قال موقع Middle East Eye البريطاني، الإثنين 25 يناير/كانون الثاني 2021، إن السلطات الصحية المصرية واجهت انتقادات واسعة بسبب إطلاقها حملة جديدة من المرجح أن تعرِّض حياة آلاف الأطباء وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية، للخطر، حيث أمر الرئيس عبدالفتاح السيسي الأطباء بزيارة مرضى فيروس كورونا في المنزل، الأمر الذي يُهدد حياة الأطباء.
كانت هالة زايد، وزيرة الصحة المصرية، قد أعلنت مطلع الشهر الجاري انطلاق مبادرة رئيس الجمهورية لمتابعة حالات العزل المنزلي لمرضى فيروس كورونا، تحت شعار "100 مليون صحة"، وذلك في إطار ما وصفته بحرص الدولة على صحة وسلامة جميع مرضى كورونا.
زايد قالت إن الأطباء سيقومون بالتحقق من درجة حرارة مرضى كورونا ومستويات الأكسجين بالنسبة لهم، وسيتأكدون من نقل المرضى إلى المستشفيات إذا تدهورت حالتهم من متوسطة إلى شديدة، واصفة الحملة بأنها محاولة جادة للحد من الخسائر البشرية بسبب الوباء.
المبادرة انطلقت بالفعل بمحافظات القاهرة الكبرى (القاهرة، الجيزة، القليوبية)، وستنطلق بجميع المحافظات تدريجياً، وذلك لمتابعة الحالات البسيطة إكلينيكياً لمرضى كورونا الذين يخضعون للعزل المنزلي سواءً الذين جرى تشخيص إصابتهم بمستشفيات وزارة الصحة أو بواسطة طبيب خاص، بحسب تصريحات سابقة للمتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة خالد مجاهد.
الحملة من بنات أفكار السيسي
موقع Middle East Eye البريطاني أكد أن هذه الحملة تُعدّ من بنات أفكار السيسي، الذي تكافح بلاده للسيطرة على حالات الإصابة والوفيات الناجمة عن كورونا.
لكن في المقابل، قال أسامة عبدالحي، أمين عام نقابة الأطباء المصرية، في تصريحات لوسائل إعلام محلية يوم 10 يناير/كانون الثاني 2021، إنه لا يوجد قرار رسمي بخصوص زيارة الأطباء لمتابعة مصابي كورونا بالعزل المنزلي ليتم تنفيذه حتى الآن.
عبدالحي ذكر أن هناك لجاناً لمتابعة العزل المنزلي لكن عبر الهاتف وليس الزيارات المنزلية، مضيفاً: "نحن حريصون على تقديم أقصى رعاية لمرضانا أثناء العزل المنزلي، لكن لا يوجد نظام صحي في العالم يستطيع توفير أطباء لزيارة المرضى في البيوت أثناء الوباء، إلا أن هناك ما يسمى بالعاملين الصحيين التابعين لطبيب الأسرة هم الذين يقومون بذلك، بينما هذا غير متوفر لدينا الآن".
مخاوف متصاعدة لدى الأطباء
على الجانب الآخر، هناك مخاوف بين الأطباء والعاملين في مجال الخدمات الصحية في البلاد من أن تعرضهم المبادرة للخطر من خلال إجبارهم على دخول منازل مرضى فيروس كورونا.
حيث قال أخصائي أمراض الرئة البارز الدكتور هشام أبوالنصر لموقع Middle East Eye: "هذا سيجعل الأطباء والعاملين في مجال الخدمات الصحية عرضة للإصابة بالعدوى، خاصةً إذا لم يتخذ المرضى وأسرهم تدابير كافية لحماية أولئك الذين يدخلون منازلهم".
كما نقل الموقع البريطاني عن أسامة عبدالحي قوله: "لا يوجد بلد آخر يضطر فيه الأطباء لزيارة مرضى كورونا في منازلهم. لهذا السبب نقول إن الحملة خطيرة".
مستشفيات مصر تغرق بعدد هائل من مرضى كورونا
تأتي حملة السيسي الجديدة في الوقت الذي تغرق فيه مستشفيات مصر بعدد هائل من مرضى فيروس كورونا.
إذ تقدم المئات من المستشفيات التي تديرها الدولة علاجاً مجانياً لمرضى فيروس كورونا، ولكن مع وصول المستشفيات إلى طاقتها الكاملة، لا يمكن قبول سوى أولئك الذين لديهم علاقات جيدة تمكّنهم من دخول المستشفى.
