تترقب الشابة هاجر قرار القضاء الفرنسي الذي طرقت بابه لإنصافها في معركتها بسبب منع الحجاب من طرف إدارة مطعم شهير لتقديم الوجبات السريعة في مدينة نيس الفرنسية، وتحويل عقدها إلى عاملة نظافة في نفس المطعم عوض مسؤولة إدارية.
هاجر، شابة إيطالية من أصول تونسية تبلغ من العمر 27 سنة، وتعيش في فرنسا، تحكي لـ"عربي بوست" قصتها، التي بدأت سنة 2018 عندما بدأت مسيرة البحث عن عمل لدعم دراستها، فوجدت في مطعم عالمي شهير لتقديم الوجبات السريعة القريب من سكنها مرادها، قبل أن يتغير كل شيء، وتجد نفسها ضحية لتمييز ديني داخل المؤسسة.
منع الحجاب
عن بداية حاكيتها تقول هاجر لـ"عربي بوست" إنها تقدمت للوظيفة وهي تضع حجابها، ولم تلق أي رفض أو تحفظ من مدير المطعم حينها، بل رحب بها وشرح لها مهامها ووقعت العقد واستأنفت العمل بسلاسة.
بعد شهر من عملها أخبرها المدير أن بعض الزملاء انزعجوا من حجابها، واقترح عليها بشكل لبق أن تعوض الحجاب بقُبعة تغطي شعرها، وهو ما قبلته هاجر بصدر رحب، بسبب ما وصفته بـ"التعامل الحسن" الذي تلقته من مديرها.
الشابة المسلمة التي سافرت إلى فرنسا للدراسة تقول إن "الأشهر الثلاثة الأولى مرت على خير، وخلال هذه الفترة تم قبولها لدراسة الماجستير في تخصص الإدارة والتسويق العالمي بجامعة نيس، وطلب منها خلاله البحث عن عملـ تدريب في مجال تخصصها".
طلبت هاجر من المدير السابق للمطعم، حيث كانت تعمل أن يسمح لها بالتقدم بطلبٍ لتغيير العقد، من أجل أن تحظى بفرصة تدريب داخل إدارة المطعم بشكل يتوافق والمطلوب منها من قبل إدارة الماجستير، وهو ما لم يرفضه المدير، بل على العكس تماماً.
طرأ تغيير في إدارة المطعم الذي تعمل فيه الشابة هاجر، وتغير المدير العام، تقول هاجر حينها "بدأت الشكوى من لباسي، خاصة من طول أكمامي، وطُلِبَ مني تفسير سبب تغطية شعري ولبس الأكمام، بعد ذلك بفترة تزايدت حدة التعقيبات على تغطية شعري، وتمت دعوتي لاجتماع للحديث عما اعتبروه عدم احترام الزي المهني".
تحكي هاجر أنها تم فصلها عن العمل لمدة أربعة أيام كعقاب "وعدت للعمل بشكل طبيعي ولم أغير طريقة لباسي، وشرحت أن عقدي عقد للتدريب المهني، وأني لم أعد أعمل، وأن بنود العقد لا يتم احترامها".
تضيف المتحدثة "احتج المدير وتمت معاقبتي بالتنظيف طول اليوم، فذكرته أن عقد العمل لا ينص على ذلك، لكني قبلت على مضض لتفادي المشاكل، لكنه شتمني وطلب مني أن أنظف المراحيض، وتوالت إهانته لما يزيد عن ربع ساعة أمام الجميع، ثم رفضت الأمر وغادرت المطعم".
تقول هاجر: "تم طردي من العمل بشكل نهائي بعد هذا النزاع، وفقدت مكاني بين زملائي في الماجستير، لأن التدريب كان شرطاً أساسياً، كما أن رسالة الطرد اعتبرت أن السبب هو عدم الالتزام بالزي الرسمي".
شكاية للقضاء
منذ طردها من عملها، وتفويتها لفرصة دراسة الماجيستر تقدمت هاجر بشكوى ضد المطعم، واليوم تستعد لجلسة جديدة حول القضية حُدد لها مارس القادم.
أكدت المتحدثة في لقائها مع عربي بوست أن "قصتها مع مدير المطعم وما تعرضت له من معاملة سيئة بسبب حجابها، ليس الحادثة الأولى التي تعرضت فيها لموقف عنصري بسبب حجابي، سبق أن تعرضت لذلك داخل الحرم الجامعي من قبل أستاذ جامعي يدرسنا القانون، كان رد فعلي الصمت حينها، ونقلت احتجاجي للإدارة، لكن لم يتم أبداً الالتفات لذلك المشكل".
تقول هاجر: "ندمت لأني لم أشتكِ الأستاذ للعدالة الفرنسية، لكن بعد الموقف العنصري الذي تعرضت له بالمطعم قررت أن أتجه للقضاء، لأننا في بلد يرفع شعار الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، وسأدافع عن حقي إلى أن يتم إنصافي".
واعتبرت المتحدثة أنه "في كل مرة يتم التضييق على المحجبات وعلى المسلمين ولا شيء يتغير، وحان الوقت لندافع عن حقوقنا كمواطنين أوروبيين وفرنسيين"، مضيفة "لدي ثقة في القضاء الفرنسي، وأعلم أنه مستقل عن السياسات التي تسعى شخصيات سياسية لتكريسها عبر التضييق على الأقليات بصفة عامة، وعلى المسلمين بشكل خاص".