استدعت وزارة الخارجية المغربية، الأربعاء 3 فبراير/شباط 2021، السفير الإسباني لدى الرباط، احتجاجاً على اعتداء شرطة بلاده على مراهقين مغاربة في مراكز لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين في إسبانيا.
الرباط تتحرك بعد فيديو يُظهر اعتداء الشرطة الإسبانية على قُصر مغاربة
وجاء احتجاج المغرب بعدما نشرت وسائل إعلام إسبانية شريط فيديو، يوثق اعتداء رجال أمن إسبان، الأحد الماضي، على مراهقين مغاربة، في مركز للاحتجاز بجزر الكناري الإسبانية.
ونقلت الوكالة عن مصادر دبلوماسية مغربية أنه تم استدعاء السفير الإسباني في الرباط من أجل "التعبير عن قلق المغرب بشأن هذه الأحداث".
من جانب آخر، قال مسؤول بالخارجية المغربية للأناضول إن "الأمر يتعلق باجتماع وليس استدعاء".
وأضاف المسؤول، مفضلاً عدم ذكر اسمه، موضحاً أن بلاده "طلبت من السفير أن يتم اتخاذ تدابير تأديبية في حق مرتكبي أعمال العنف ضد القاصرين"، مشيراً إلى أن "السفير تجاوب بإيجابية".
بدوره، قال محمد بن عيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان للأناضول: "استدعاء الرباط للسفير الإسباني خطوة تؤكد أن العلاقات بين البلدين تمر بفترة جد حرجة"، معتبراً أن "الحادث الجديد يكشف جزءاً صغيراً من الاعتداءات التي يتعرض لها القصر المغاربة في مراكز الاحتجاز الإسبانية".
كما أضاف بن عيسى: "ما زلنا نعيش على وقع صدمة مقتل الطفل المغربي إلياس الطاهري داخل مركز للاحتجاز في مدينة ألميريا الإسبانية".
حادثة الاعتداء على قُصر مغاربة
وفي وقت سابق، تداولت وسائل إعلام مغربية مقطع فيديو أثار جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر عناصر من رجال الأمن الإسباني، بأحد مراكز المهاجرين بجزر الكناري، وهم يعنفون مهاجرين مغاربة غير شرعيين من القُصر غير المصحوبين بذويهم.
الفيديو المسرب يُظهر أحد الشبان وهو يبكي بحرقة ويصرخ، بجانب شاب آخر ممدد على الأرض، بعد أن دخل في غيبوبة وربما وفاة، ويُسمع من خلال الفيديو وهو يقول: "هذا شقيقي.. هذا شقيقي"، إلا أن عناصر في الأمن الإسباني انهالوا عليه وعلى آخرين بالضرب والركل.
فيما ذكرت وسائل إعلام محلية أن الشرطة تدخلت بعد أن هدّد قاصر مدير المركز وعدداً من العاملين بمقصّ بعد منعه من الخروج، ولم يسفر الحادث عن وقوع أي إصابات، على حد قولها، وأضافت أن الشرطة الإسبانية فتحت تحقيقاً داخلياً لتوضيح مجريات الحادثة.
غضب على مواقع التواصل الاجتماعي.. ومطالبات بالتحقيق
وبعد انتشار فيديو الاعتداء ندد عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب بالطريقة التي تعامل بها عناصر الشرطة، مذكرين بعدد من الاعتداءات التي تعرض لها مهاجرون مغاربة في الأراضي الإسبانية من طرف الأمنيين.
المغرّد المغربي محمر الوالي علق على الفيديو قائلاً: "الأمر زاد عن حده، يجب أن تتدخل الحكومة لردع مثل هذه التجاوزات بحق شبابنا".
فيما أعربت المغردة التي تطلق على نفسها "أم عمران" عن تضامنها مع القصّر قائلة: "الفيديو مؤلم، حسبي الله ونعم الوكيل".
أما المغرد المغربي رضوان فعلق على الفيديو قائلاً: "مطالب بالتحقيق في فيديو تعنيف قاصرين مغاربة وإصابة بعضهم بجروح".
كما ندد الوالي شرفي، رئيس جمعية الآفاق للمهاجرين المغاربة في جزر الكناري، وفقاً لما نشرته وسائل إعلام محلية بالتعامل السيئ الذي قامت به عناصر الشرطة، مؤكداً أنهم كفاعلين جمعويين سيقومون بالإجراءات اللازمة.
وأعاد الفيديو إلى أذهان المغاربة حادثة مقتل الشاب المغربي إلياس الطاهري مخنوقاً على يد رجال أمن بمركز للقاصرين بمدينة ألميريا بالديار الإسبانية، في حادث شبيه بمقتل جورج فلويد في أمريكا، وهو ما دفع السلطات الإسبانية إلى فتح تحقيق معمق في الحادث، عقب تفجر الفضيحة التي أثير بشأنها جدل حقوقي كبير في الجارة إسبانيا.
وأثارت الحادثة غضباً في المغرب وإسبانيا؛ إذ ذكر موقع moroccoworldnew توقيع عريضة تضمنت قرابة 10 آلاف توقيع طالبت بإعادة فتح قضية مقتل الفتى الطاهري، وذلك بعد الفيديو الذي نشرته الصحيفة الإسبانية.
مقتل الشاب إلياس الطاهري على يد الشرطة الإسبانية
أشار الموقع إلى أن العريضة ربطت ما بين مقتل الطاهري والعنصرية، مضيفاً أن عائلة الفتى اعتبرت ما حدث لابنها مشابهاً لما تعرض له جورج فلويد.
من جانبها، قالت جريدة بوبليكو إن "ما جرى للشاب الطاهري يحيل مباشرة إلى ما وقع لجورج فلويد في مينيابوليس الأمريكية، وهو الحادث الذي فجّر أكبر موجة من الاحتجاجات في الولايات المتحدة خلال العقود الأخيرة".
كذلك فإن عائلة الطاهري وبعد ظهور الفيديو قررت الطعن على قرار المحكمة، إذ تعتقد أن هناك العديد من المؤشرات الكافية للدلالة على أن ما حدث مع الفتى كان جريمة قتل.
وكان مئات المغاربة والإسبان وقعوا في يونيو/تموز الماضي، عريضة إلكترونية تطالب سلطات مدريد بإعادة التحقيق في مقتل الطاهري، وأطلقت عليه وسائل إعلام إسبانية لقب "فلويد المغربي".
ولقى الطاهري (18 عاماً) حتفه في مركز احتجاز القاصرين في مدينة ألميريا جنوب شرقي إسبانيا في 1 يوليو/تموز 2019، على أيدي 6 من عناصر الشرطة الإسبانية، وذلك "اختناقاً" خلال محاولة تثبيته على طريقة مقتل الأمريكي جورج فلويد.
ولدى إسبانيا عدد من مراكز الاحتجاز الإدارية المخصصة لاحتجاز المهاجرين، والواقع معظمها على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بينما يقع أحدها في مدريد العاصمة، وتتولى الشرطة إدارتها.