اتَّهَمَت أليونا كيتايفا، 21 عاماً، وهي ناشطةٌ معارضة، الشرطةَ الروسية بتعذيبها لكشف شفرة المرور للدخول إلى هاتفها الذكي، بعد اعتقالها في احتجاجٍ في موسكو لدعم أليكسي نافالني، المعارض للكرملين والمسجون حالياً، تم تنظيمه ليلة الثلاثاء 2 فبراير/شباط 2021، وذلك وفق ما صرحت به في لقناة Dozhd على الإنترنت.
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الخميس 4 فبراير/شباط، فإن كيتايفا سُجِنَت الليلة الماضية، وسوف تقضي 12 يوماً في السجن، بتهمٍ تتعلَّق بالاحتجاج، بينما علقت مجموعة نافالني لمكافحة الفساد على الواقعة قائلة: "في روسيا بوتين، يعذِّبونك أولاً، ثم يسجنونك".
تعذيب قبل الاعتقال
في الحوار نفسه، اتهمت المتحدثة نفسها الشرطة الروسية بوضع كيس بلاستيكي على وجهها من أجل خنقها، بالإضافة إلى تعرضها للضرب، بل ذهبت أيضاً إلى حد اتهامهم بتهديدها باستخدام صاعق كهربائي لتعذيبها.
وفي وقت لاحق، خرجت إلينيا للاحتجاج من جديد، وصرحت قائلة، وهي تراقب شرطة مكافحة الشغب بحذر: "خرجت هذا المساء لأن ما رأيناه في المحكمة لا علاقة له بالعدالة"، وأضافت: "لا أصف نفسي بأنني من أنصار نافالني، لكنه أفضل أمل في التغيير".
شهادة هذه المعتقلة المناصرة لنفالني تتزامن أيضاً مع تأكيد جماعة مُعارِضة على أن أكثر من 130 متظاهراً أُصيبوا على يد الشرطة في مظاهرات الثلاثاء، وفي مظاهرات 23 يناير/كانون الثاني.
وأُصيبَ الضحايا بجروحٍ في الرأس، فضلاً عن كسورٍ في الأنف والأضلاع، وفقاً لقناة Analogia Protesta على تطبيق تليغرام.
كما قال أحد المحتجين إن زميلاً متظاهراً نُقِلَ إلى قبو مركز للشرطة في موسكو وتعرَّضَ للضرب بالهراوات.
مطاردات واشتباكات طاحنة
فمنذ انتشار نبأ سجن نافالني، أطلق حلفاؤه رسالةً مقتضبة على الإنترنت تدعو إلى الاحتجاج في موسكو.
في الجهة المقابلة، ردَّت قوات الأمن بإغلاق الميدان الأحمر وأربع محطات مترو قريبة، ونُشِرَت فِرَقٌ من شرطة مكافحة الشغب مرتديةً الدروع الواقية في ساحة مانيغ، وهي ساحة مفتوحة مجاورة للكرملين.
أما على مستوى وسط المدينة، فقد توغَّلَت شاحناتٌ تحمل رجال الشرطة والحرس الوطني، لتصبح بذلك موسكو أشبه بمنطقة حرب.
في الساعات التالية، دخل المتظاهرون وشرطة مكافحة الشغب في مطارداتٍ واشتباكاتٍ طاحنة. وهتف المتظاهرون: "حرِّروا نافالني، أطلِقوا سراح السجناء السياسيين".
كما جرت العادة، ردَّت شرطة مكافحة الشغب بوحشية، ففي إحدى الوقائع تعرَّضَ عشرات المتظاهرين الشباب للضرب بالهراوات على يد الشرطة، بينما كانوا يهتفون "نحن عُزَّل"، في إشارةٍ للحق الدستوري في التجمُّع العام من دون أسلحة.
أما حين هتف أحد المتظاهرين بشعارٍ معارض من سيارة أجرة، فقد سحلته شرطة مكافحة الشغب من سيارته وضربته على رأسه، قبل أن تلقي القبض على أكثر من 1170 شخصاً، بمَن في ذلك مَن اعتُقِلوا خارج المحكمة، حيث حُكِمَ على نافالني بالسجن حتى خريف عام 2023.
الحكم على نافالني يهدد بمزيد من التصعيد
الثلاثاء 2 فبراير/شباط، قضت محكمة روسية بسجن معارض الكرملين ثلاث سنوات ونصف السنة، لإدانته بانتهاك الإفراج المشروط عنه، لكنها قالت إن مدة العقوبة ستُخفض بمقدار الفترة التي قضاها قيد الإقامة الجبرية في وقت سابق.
حيث أُلقي القبض على نافالني، وهو أحد أبرز منتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الحدود الروسية يوم 17 يناير/كانون الثاني 2021، بعد عودته من ألمانيا، التي كان يقضي فيها فترة نقاهة من تسميمه بغاز أعصاب من درجة عسكرية.
فيما دعا حلفاء نافالني مؤيديهم إلى الاحتجاج الفوري على الحكم في وسط موسكو. وقال محامي نافالني إن السياسي المعارض سيستأنف الحكم.
من جانبها قالت منظمة "أوفيد-إنفو" غير الحكومية، التي ترصد التوقيفات وتظاهرات المعارضة إن الشرطة أوقفت أكثر من 280 شخصاً من بينهم صحفيون.
ووصلت يوليا، زوجة نافالني، التي أوقفت لفترة وجيزة خلال الاحتجاجين الأخيرين ضد الكرملين، إلى قاعة المحكمة مع صحفيين، لكنها امتنعت عن التعليق على المحاكمة.
في إطار الحكم الصادر في 2014، أمضى نافالني سنة قيد الإقامة الجبرية من الحكم بالسجن ثلاث سنوات ونصف السنة مع وقف التنفيذ، فيما أمضى شقيقه أوليغ كامل فترة العقوبة في السجن.
من جانبها، اعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 2017، أن أشقاء نافالني حُرموا من حق الحصول على محاكمة نزيهة في القضية، وندَّدت بالحكم بوصفه "تعسفياً وغير منطقي بشكل واضح".
ونافالني الذي بات في العقد الأخير أشهر منتقدي بوتين في الداخل، يَعتبر مع حلفائه الحكمَ الصادر في 2014، عقاباً من السلطات على أنشطته السياسية.