كشفت صحيفة The Independent البريطانية، نقلاً عن تقارير إعلامية أمريكية، أن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، تعتزم التوقف عن تسمية المهاجرين إلى أمريكا بـ"الأجانب غير الشرعيين" (aliens)، وذلك ضمن مشروع قانون شامل للهجرة اقترحته إدارة بايدن في أول يومين له في المنصب.
الصحيفة البريطانية قالت إن مصطلح "أجنبي غير شرعي/قانوني" لطالما استُخدم في قوانين الهجرة الأمريكية، على الرغم من إدانة نشطاء وحقوقيين له باعتباره إهانة، وزاد على ذلك أن أصبحت تلك اللغة أكثر شيوعاً في ظل إدارة ترامب.
تغيير جوهري في ملف المهاجرين
غير أنه وفي خطوة نحو ترسيخ التعريف بأمريكا على أنها "أمة من المهاجرين" وتوحيد البلاد، اقترح بايدن التخلي عن هذا المصطلح في القوانين والاستعاضة عنه بمصطلح "من غير المواطنين" في مشروع القانون، حسبما ذكرت شبكة CNN الأمريكية.
وتأييداً للقرار، وصفه خوسيه أنطونيو فارغاس، مؤسس منظمة Define American، وهي منظمة معنية بمزيد من أنسنة النقاشات حول المهاجرين وقد دعا مؤسسها من أجل صياغات وتصوير أكثر دقة للمهاجرين في المجال العام، بأنه تغيير جوهري في الاتجاه الصحيح.
كما نقلت شبكة CNN عن فارغاس، وهو نفسه مهاجر غير حائز للوثائق الرسمية، قوله: "إن تغيير لغة التعامل في اليوم الأول لهذه الإدارة، مع كون [نائبة الرئيس] كامالا هاريس ابنة مهاجرين، يدعوني إلى القول إن هذا ليس مجرد تغيير رمزي، إنه تغيير جوهري"، مضيفا: "الكيفية التي نشير بها إلى الناس مهمة حقاً. إنها تؤثر في طريقة معاملتنا لهم. والكيفية التي نتحدث بها عن المهاجرين تصوغ السياسات المتبعة نحوهم. وهذا [التغيير] يستهدف القضايا ذات الأهمية حقاً. إنه يقر بأننا نتحدث عن بشر وعائلات".
وفقاً لقانون الولايات المتحدة، فإن مصطلح "أجنبي" يعني أي شخص ليس مواطناً أو حاملاً للجنسية الأمريكية.
القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي السابق، كيفين ماك آلينان، كان قد قال في مقابلةٍ مع صحيفة The Washington Post في عام 2019، قبل استقالته: "أعتقد أن الكلمات التي نستخدمها مهمة للغاية"، مشيراً إلى أهمية تجنب هذا المصطلح، ولفت ماك آلينان في مقابلته إلى أنه "إذا استخدمت مصطلحات (تعزل) بها نصف جمهورك عنك، فإن ذلك بطبيعة الحال سيعوّق قدرتك على الفوز بأي جدال" في هذا السياق.
رغم ذلك، فإن ترامب استخدم المصطلح خمس مرات على الأقل عندما تحدث في آخر زيارة له إلى حدود المكسيك الأسبوع الماضي قبل نهاية رئاسته، وفقاً للإذاعة الوطنية.
فيما ينتقد فارغاس تلك اللغة قائلاً: "كنا مع إدارة ترامب البعبع الدائم. كلما وقع ترامب في مأزق، بدأ يتحدث عن (غير الشرعيين) وعن الحدود" وضرورة غلقها.
على الجانب الآخر، يسعى اقتراح بايدن الطموح، والذي كشف النقاب عنه مع توليه رسمياً يوم الأربعاء 20 يناير/كانون الثاني، إلى منح وضع قانوني ومسار رسمي للحصول على الجنسية لأي شخص وصل إلى الولايات المتحدة قبل الأول من يناير/كانون الثاني.
خطة منح الجنسية الأمريكية للمهاجرين
ويأتي هذا بعد أن كشفت صحيفة The Independent البريطانية أن بايدن يخطط للكشف عن مشروع قانون شامل للهجرة في اليوم الأول لإدارته يهدف إلى توفير الفرصة لحصول ما يقدَّر بنحو 11 مليون شخص يعيشون في الولايات المتحدة دون وضع قانوني على الجنسية الأمريكية في غضون 8 سنوات، فيما يمثل تحولاً مهماً عن سياسات إدارة ترامب القاسية في الهجرة.
وقالت إن هذا التشريع يضع بايدن على الطريق الصحيح للوفاء بوعد حملته الانتخابية المهم للناخبين اللاتينيين وغيرهم من مجتمعات المهاجرين بعد أربع سنوات من سياسات الرئيس دونالد ترامب التقييدية والترحيلات الجماعية.
الصحيفة أضافت أن بايدن يوفر بذلك أحد أسرع المسارات لحصول من يعيشون في البلاد دون وضع قانوني من أي شكل في السنوات الأخيرة على الجنسية، لكنه لا يشتمل على ما يضمن التوازن التقليدي مع تعزيز أمن الحدود الذي يعتبره العديد من الجمهوريين أولوية، وهو ما يجعل تمريره في كونغرس شبه منقسم موضع شك.
وبموجب هذا التشريع، فمن يعيشون في الولايات المتحدة من تاريخ 1 يناير/كانون الثاني عام 2021، دون وضع قانوني، ستتوفر لهم إمكانية الحصول على وضع قانوني مؤقت، أو بطاقة خضراء، في غضون خمس سنوات، إذا اجتازوا إجراءات التحقق من ماضيهم ويدفعون الضرائب ويستوفون المتطلبات الأساسية الأخرى. وبعدها، سيبدأ مسار مدته ثلاث سنوات للتجنس، إذا قرروا السعي للحصول على الجنسية.
وستسير هذه العملية بوتيرة أسرع لبعض المهاجرين. فبإمكان من يطلق عليهم "الحالمون"، أي الشباب الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني وهم أطفال، وكذلك العاملون في مجال الزراعة والأشخاص الممنوحون وضع الحماية المؤقتة، التأهل بدرجة أسرع للحصول على البطاقات الخضراء إذا كانوا يعملون أو يدرسون أو يستوفون شروطاً أخرى.
كما أن هذا المشروع ليس شاملاً مثل آخر خطة إصلاح شاملة للهجرة اُقترحت حين كان بايدن نائباً للرئيس خلال إدارة أوباما، فعلى سبيل المثال، لا يتضمن بنداً قوياً لأمن الحدود، ولكنه يدعو إلى الخروج باستراتيجيات. كما أنه لا يقدم أي برامج للعاملين الزائرين الجدد أو التأشيرات الأخرى، لكنه يعالج بعض الأسباب الجذرية للهجرة من أمريكا الوسطى إلى الولايات المتحدة، ويقدم منحاً لتطوير القوى العاملة وتعلم اللغة الإنجليزية.
وفي فترة ترشحه، كان بايدن يصف إجراءات ترامب المتعلقة بالهجرة بأنها "هجوم عنيف" على القيم الأمريكية، وقال إنه "سيبطل هذا الضرر" دون التقصير في حماية الحدود.