كشف تقرير نشرته منظمة العمل الدولية، يوم الإثنين 25 يناير/كانون الثاني 2021، عن أرقام مفزعة مرتبطة بفقدان الشغل في العالم، إذ أكد أن ما لا يقل عن 225 مليون وظيفة بدوام كامل اختفت على مستوى العالم، العام الماضي، بسبب جائحة فيروس كورونا، أي أكثر بأربع مرات من خسائر الوظائف الناتجة عن الأزمة المالية العالمية عام 2009، لكن في المقابل تضاعفت ثروات الأثرياء في العالم، وحققوا أرقاماً قياسية جديدة.
حسب ما نقلته صحيفة The Washington Post الأمريكية، الثلاثاء 26 يناير/كانون الثاني، فإن تقرير منظمة أوكسفام غير الربحية لمحاربة الفقر، أثبت أن ثروات أغنى عشرة رجال في العالم ازدادت مجتمعة بأكثر من 500 مليار دولار منذ بدء الأزمة، وهو ما يكفي لتطعيم الكوكب بأسره وأكثر قليلاً، وفقاً للمنظمة.
انعدام المساواة واتساع الهوة
وجدت منظمة العمل الدولية أن أبرز الخلاصات التي خلص إليها التقريران بخصوص هذه الظرفية التي اتسمت بانتشار الجائحة، أن "خسائر الوظائف قد أثرت بصورة جائرة على الوظائف منخفضة الأجر، التي تتطلب مهارات محدودة"، ما "يُنذر بخطر انتعاش غير متكافئ يفضي إلى استمرار انعدام المساواة في السنوات المقبلة".
هذا التفاوت واضح بالفعل: فقد يستغرق الفقر العالمي وقتاً أطول للعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة مما يستغرقه تعافي أغنى أغنياء العالم بـ14 مرة، وفقاً لمنظمة أوكسفام.
العام الماضي، فُقدت 8.8% من ساعات العمل على مستوى العالم، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية، التابعة للأمم المتحدة.
التقرير نفسه خلص أيضاً إلى أن أسواق العمل العالمية تشهد "اضطراباً غير مسبوق"، وأن النساء والشباب هم الأكثر تأثراً.
الفئات الأكثر تضرراً
على الصعيد العالمي شهدت النساء خسارة وظيفية بنسبة 5% عام 2020، مقابل 3.9% للرجال.
يقول شير فيريك، رئيس استراتيجيات التوظيف الخاصة بوحدة التحول الشامل التابعة لمنظمة العمل الدولية، لصحيفة The Washington Post: "تماشياً مع تركيز تقرير منظمة أوكسفام على انعدام المساواة، تؤكد تقديرات منظمة العمل الدولية أن الأزمة أدت إلى خسائر أكبر نسبياً في فرص العمل والدخل للنساء والشباب، إلى جانب ذوي الأجور المنخفضة وذوي المهارات المنخفضة، وتضررت قطاعات بعينها بشكل أكبر مثل خدمات الإقامة والطعام".
كما بلغت نسبة خسارة الوظائف بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً 8.7%، ووفقاً للتقرير تسلط هذه البيانات "الضوء على خطر ضياع جيل كامل".
من جهته، أكد غاي رايدر، المدير العام لمنظمة العمل الدولية، خلال إفادة صحفية أن تأثير الجائحة كان أكبر ليس من الأزمة المالية فقط، وإنما من الكساد الكبير في الثلاثينيات أيضاً.
وأضاف أنه من المرجح أن تستمر خسائر الوظائف حتى عام 2021، وإن نوّه إلى أن الاقتصادات المنكوبة بإمكانها البدء في إعادة البناء فور بدء برامج التطعيم.
ما الحل؟
المشرعة البريطانية كلوديا ويب، من حزب العمال، وصفت النتائج التي توصلت إليها منظمة أوكسفام بأنها "مريعة" ودعت إلى فرض ضريبة ثروة على فاحشي الثراء، وهو مقترح يقول بعض الخبراء إنه قد يكون الحل لتعافي المملكة المتحدة الاقتصادي، بعد اضطرار الحكومة لإنفاق المليارات من الأموال المقترضة لإنقاذ الوظائف والأرواح خلال جائحة فيروس كورونا.
تقول لجنة ضريبة الثروة البريطانية إن فرض الضرائب على الأغنياء سيكون حلاً أكثر إنصافاً لمساعدة البلاد على التعافي بدلاً من زيادة الضرائب على السلع أو الدخل، والقرارات السياسية التي يجادلون بها ستضر بمن يحتاجون إلى المال من أجل البقاء.
ووفقاً لما أفادت به هيئة الإذاعة البريطانية BBC، قالت ريبيكا غولاند، رئيسة قسم انعدام المساواة في منظمة أوكسفام، الشهر الماضي: "من الشائن أخلاقياً أن يستمر الفقراء في دفع ثمن هذه الأزمة، في حين أن فرض ضريبة عادلة على الأغنياء يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً".