حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن من أنه لن يبادر لتلبية مطلب إيران برفع العقوبات المفروضة عليها، لدفع طهران إلى الالتزام التام مجدداً بالاتفاق النووي، في حين كرر القادة الإيرانيون مطلبهم هذا، وذلك في سجال غير مباشر، يوحي بأن استئناف الحوار سيكون في غاية الصعوبة.
أمريكا وإيران تتمسكان بمواقفهما
جاءت تصريحات بايدن، خلال مقابلة أجرتها معه شبكة CBS، الأحد 7 فبراير/شباط 2021، ورداً على سؤال حول إمكانية رفع العقوبات لإقناع طهران بالعودة إلى طاولة المفاوضات وإنقاذ الاتفاق النووي، أجاب الرئيس الأمريكي: "كلا".
كذلك عندما سُئل بايدن عما إذا كان يتعيّن على الإيرانيين أن "يوقفوا أولاً تخصيب اليورانيوم" هز برأسه إيجاباً، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
السجال بين أمريكا وإيران يُشبه "شد حبال" بين البلدين العدوين، ففي حين أبدى بايدن إصراره على تقيّد طهران بالاتفاق شرطاً مسبقاً لرفع العقوبات، أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، أن إيران لن تعود للتقيّد بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، قبل رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
خامنئي، وفي كلمة متلفزة أثناء استقباله قادة القوة الجوية للجيش، قال: "إذا أرادوا عودة إيران إلى التزامات الاتفاق النووي، على الولايات المتحدة أن ترفع العقوبات بشكل كامل، وليس فقط بالكلام أو على الورق".
أضاف خامنئي أنه بعد ذلك "سنتحقق لنشعر بأن العقوبات رُفعت فعلاً، وبعدها سنعود إلى التزاماتنا بموجب الاتفاق المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة".
كذلك أكد أن اشتراط عودة الولايات المتحدة إلى التزاماتها هو "السياسة القطعية للجمهورية الإسلامية"، والتي "لن يتم العدول عنها".
من جانبها، تتعمّد الإدارة الأمريكية الجديدة إبقاء الأجواء ضبابية فيما يتعلّق بالمقاربة التي تعتزم اعتمادها على هذا الصعيد، ولم يخض بايدن في هذا الملف في أول خطاب له حول السياسة الخارجية يوم الخميس الفائت، علماً أن فريقه يعتبره "أولوية قصوى".
أما وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، فطرح يوم الجمعة الفائت خلال محادثات مع نظرائه الألماني والفرنسي والبريطاني، تشكيل جبهة موحّدة مع الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق والتي كانت قد أدانت الانسحاب الأحادي لترامب منه.
تهديد إيراني
ومؤخراً أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنه يتعيّن على الأمريكيين أولاً "أن يبدوا حسن نيتهم"، مقترحاً أن تتولى الدول الأوروبية "هندسة" التواصل بين البلدين والذي يمكن أن يكون "متزامناً" أو "منسقاً".
في نفس الوقت، أعلنت إيران أنها قد تمنع اعتباراً من 21 شباط/فبراير 2021، مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من زيارة منشآتها النووية، غير أن ظريف سعى إلى التقليل من مخاطر حصول هذا الأمر، محاولاً في الوقت نفسه استخدامه ورقة للضغط على واشنطن.
في تصريحه لشبكة "سي.إن.إن" الإخبارية الأمريكية، قال ظريف: "لن يعني هذا الأمر أن الباب سيغلق بالكامل، لأنه إذا عادت الولايات المتحدة وشركاؤها إلى الالتزام بالاتفاق، وتقيّدت به بشكل تام، ستعود إيران عن هذه القرارات".
يُذكر أنه بعد مفاوضات شاقة وطويلة، توصلت الولايات المتحدة في 2015 إلى اتفاق مع إيران، يحولُ دون حيازتها السلاح النووي، وقعته أيضاً الصين وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، قبل أن تصادق عليه الأمم المتحدة.
لكن الرئيس السابق دونالد ترامب انسحب من الاتفاق العام 2018، معتبراً أنه غير كافٍ على الصعيد النووي وبهدف احتواء "أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار" في الشرق الأوسط.
بعد ذلك، عاود ترامب فرض عقوبات على إيران، كانت رفعت في مقابل الوفاء بالتزاماتها النووية، ما دفع طهران إلى تجاوز هذه الالتزامات.
أما بايدن فكان قد وعد بالعودة إلى الاتفاق شرط أن تفي ايران أولاً بالتزاماتها، لكن منذ توليه الرئاسة الأمريكية في 20 شباط/فبراير 2021، يسعى المجتمع الدولي لمعرفة الآلية التي سيعتمدها الرئيس الأمريكي الجديد لتنفيذ تعهّده، علماً أن الإيرانيين يشترطون رفع العقوبات قبل العودة للتقيّد ببنود الاتفاق.