كشفت صحيفة The Guardian البريطانية أن الاتفاقية الدولية التي تحظر جميع الأسلحة النووية والتي وقعتها 51 دولة تدخل حيز النفاذ، الجمعة 22 يناير/كانون الثاني 2021، وهي أول معاهدة متعددة الأطراف لنزع السلاح النووي، ومبرمة منذ أكثر من عقدين، فيما يأمل المدافعون أنها ستساعد في جذب مزيد من الاهتمام لجهود الردع النووي عالمياً.
على الرغم من أنَّ هذه الخطوة رمزية إلى حد كبير لأنَّ القوى النووية الكبرى في العالم لم توقعها، ستكون المعاهدة ملزمة قانوناً للدول الأصغر التي صادقت عليها، إلى جانب أنها مدعومة من قيادة الأمم المتحدة.
اتفاقية حظر الأسلحة النووية
معاهدة حظر الأسلحة النووية تحظر على الدول المُوقِّعة عليها إنشاء الأسلحة النووية وامتلاكها ونشرها، وتُلزِمها بمساعدة ضحايا استخدام الأسلحة النووية واختبارها.
فيما دعت كيت هدسون، الأمينة العامة لمنظمة حملة نزع السلاح النووي البريطانية، حكومة المملكة المتحدة إلى "التوقف عن عنادها، والشروع في المشاركة البناءة في المعاهدة الجديدة" لكن ليس هناك أي أمل في أن تصادق القوى النووية الرائدة في العالم على الاتفاقية.
ينس شتولتنبرغ، الأمين العام لحلف الناتو، في نوفمبر/تشرين الثاني، قال إنَّ المعاهدة تتجاهل حقائق الأمن العالمي وإنَّ المعاهدة تتجاهل حقائق الأمن العالمي.
كما أوضح شتولتنبرغ: "التخلي عن رادعنا (النووي) دون أية ضمانات بأنَّ الآخرين سيفعلون الشيء نفسه هو خيار خطير. إن العالم الذي تمتلك فيه روسيا والصين وكوريا الشمالية ودول أخرى أسلحة نووية، لكن حلف الناتو ليس لديه أسلحة نووية، ليس عالماً آمناً".
معاهدة تخفيض الأسلحة
وشهدت السنوات الأخيرة تآكلاً تدريجياً في الضوابط النووية العالمية، مع إنهاء سريان معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى عام 1987، التي أبقت الصواريخ النووية بعيداً عن الأراضي الأوروبية، في عام 2019 وسط تبادل الاتهامات من روسيا والولايات المتحدة.
إضافة إلى ذلك، سينتهي في 5 فبراير/شباط سريان معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة بين الولايات المتحدة وروسيا، التي تسمح لكل دولة بامتلاك 1550 رأساً نووياً ونشر 700 صاروخ وقاذفة بحد أقصى، على الرغم من أنَّ الناتو دعا الجانبين لتمديد سريان المعاهدة عقب تنصيب الرئيس بايدن هذا الأسبوع.
كما ظهرت معاهدة حظر الأسلحة النووية بعد إنشاء مجموعة عمل تابعة للأمم المتحدة في 2016. وحظيت بدعم 123 دولة، ومعارضة 38 صوتاً. وكان من المعارضين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا، وكذلك إسرائيل، التي يُعتقَد على نطاق واسع أنها تمتلك أسلحة نووية. فيما امتنعت الصين والهند وباكستان عن التصويت.
وتشمل الدول التي صادقت على الاتفاقية نيجيريا وماليزيا وأيرلندا ومالطا وتايلاند والمكسيك وجنوب إفريقيا وبنغلاديش ونيوزيلندا وفيتنام والفاتيكان، على الرغم من أنَّ الولايات المتحدة مارست في الخريف الماضي محاولة ضغط أخيرة لإقناع الدول بسحب توقيعها بيد أنَّ هذا الجهد فشل، وفي أكتوبر/تشرين الأول أصبحت هندوراس الدولة الخمسين التي توقع على الوثيقة؛ أي أنها اكتسبت قوة القانون بعد 90 يوماً.
ريبيكا جونسون، وهي ناشطة مخضرمة في مجال نزع السلاح ومن أبرز الشخصيات المشاركة في تطوير المعاهدة قالت: "هذا مثال على تعددية الأمم المتحدة في العمل. يجب أن تنضم بريطانيا إلى طاولة النقاش، وتتخذ الخطوات التالية نحو تخليص العالم من الأسلحة النووية".
من جانبها، أفادت وزارة الخارجية البريطانية بأنَّ المملكة المتحدة "ملتزمة بالهدف طويل المدى لعالم خالٍ من الأسلحة النووية". وأضاف متحدث: "لدينا اعتقاد راسخ بأنَّ أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي من خلال عملية نزع سلاح تدريجية متعددة الأطراف".
الأمم المتحدة ترحب
ورحب أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بدخول معاهدة حظر الأسلحة النووية حيز التنفيذ، واعتبر الأمين العام المعاهدة "خطوة مهمة نحو الهدف المتمثل في عالم خالٍ من الأسلحة النووية وإظهار قوي لدعم النهج متعدد الأطراف لنزع السلاح النووي".
كما أشاد غوتيريش بالدول التي صدقت على المعاهدة، وبالدور الفعال للمجتمع المدني في دفع عجلة المفاوضات وبدء التنفيذ قائلاً "أبدى الناجون من التفجيرات والتجارب النووية ، بما قدموه من شهادات مأساوية، قوة أخلاقية محفزة للمعاهدة ويمثل الدخول حيز التنفيذ؛ تكريما لمناصرتهم المستمرة".
وحذر غوتيريش من أن "الأسلحة النووية تشكل مخاطر متزايدة ويحتاج العالم إلى إجراءات عاجلة لضمان إزالتها ومنع العواقب البشرية والبيئية الكارثية التي قد يسببها أي استخدام لها" فيما دعا جميع الدول إلى "العمل معًا لتحقيق هذا الطموح لتعزيز الأمن المشترك والسلامة الجماعية".