قالت صحيفة The Hill الأمريكية، في تقرير لها، الأربعاء 27 يناير/كانون الثاني 2021، إن أكثر من 30 ألف أمريكي انسحبوا خلال الأسابيع الماضية من الحزب الجمهوري، واصفةً ما جرى بأنه موجة هائلة من الانشقاقات ونزوح جماعي غير مسبوق عن الحزب.
تلك الخطوة من شأنها خلق مشاكل للحزب الجمهوري، الذي يحاول شق طريقه من جديد بعد خسارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب السباق الرئاسي، فضلاً عن خسارتهم الأغلبية في مجلس الشيوخ، وفقاً للصحيفة الأمريكية.
كانت شبكة CNN قد أكدت أن الحزب الجمهوري تحت قيادة ترامب عانى من خسائر تاريخية على المستوى الفيدرالي في فترة قصيرة مدتها 4 سنوات، وهو الأمر الذي نادراً ما يحدث في التاريخ الأمريكي الحديث.
كما تأتي تلك الانشقاقات "الهائلة" في أعقاب الأحداث غير المسبوقة التي شهدتها الولايات المتحدة حينما اقتحم عدد من أنصار ترامب مبنى الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2021، الأمر الذي أثار ردود فعل مدوّية داخل وخارج أمريكا.
العديد من التقارير أشار إلى أن تلك الأحداث حتماً ستلقي بظلال ثقيلة وتداعيات قاسية على الحزب الجمهوري الذي يواجه بعض الأزمات حتى قبل تلك الأحداث.
فقد تخلى بعض رموز الحزب الجمهوري عن ترامب بعد اقتحام الكونغرس، وتساءل مراقبون عن مستقبل ومصير الحزب الجمهوري خلال الفترة المقبلة.
لكن رغم الغضب الكبير على ترامب في أعقاب واقعة اقتحام الكونغرس، فإن استطلاعاً أجرته دورية "مورنينغ كونسلت"، أظهر تحسن مكانة الرئيس السابق في الحزب الجمهوري بشكل طفيف، طبقاً لما أوردته صحيفة The Hill الأمريكية.
إذ إن 81% من الجمهوريين يرغبون في عودة ترامب للعب دور مهم في مستقبل حزبهم، وقال 76% من الجمهوريين إنهم ينظرون إليه بشكل إيجابي.
أزمة الحزب الجمهوري بدأت قبل اقتحام الكونغرس
ومع أن أزمة الحزب الجمهوري تعود لعدة سنوات، ولكن أحداث الكونغرس، إضافة إلى حدث آخر سبقها بيوم واحد أوصلت الحزب إلى حالة يرثى لها، وتثور تساؤلات حول مستقبل هذا الحزب العريق، ومدى قدرته على الخلاص من ترامب.
حيث خسر الجمهوريون مرتين في الليلة السابقة لاقتحام الكونغرس، في انتخابات مجلس الشيوخ الأمريكي في جورجيا، وهي ولاية لم تصوّت حتى عام 2020 لصالح ديمقراطي لمنصب الرئيس لمدة 30 عاماً. خسارتا جورجيا تعنيان أن الجمهوريين فقدوا السيطرة على مجلس الشيوخ، وفقد الزعيم ميتش مكونيل أغلبيته.
وبينما تمر كل الأحزاب بعملية من المساءلات بعد فقد السلطة، خسر الحزب الجمهوري التصويت الشعبي في 7 من الانتخابات الرئاسية الـ8 الأخيرة، وللمرة الأولى منذ الرئيس هربرت هوفر الذي شغل المنصب خلال فترة الكساد الكبير وهُزم في انتخابات عام 1932، (أي منذ نحو 90 عاماً) وفقد السيطرة على البيت الأبيض ومجلسي الشيوخ والنواب في ولاية واحدة.
هل دفع ترامب الحزب الجمهوري إلى نقطة الانهيار؟
يجدر الإشارة إلى أن أعضاء كثيرين في إدارة ترامب السابقة قد استقالوا احتجاجاً على أفعاله، ودعاه أعضاء مجلس الشيوخ من حزبه إلى الاستقالة مثلهم.
الكاتب الصحفي الأمريكي فريد زكريا كان قد كتب مقالاً له بصحيفة "واشنطن بوست" تحت عنوان "هل دفع ترامب الحزب الجمهوري إلى نقطة الانهيار؟"، مشدّداً على أن شعبية الجمهوريين وترامب تتقلص بشكل ملحوظ، وإذا استمر هذا التراجع فقد يُحدث تغيراً خطيراً، خاصة إذا ما كانت هناك انشقاقات على مستوى النخبة والناخبين العاديين في صفوف الحزب الجمهوري الذي قد يتحول إلى حزب أقلية.
مسعى جمهوري باء بالفشل
يشار إلى أن 45 عضواً جمهورياً بمجلس الشيوخ الأمريكي أيدوا مسعى باء بالفشل يوم 27 يناير/كانون الثاني 2021، لوقف مساءلة ترامب، في إظهار لوحدة حزبية اعتبرها البعض علامة واضحة على أن ترامب لن يُدان بالتحريض على العصيان في أحداث الكابيتول.
يُذكر أن ترامب هو الرئيس الوحيد الذي يصوّت مجلس النواب على مساءلته مرتين، وأول مَن يواجه محاكمة بعد خروجه من الرئاسة، حيث من الممكن التصويت بعدم أهليته لتقلد أي منصب عام في المستقبل إذا أدانه ثلثا أعضاء مجلس الشيوخ. على الرغم من أن الدستور ينص على أن يتولى رئيس المحكمة العليا رئاسة محاكمات مساءلة الرؤساء فإن أحد أعضاء مجلس الشيوخ يتولى المهمة في حالة مساءلة رئيس سابق.