قالت مسودة جديدة لمنظمة الصحة العالمية إن دراسات وتقارير حديثة أثبتت أن فيروس كورونا يمكن أن يعيش لفترة طويلة في ظروف التجميد والتخزين البارد، وإن الفيروس قد ينتقل إلى الإنسان من سطح عبوة مجمدة، وذلك في أحدث توضيح للخلاف الدائر بين الصين ودول غربية حول حقيقة انتشار الفيروس عبر عبوات الأطعمة المجمدة.
صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية كشفت السبت، 23 يناير/كانون الثاني 2021، عن مسودة منظمة الصحة العالمية، التي تأتي بعد أن تسبب الخلاف بين الصين ودول غربية في مقدمتها أمريكا، حول انتشار فيروس كورونا عبر عبوات الأطعمة المجمدة، وهو ما تسبب بأزمة اقتصادية، إذ تكدست البضائع وفسدت أثناء انتظار فحصها وتعقيمها، كما حُظرت بضائع بعض الشركات الأوروبية بعد إخفاقها في فحوصات بكين، وهو ما دفع هذه الدول لتجهيز خطاب مشترك ضد الإجراءات الصينية.
موقف منظمة الصحة العالمية
مسودة منظمة الصحة العالمية الجديدة تقول: "أبرزت الدراسات والتقارير الحديثة أن الفيروس يمكن أن يعيش لفترة طويلة في ظروف التجميد والتخزين البارد، وأن الفيروس قد ينتقل إلى الإنسان من سطح عبوة مجمدة".
وتقول المسودة إن مخاطر إصابة المستهلك محدودة، لكنها تضيف: "في حالات نادرة يمكن أن تتلوث الأطعمة أثناء الإنتاج، وفي حالة المنتجات المجمدة يمكن أن يستمر الفيروس في الطعام أو عبواته أثناء نقله دولياً، وفي البلدان التي سيطرت على الفيروس يمكن أن تصبح مصدراً محتملاً لعودة الفيروس للانتشار".
فيما يقول مسؤولو منظمة الصحة العالمية إن هذه المسودة كانت أحد التحديثات المطروحة للأسئلة والأجوبة الموجهة لعامة الناس، وإنهم لم يغيروا إرشاداتهم الفنية للحكومات والعاملين في مجال الصحة.
وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية: "طلبنا بيانات عن فحوصات الصين للأطعمة المجمدة المغلفة ولكننا لم نتلقَّ شيئاً".
يأتي ذلك في الوقت الذي سبق أن أشار موقع منظمة الصحة العالمية إلى أن الفيروس يمكنه البقاء على قيد الحياة لعدة ساعات على أسطح مثل الورق المقوى والبلاستيك والفولاذ في ظروف معملية، ويمكن أن ينتشر عبر أشياء قريبة من الأشخاص المصابين، لكنه قال إن تعقيم مواد التعبئة والتغليف غير ضروري.
حيث يقول: "لا يوجد دليل حتى الآن يثبت انتقال فيروسات تسبب أمراض الجهاز التنفسي عن طريق الطعام أو عبوات المواد الغذائية".
أزمة اقتصادية
وقد أشاعت الصين أن واردات الأطعمة المجمدة أحد أسباب تفشي المرض في عدد من المناطق في الآونة الأخيرة، وعمدت إلى فحص وتعقيم السلع الأجنبية إلزامياً، قائلة إنها وجدت آثاراً للفيروس على عبوات منتجات مثل لحم الخنزير الأمريكي والروبيان السعودي ولحم البقر البرازيلي.
في الوقت نفسه، تشكك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من الحكومات الأخرى في تقييم بكين لهذه الأدلة، وكذلك العديد من الخبراء خارج الصين، وتجهز هذه الدول لإرسال خطاب مشترك إلى بكين تصف فيه قيودها بأنها جائرة، وتقول إنها لا ترى خطراً كبيراً في انتشار الفيروس عن طريق الأطعمة المجمدة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الخطاب.
بحسب الصحيفة فإن الصين بالفعل تلزم بعض المسالخ الأجنبية وشركات المأكولات البحرية بفحص منشآتها عن طريق الفيديو.
كما أشارت الصحيفة إلى أن كثيراً من البضائع تفسد أثناء انتظار موظفي الجمارك لفحص الصناديق وتعقيمها، وفقاً لمجموعة الضغط في الاتحاد الأوروبي FoodDrinkEurope، كذلك فقد حُظرت بضائع بعض الشركات بعد إخفاقها في فحوصات بكين، فيما اكتفى بعضها الآخر بالتوقف عن تصدير البضائع إلى الصين، لأنها تجد صعوبة شديدة في الإيفاء بمتطلباتها.
كان فنغ تسي جيان، نائب رئيس المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، قد قال الأربعاء إنه عُثر على فيروس نشط على بعض المنتجات المجمدة المستوردة، مثل المأكولات البحرية والصناديق التي تحويها، وعلى بعض المواد غير المجمدة.
وقال: "لقد أثبت هذا أن هذه الفيروسات النشطة على سطح الأجسام في بيئة ملوثة يمكن أن تسبب إصابة الإنسان".
موقف مراكز علمية أجنبية
فيما يقول بعض الخبراء إن الخلاف حول تفسير الأدلة يعكس الأساليب المتناقضة في التعامل مع الجائحة بين الصين، التي تحاول خفض عدد الحالات إلى الصفر، والبلدان الأخرى التي ينتشر فيها الفيروس بشكل أكبر.
ويقول آخرون إن الخلاف يعكس التوترات السياسية المستمرة المتعلقة بالجائحة.
تقول إبريل بالير، خبيرة مكافحة العدوى في منظمة الصحة العالمية: "السياسة للأسف جزء مما يجري، لكن الأدلة هي الأساس بالنسبة لنا".
وقالت الدكتورة إبريل إن فريقاً من جامعة أكسفورد يعمل على تقييم ما يقرب من 60 دراسة خضعت لمراجعة علماء حول هذا الموضوع لصالح منظمة الصحة العالمية، ولم يتوصلوا إلى أي دليل على أنه يمكن انتقال الفيروس الحي من الأسطح، رغم العثور على آثار لمواد جينية.
من جانبها، قالت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، التي درست هذه المشكلة لعدة أشهر، على موقعها على الإنترنت، إن خطر الإصابة بمرض كوفيد-19 من التعامل مع الأطعمة المجمدة وتغليفها يعتبر منخفضاً للغاية.
وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي: "لا يوجد دليل على أن العبوات الملوثة تنقل العدوى".
ولم تجد نيوزيلندا، التي تمكنت من السيطرة على الجائحة داخل حدودها، دليلاً على دخول الفيروس عبر عبوات أغذية مستوردة -مجمدة أو غير مجمدة- ولا تُلزم بفحصها أو تعقيمها، وفقاً لمتحدث باسم الحكومة.