الأخرى. وفي الدراسات المعملية، تمنع هذه الأجسام المضادة أيضاً فيروس كورونا المستجد.
كيف ذلك؟
في مارس/آذار الماضي، حين كانت الجائحة في بدايتها، قرَّر الدكتور كاسيوتيس وزملاؤه تطوير اختبار الأجسام المضادة شديدة الحساسية. وبغرض تقييمها قاموا بفحص عيِّنات الدم المأخوذة قبل الجائحة من أكثر من 300 بالغ و48 طفلاً ومراهقاً، ومن ثم مقارنتها بعيِّنات من أكثر من 170 شخصاً أُصيبوا بفيروس كورونا المستجد.
توقَّع العلماء أن العينات المأخوذة قبل الجائحة لا تحتوي على أجسامٍ مضادة تهاجم فيروس كورونا المستجد، وكانت تلك هي ضوابط الاختبار الذي طوَّرَه العلماء.
في المقابل، اكتشفوا أن العديد من الأطفال، وبعض البالغين، يحملون جسماً مضاداً واحداً على وجه الخصوص يمكنه منع فيروسات كورونا، بما في ذلك الفيروس المستجد، من دخول الخلايا، إذ يعلق هذا الجسم المضاد على شوكةٍ تخرج من فيروسات كورونا.
إذ قال الدكتور كاسيوتيس إنه في حين أن طرف الشوكة فريدٌ بالنسبة لفيروس كورونا المستجد، فإن القاعدة قائمة في جميع فيروسات كورونا. وفي الاختبارات المعملية، منعت الأجسام المضادة العالقة في قاعدة الشوكة الفيروس المستجد من دخول الخلايا من أجل التكاثر.
اللافت أن لدى البعض أجساماً مضادة يمكنها منع فيروس كورونا المستجد في الاختبارات المعملية، لكن هذه الأجسام المضادة ليست موجودةً لدى آخرين.