قال تقرير نشرته مجلة Newsweek الأمريكية يوم السبت 6 فبراير/شباط إن المسؤولين الفلسطينيين رحبوا بوصول جو بايدن إلى البيت الأبيض رئيساً جديداً لأمريكا، معتقدين أن ذلك من الممكن أن يكون فرصة للتفاوض مع إسرائيل بشروط أكثر ودية.
لكن في الوقت نفسه، ووفقاً للتقرير الأمريكي، فإن الفلسطينيين يتطلعون إلى ما وراء الولايات المتحدة للحصول على الدعم الدولي، حيث يرون أن الصين ربما يكون لها دور محوري في المفاوضات.
تجديد جهود المفاوضات في الشرق الأوسط
في المقابل أشار مسؤولو إدارة بايدن إلى رغبة البيت الأبيض في إعادة الجهود الدبلوماسية مع الفلسطينيين بإعلانهم عن إعادة فتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن واستئناف تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني.
في حين ورغم الإشارات التي ربما يراها البعض إيجابية من جانب بايدن تجاه الفلسطينيين لكن لم تتراجع الإدارة الجديدة عن أي قرارات تجاه السياسة الخارجية التي اتخذتها إدارة ترامب ومنها تصديق الإدارة الجديدة على الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل والدعوة لتطبيع علاقات العديد من الدول العربية مع إسرائيل.
أمام هذا الواقع الجديد يستعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس للتعامل مع الإدارة الأمريكية الرابعة على التوالي خلال فترة ولايته بمشاعر مختلطة.
ترحيب فلسطيني بقدوم بايدن
فيصل عرنكي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يرأس دائرة التنمية البشرية، قال في تصريحات صحفية إنه من بعض النواحي يبدو أن الزعيم الذي امتدت ولايته لـ16 عاماً مبتهج ومرحب بفوز بايدن، في إشارة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس. مضيفاً أن عباس "أدرك أنه من الخطأ التحيز الشديد للولايات المتحدة وحدها، وأنه يجب الشراكة مع المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في العالم بشكل عام".
كذلك فمن بين الخيارات الأكثر جاذبية لعباس هو أكبر منافس لواشنطن، بكين.
عرنكي أشار إلى أن قوة العلاقة بين الصين ومنظمة التحرير الفلسطينية في الماضي والحاضر والمستقبل تدعو الفلسطينيين إلى التعاون الكامل مع الصين. على حد قوله.
من جانبها أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون ينغ إلى بكين باعتبارها الصديق الحميم والشريك لفلسطين، وذلك في مؤتمر صحفي. كما ركز الرئيس الصيني شي جين بينغ على هذه القضية خلال الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين الذي تعترف به الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2020 وكلها مؤشرات تؤكد موقف بكين الداعم للقضية الفلسطينية.
الصين كلاعب محايد في قضية فلسطين
بالإضافة إلى ذلك فمنذ الاعتراف بإسرائيل في عام 1992، وعلى عكس الولايات المتحدة التي ساندت إسرائيل بقوة، سعت الصين إلى تقديم نفسها كلاعب محايد، وذلك بعد دعمها للكفاح المسلح لمنظمة التحرير الفلسطينية.
لكن من الناحية التاريخية، لم تلعب الصين دوراً رئيسياً في الوساطة الإسرائيلية الفلسطينية المباشرة، لكن حتى هذا قد يتغير. فقد سبق أن عرضت الصين استضافة محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية وقدمت خطة من أربع نقاط لتسوية الصراع في عام 2017 تضمنت النهوض بحل الدولتين على أساس حدود عام 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية جديدة والإنهاء الفوري لبناء المستوطنات الإسرائيلية، واتخاذ تدابير فورية لمنع العنف ضد المدنيين، والدعوة إلى استئناف مبكر لمحادثات السلام وتنسيق الجهود الدولية لطرح تدابير لتعزيز السلام تنطوي على مشاركة مشتركة في وقت مبكر.
ومع ذلك، لا تزال واشنطن تعتقد أن لها دوراً فريداً في تسوية الخلاف.
