أعلن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، الجمعة 15 يناير/كانون الثاني 2021، إغلاق تسعة مساجد في عموم فرنسا، بعد مراقبة خاصة لـ18 داراً للعبادة خلال أسابيع، وفقاً لقانون "النزعة الانفصالية" الذي تم إقراره مؤخراً، ويعتمد تضييقاً على الشعائر الدينية الإسلامية خصوصاً.
الوزير أكد عبر تغريدة على حسابه الرسمي بتويتر إغلاق 9 من بين 18 دار عبادة تمت مراقبتها بشكل خاص بطلب منه، كما أضاف: "نتخذ إجراءات حازمة ضد النزعة الانفصالية الإسلامية في فرنسا".
كان دارمانان قد أعلن في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2020، عن "عمل واسع النطاق" وإجراءات مراقبة تستهدف "76 مسجداً".
إغلاق 8 من بين هذه المساجد الـ9 جاء تحت أعذار إدارية، 5 منها لعدم مطابقتها لمعايير السلامة، فيما توجد أغلب هذه المؤسسات في المنطقة الباريسية، وفق ما قالت أوساط الوزير لوكالة الأنباء الفرنسية.
بحسب الوكالة، فقد نفذت في الإجمال "34 عملية مراقبة" في الأسابيع الأخيرة لدور عبادة إسلامية في فرنسا.
يأتي ذلك في الوقت الذي يُقَدّم مشروع قانون "تعزيز احترام مبادئ الجمهورية"، الذي يسمى أيضاً قانون مناهضة الانفصالية، إلى النواب اعتباراً من الإثنين ليتناقشوا حوله، في لجنة خاصة بالجمعية الوطنية قبل عرضه في جلسة عامة اعتبارا من الأول من فبراير/شباط.
واجتمع وزير الداخلية صباح السبت الماضي مع مسؤولين من التيارات الثلاثة الأساسية ضمن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، في محاولة لتهدئة الانقسامات بينهم حول مشروع إصلاح الإسلام في فرنسا.
قانون "النزعة الانفصالية"
في 9 من ديسمبر/كانون الأول، كشفت فرنسا النقاب عن مجموعة من الإجراءات الجديدة ضمن مشروع رئيسها إيمانويل ماكرون لدعم قيم العلمانية ومحاربة ما يسميه "التطرف الإسلامي"، بما يشمل ذلك من فرض قيود على المساجد والجمعيات الخيرية، وذلك تحت "قانون تعزيز المبادئ الجمهورية"، أو "محاربة النزعة الانفصالية".
يشمل القانون الجديد تحديداً لدور الزعماء الدينيين ودور العبادة، وفرض إجراءات مراقبة أكثر صرامة بحق النوادي الرياضية والتعليم والجمعيات الخيرية.
يهدف مشروع القانون كذلك إلى تشديد القيود على خطاب الكراهية بالإنترنت، كما يحظر استخدام الإنترنت لنشر معلومات وبيانات أشخاص آخرين لأغراض خبيثة.
في الحياة الاجتماعية، يعزز القانون الحظر المفروض على تعدد الزوجات من خلال رفض منح الإقامة للمرتبطين بأكثر من زوجة، كما يفرض غرامات على الأطباء أو منعهم من مزاولة المهنة إذا أجروا اختبارات كشف عذرية على الفتيات.
وهناك قواعد جديدة للشفافية المالية للجمعيات الإسلامية، تتضمن إقرار هذه الجمعيات بقيم الجمهورية الفرنسية مقابل الحصول على تمويل.
القانون شمل أيضاً حظر المدارس "السرية" التي تروج لأيديولوجية متطرفة، كما شدد على قواعد التعليم المنزلي.
كذلك تم تمديد حظر ارتداء المسؤولين الرسميين في الدولة أي زيّ يدل على الهوية الدينية، ليشمل العاملين في قطاع النقل وأحواض السباحة والأسواق.
يشار إلى أن القانون الجديد ضد "الانفصالية الإسلامية"، الذي أعلن عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بداية أكتوبر/تشرين الأول 2020، قد واجه انتقادات من قبل بعض قادة الدول الإسلامية، وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والولايات المتحدة أيضاً.
حيث أعرب المبعوث الأمريكي للحرية الدينية سام براونباك عن قلقه بشأن طابعه "القمعي جداً".
وبعد احتجاجات، خففت الحكومة صياغة قانون "مناهضة الانفصال"، وتمت إعادة تسميته "قانون تعزيز المبادئ الجمهورية"، حيث لا توجد إشارة إلى الإسلام في النص بشكل مباشر.
يُشار إلى أنه يوجد في فرنسا حوالي خمسة ملايين مسلم، وهي أكبر أقلية مسلمة في أوروبا.