الغنوشي يقيّم 10 سنوات من “ثورة الياسمين”: نحتاج أعواماً أخرى لتصحيح أخطاء 60 عاماً من الديكتاتورية

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/02/04 الساعة 14:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/04 الساعة 14:05 بتوقيت غرينتش
راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي/رويترز

قال رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، إن هدم الأضرار التي سببتها سنوات الديكتاتورية سيستغرق أكثر من عقد، وذلك تزامناً مع إحياء تونس للذكرى العاشرة على ثورة الياسمين التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. 

 في مقابلة أجراها الغنوشي مع موقع Middle East Eye البريطاني ونُشرت الأربعاء 3 فبراير/شباط 2021، قال زعيم حركة النهضة إنه لا ينبغي إنكار التغيير الذي أحدثته الثورة، لكن الأمر سيستغرق أكثر من عقد لهدم الأضرار التي سببتها سنوات من الديكتاتورية، والاعتماد على الثقة والتسوية لتكون مبادئ تُرشِد تونس في طريقها إلى المستقبل.

راشد الغنوشي متفائل بـ"الديمقراطية التونسية"

قال راشد الغنوشي، في مقابلة تسترجع أحداث العقد الماضي، إنَّ البلاد تغلبت على العديد من العقبات، معرباً عن تفاؤله بشأن الديمقراطية التونسية.

أضاف الشريك المؤسس لحركة النهضة: "لا أحد يستطيع القول إنَّ الديمقراطية لم تحقق تغييراً حقيقياً لشعبنا؛ فبرلماننا يتكون من 29% من النساء، ومررنا دستوراً جديداً، ومكَّنا السلطات المحلية في سعينا لتحقيق اللامركزية".

كما أشار راشد الغنوشي إلى أنه "في آخر ميزانية وُضِعَت في عهد بن علي، قبل الربيع العربي، خُصِّص 82% من الأموال إلى المدن الساحلية. لكن كانت إعادة تركيز الاستثمار لتوليد الفرص في كل مكان في تونس أولوية قصوى في العصر الديمقراطي".

رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي - رويترز
رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي – رويترز

الحقيقة على أرض الواقع بعد ثورة الياسمين

لكن عند السير في شوارع وسط تونس العاصمة، يبحث المرء عبثاً عن تصورٍ مماثل لمدى نجاح الديمقراطية التونسية. إذ يجد بدلاً منه مظاهرات حاشدة على مستوى البلاد، وأعمال شغب ليلية، وإضرابات واعتصامات، في حركة تُصوَّر أحياناً على أنها "ثورة ثانية".

في الأسبوع الماضي، نفذت قوات الأمن اعتقالات جماعية، من بينهم قاصرون، وقَمَعَت بعنف الاحتجاجات النهارية وأعمال الشغب الليلية ضد الفقر والفساد وقمع الشرطة والبطالة.

إذ قال الغنوشي لموقع Middle East Eye: "الناس محقون في الاحتجاج لأنَّ توقعاتهم كانت عالية والتقدم الاقتصادي كان أبطأ من تصوراتهم، ثم تفاقم بسبب جائحة كوفيد 19".

لكن راشد الغنوشي لفت إلى الحاجة لتمييز المواطنين الذين يتظاهرون سلمياً من أجل حقوقهم عن "المتواجدين بالأساس لتدمير الشوارع". وقال السياسي، الذي يتحمل حزبه جزءاً من المسؤولية عن الأزمة، إنه لا يمكن اختزال الديمقراطية في التصويت.

تصحيح أخطاء 60 عاماً من الديكتاتورية

كما أضاف الغنوشي قائلاً: "كان للثورة شعاران: الحرية والكرامة. لقد عملنا في السنوات القليلة الأولى على تكريس الحريات التي ناضل الناس من أجلها في أكثر دستور تقدمي في العالم العربي".

إذ أشار إلى أن الكرامة تحقيقها أصعب بكثير؛ لأنها تهدف إلى تصحيح أخطاء 60 عاماً من الديكتاتورية. وقد اتخذنا خطواتنا الأولى بالفعل. وقال إنه متأكد من أنها ليست كافية وأن شباب تونس ليسوا راضين بهذا "ونحن نتفهم إحباطهم".

لكن راشد الغنوشي شدد على أنَّ الإصلاح يستغرق وقتاً، وأنَّ هناك حاجة للتفكير في الأزمة ضمن السياقات الأوسع للجغرافيا السياسية والإرهاب والركود العالمي والنمو المنخفض المزمن ووباء فيروس كورونا. وقال: "حين وضعت دولتنا قدمها على هذا الطريق، لم نكن نتخيل هذا الكم من الصعوبات".

احتجاجات شعبية متصاعدة في الشارع التونسي / الأناضول
احتجاجات شعبية متصاعدة في الشارع التونسي / الأناضول

مصلحة تونس أولاً

صرح راشد الغنوشي بأنَّ تونس استطاعت تجاوز العديد من العقبات من خلال استعداد مختلف أطرافها، الذين يشكلون ديمقراطيتها؛ للعمل معاً ووضع مصلحة الدولة أولاً. وأضاف: "يجب أن يكون هذا هو مبدأنا التوجيهي، ونحن نمضي قدماً نحو المستقبل".

يعتقد المتحدث أنَّ سر قصة نجاح تونس هو التسوية والتفاهم، وباسترجاع دور "حركة النهضة"، زعم الغنوشي أنَّ حركته سارعت إلى تقدير الحاجة إلى العمل مع الآخرين لتحقيق التقدم. وقال: "لذلك اتسم دورنا بالانفتاح نحو الشراكة، والمساهمة بقوة في إنجاح الديمقراطية التونسية".

مع ذلك، يمكن تفسير اتباع "حركة النهضة" لنهج الشراكة هذا بأنه رغبة في الحفاظ على موقعها.

إذ تهيمن على النسيج السياسي في تونس أحزاب وسطية تتنافس على الظفر بموطئ قدم مع النهضة وأحزاب من تياري اليسار واليمين، في سباق مربك من أربع زوايا. وفي مثل هذا السياق، لا مفر من التنازلات لضمان البقاء.

ماذا عن قانون المصالحة المثير للجدل؟

ربما يكون المثال الأكثر دلالة على السياسات القائمة على الإجماع هو "قانون المصالحة الإدارية" لعام 2017 المثير للجدل. فقد منحت هذه المبادرة حصانة كاملة لموظفي الخدمة المدنية المتورطين في الفساد في ظل النظام السابق وسمحت لهم بالعودة إلى مناصب قيادية.

في هذا الصدد، علَّق راشد الغنوشي: "يجب أن يكون الهدف النهائي للعدالة الانتقالية هو الوصول إلى مصالحة وطنية تمكننا من التحرك نحو المستقبل غير مُثقلين بمشكلات الماضي".

مع ذلك، تُظهِر قضايا المصالحة والعدالة الانتقالية كيف أن السياسة القائمة على الإجماع لا تشكل أكبر قوة للديمقراطية التونسية فحسب، بل تمثل أيضاً نقطة ضعفها الرئيسة.

إذ أبقت جولات المفاوضات اللانهائية الحكومات المتعاقبة في حالة من الجمود شبه الدائم؛ ما أدى في النهاية إلى تنازلات لا يفهمها أحد. ونتيجة لذلك، تتفكك الأحزاب السياسية ويتحول الناخبون إلى قوى أكثر صراحة مناهضة للنظام. كما يتساءل الناس عن كيفية الخروج من الأزمات المستمرة التي تعصف بالديمقراطية في البلاد.

تحميل المزيد