خلافات الفلسطينيين حول الشركاء
في المقابل ينقسم الفلسطينيون حول صاحب الدور الفريد في تسوية الصراع، فكلٌّ من منظمة التحرير الفلسطينية وحماس ترى مصلحة في العمل مع الصين، بجانب روسيا، حيث انخرطت موسكو بنشاط مع المسؤولين الفلسطينيين، بمن في ذلك مسؤولو فتح وحماس، وعرضت استضافة اجتماع لوفودهما وآخرين لمناقشة الجهود المبذولة لتحقيق "الوحدة الوطنية" بين الأطراف الفلسطينية. وتدرك روسيا جيداً أن حل القضية الفلسطينية يتسم بأهمية حاسمة لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
لكن هذا الانفتاح المشترك، بين منظمة التحرير الفلسطينية وحماس، على التعاون مع الصين وروسيا لم يمتد إلى جمهورية إيران الإسلامية الشيعية، على الرغم من دعمها المتحمس للقضية الفلسطينية ومعارضتها الحازمة للسياسات الإسرائيلية.
اعتماد فلسطين على العرب
من ناحية اخرى وبشكل تقليدي يعتمد الفلسطينيون على الأشقاء العرب للحصول على الدعم- سياسياً ومالياً، وعسكرياً وذلك في السنوات الماضية لكن حدث تحول كبير في معظم أنحاء العالم العربي نحو مواجهة إيران، التي يتقاسمون معها هدفاً مشتركاً، وهو معارضتها لإسرائيل.
إذ تمكنت إدارة ترامب من استغلال هذه القواسم المشتركة مع إسرائيل وبعض الدول العربية للإشراف على اتفاقيات تطبيع علاقاتها مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب. وكانت هذه أول علاقات نشطة يتم تأسيسها منذ اتفاقات السلام التي تم التوصل إليها مع مصر والأردن في 1979 و 1994 على التوالي.
تدهور العلاقات الأمريكية الفلسطينية في عهد ترامب تسبب في قيام الرئيس السابق بوقف جميع المساعدات للأراضي الفلسطينية، وهو ما تسبب في تفاقم الوضع الإنساني الهش بالفعل.
من جانبها فإن حماس كانت أكثر تشاؤماً في نظرتها إلى حكومة تعتبرها منظمة إرهابية أجنبية، إذ قال الناطق باسم حماس: "بالنسبة للولايات المتحدة لم نعتقد قط أنها ستساعدنا في تحقيق أهدافنا الوطنية، لأن الولايات المتحدة كانت الداعم الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته ضد الفلسطينيين".
ومع ذلك تؤكد الحركة أنها لا تعارض بشكل قاطع دور واشنطن حيث قال المتحدث: "لن نرفض أبداً أي مبادرة أمريكية منطقية إذا لبّت المطالب الفلسطينية وحافظت على حقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم".
أما بخصوص مساعي إدارة بايدن في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فقد تبادل كل من بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الدفاع لويد أوستن مكالمات هاتفية مع نظرائهم الإسرائيليين، كذلك فإن الرجل المكلف بإدارة المفاوضات، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى هادي عمرو، بدأ أيضاً في التواصل مع الإسرائيليين والفلسطينيين.
عدم تواصل بايدن مع نتنياهو بشكل ملحوظ
في سياق متصل فإن الرئيس بايدن لم يتحدث بعد مع نتنياهو بشكل ملحوظ. ولم تطرح القضية الإسرائيلية الفلسطينية في خطابه الأول عن السياسة الخارجية يوم الخميس 4 فبراير/شباط.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس قال في بيان أرسل إلى Newsweek إن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل مقدس، على حد قوله.
لكن إسرائيل من جانبها تقول إنها مستعدة للحديث في أي وقت، حيث قال مسؤول إسرائيلي إنهم مستعدون للتفاوض، كما هو الحال دائماً، حسبما نقال التقرير الأمريكي عنه.
في المقابل فقد قدم الجانب الفلسطيني أيضاً مؤشرات على أنه قد يكون على استعداد لإشراك إسرائيل مرة أخرى بشكل مباشر، بشروط، أحدها هو الدعم الأجنبي المناسب.
إذ قال فيصل عرنكي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن القيادة الفلسطينية مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين، على أساس حل الدولتين.