فيما يُعطى المرضى الجدد بكورونا قائمة بالأدوية لشرائها، ويُطلب منهم العودة إلى منازلهم للعزل والعلاج، خاصة في ظل عدم وجود أماكن شاغرة في وحدات العناية المركزة.
من جهتها، تحدثت نجوى الشافعي، عضو مجلس إدارة نقابة الأطباء، لموقع Middle East Eye، عن حملة السيسي، قائلة إن معظم المرضى في منازلهم لعدم وجود مكان في المستشفيات. وهذا الأمر قد يكون خطيراً إذا تدهورت ظروف المرضى دون توفر فرصة للدخول إلى المستشفى.
فيما أقرت هالة زايد مؤخراً بأولئك الذين يتلقون العلاج في المستشفيات لا يزيدون عن 15% من إجمالي حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
إثارة غضب المصريين
تسبب فشل المستشفيات في قبول المزيد من المرضى في إثارة غضب الجمهور، وساد شعور عام لدى الجمهور أنهم تُركوا في موقف صعب من قبل نظام صحي لا مكان فيه لمن يعانون من مرض خطير أو يكافحون الموت، كما يقول الموقع البريطاني.
تجدر الإشارة إلى أن مستشفيات مصر كثيراً ما تشهد بين الفترة والأخرى، شكاوى كثيرة، بسبب نقص الأكسجين في عنابر الحجز الصحي لمرضى كورونا، وكان آخرها ما حدث في مستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية شمال مصر، حيث تعرض المستشفى لنقص كبير في أنابيب الأكسجين؛ ما تسبب في وفاة 4 مرضى بكورونا، وأثار بلبلة كبيرة في الشارع المصري.
هجرة آلاف الأطباء المصريين
إلى ذلك، تساءل حمدي أبوالخير، عضو لجنة الصحة في مجلس النواب معلقاً على المخاوف من حملة الزيارات المنزلية الجديدة: "الحقيقة أنه لا يوجد عدد كاف من الأطباء لمعالجة المرضى في المستشفيات. فمن أين ستأتي الوزيرة بأطباء لمعالجة المرضى في المنزل؟".
إذ تسببت الأوضاع في مصر في هجرة آلاف الأطباء. وقالت مجموعة بحثية محلية في وقت سابق من هذا الشهر إن أكثر من 7000 طبيب غادروا مصر تماماً منذ الموجة الأولى من فيروس كورونا المستجد أوائل العام الماضي.
فيما ينادي الأطباء بضرورة أن تقوم السلطات بتشجعيهم وحمايتهم، وليس تعريض حياتهم لخطر أكبر.
هل العالم مندهش من تجربة مصر في مكافحة كورونا؟
كان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد صرّح، يوم السبت 23 يناير/كانون الثاني 2021، بأن مصر من الدول التي ينظر إليها العالم باندهاش؛ لتعامُلها مع أزمة فيروس كورونا.
السيسي قال كذلك خلال افتتاح أحد المشروعات السمكية شرقي مصر: "لا تندهشوا، كلها جنود الله سبحانه وتعالى، وربنا لا يسلط علينا جنوده"، في إشارة إلى فيروس كورونا.
السيسي يعلّق على أعداد كورونا في مصر
تصريحات السيسي الأخيرة عن كورونا تتشابه مع تصريحات سابقة في مؤتمر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون 7 ديسمبر/كانون الأول 2020، قال فيها إن مصر لديها معدلات جيدة بخصوص إصابات كورونا، ووجَّه حديثه للسياح بالقول: "بأقول للسياح في شرم الشيخ والمنتجعات المصرية: ما تقلقوش"، على حد قوله.
وأشار في المؤتمر ذاته مع ماكرون، إلى أن الدولة المصرية تشهد معدلات معقولة جداً في الإصابات بفيروس كورونا قياساً بالعالم، سواء في الموجة الأولى أو الثانية، "وفي المقاصد السياحية مثل شرم الشيخ والغردقة، الإصابات منعدمة فيما يخص فيروس كورونا".
إلا أنه رغم الأعداد التي توصف بـ "غير المنطقية" التي تعلن عنها مصر كعدد إصابات مواطنيها اليومي بكورونا، فإن الأيام القليلة الماضية شهدت ارتفاع أعداد الإصابات وفقاً لبيانات الحكومة، من المئات لتقفز إلى ما فوق الألف للمرة الأولى منذ شهور.
حيث سجلت وزارة الصحة المصرية ارتفاع مجمل الإصابات بكورونا إلى 161 ألفاً و817، بينها 8 آلاف و959 وفاة، و126 ألفاً و497 حالة تعافٍ.