أقدمت عضوةٌ في مجلس واشنطن العاصمة على تقديم تشريع يدعو إلى إطلاق اسم الصحفي جمال خاشقجي على أحد شوارع المدينة المؤدية إلى سفارة المملكة العربية السعودية، في خطوة تكريمية للصحفي الذي قُتل في سفارة بلاده بإسطنبول عام 2018.
تأتي خطوة العضوة الأمريكية، وفقاً لما نشره موقع Middle East Eye البريطاني الخميس 14 يناير/كانون الثاني 2021، بناء على بيان نشرته منظمة "الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن"، التي أسّسها خاشقجي، ودعت فيه المجلس إلى المضي قدماً في التصويت وتمرير التشريع.
وقدّمت بروك بينتو التشريع أمس الخميس، واصفةً خاشقجي الذي كان من سكان العاصمة بأنّه "مدافعٌ شرس عن الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وسيادة القانون".
يشار إلى أن الطريق المقرر تسميته تكريماً لجمال خاشقجي يمر من أمام سفارة المملكة العربية السعودية مباشرةً، "لتذكير كل من يزور السفارة السعودية بشجاعة خاشقجي"، بحسب بيان المنظمة.
فيما قالت بروك: "كان جمال خاشقجي يعلم أنّه يُعرّض حريته وحياته للخطر بتسليطه الضوء على السعودية والبحث عن الحقيقة"، مؤكدة أنه "لا يجب أن نسمح لأولئك الذين يُرهبونهم بالنجاح، فالهجوم على الصحافة هو هجومٌ على حريتنا وديمقراطيتنا".
وما يزال التشريع بحاجة إلى طرحه للتصويت من جانب رئيس المجلس فيل مندلسون. وفي حال تمريره، يجب أن تُوقّع عليه العمدة مورييل باوزر لاعتماده رسمياً.
كانت منظمة "الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن"، التي أسّسها خاشقجي، قد نشرت بياناً الخميس حثّت فيه المجلس على المضي قدماً في التصويت وتمرير التشريع.
إذ قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية للمنظمة: "إنّ إعادة تسمية الشارع المقابل للسفارة السعودية في واشنطن هي تكريمٌ لإرث جمال خاشقجي الذي دفع أغلى ثمن لالتزامه بحرية التعبير، كما سيُذكّر مسؤولي الحكومة السعودية يومياً بأنّ جرائمهم البشعة لن تُنسى أيضاً".
جهود مستمرة.. "تكريمٌ لائق"
تأتي هذه المبادرة بعد جهود مستمرة من قبل جهات رسمية وشعبية لتكريم لائق للصحفي جمال خاشقجي، إذ تتوافق مع تحقيق المقررة الأممية أغنس كالامارد في عام 2019 حول اغتيال خاشقجي خارج نطاق القضاء، حين أوصت حينها بإطلاق اسمه على نصبٍ تذكاري أو شارع مُطل على السفارة تكريماً للصحفي المغدور.
كما دعا النشطاء في العاصمة إلى إعادة تسمية الشارع باسم خاشقجي للمرة الأولى بعريضة حملت 10 آلاف توقيع، وقُدِّمَت إلى لجنة الحي الاستشارية المحلية حيث تقع السفارة.
لكن تلك الجهود لم تنجح حينها، لأنّ القانون يحظر إطلاق اسم أيّ شخص على مكانٍ عام ما لم يمضِ عامان على الأقل على وفاته.
وقد رحّب مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية وجماعة كود بينك المناهضة للحرب بخطوة بروك لتقديم المبادرة في مجلس واشنطن العاصمة، حيث وصف مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية الفكرة بأنّها "تكريمٌ لائق لناشط ديمقراطي لا يعرف الخوف، ولم يتمكّن قتلته من إسكاته، حتى بعد موته".
فيما صرّح نهاد عوض، المدير التنفيذي الوطني لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، في بيان: "في حين سعى العديد من الزعماء العالميين إلى تجاهل أو التستّر على جريمة القتل الوحشية التي دبّرها محمد بن سلمان، ظلّ أصدقاء خاشقجي وأنصاره ملتزمين بضمان عدم نسيان إرثه".
جريمة قتل خاشقجي
وفي أحدث تطور على قضية خاشقجي أمر القاضي الفيدرالي الأمريكي بول إنغلماير، في ديسمبر/كانون الأول 2020، بتسليم وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" تقريراً حول قتل الصحفي السعودي، وتسليم فيديو عن عملية القتل، رافضاً قرار الاستخبارات الحفاظ على سرية المعلومات، وفقاً لوكالة بلومبيرغ الأمريكية.
مؤسسة "أوبن سوساييتي" قالت إن أمر القاضي الأمريكي لأجهزة الاستخبارات بالاعتراف بوجود الأدلة يمثل خطوة أولى تحققت باتجاه احتمال نشر تسجيل يتعلق بقتل خاشقجي، وتقرير الاستخبارات الأمريكية في هذه القضية، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وقد قُتل خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2018، عن عمر ناهز 59 عاماً، في قضية هزت الرأي العام الدولي، مع اتهامات تنفيها الرياض بأن ولي العهد محمد بن سلمان هو من أصدر أمر اغتياله.
ولم يعثر بعد على رفات خاشقجي الذي كان يكتب في صحيفة واشنطن بوست، وأغرقت قضية مقتله السعودية في إحدى أسوأ أزماتها الدبلوماسية، لاسيما أن الرياض قالت إن الصحفي قُتل خلال عملية غير مصرح لها، لكن مسؤولين أتراكاً وأمريكيين يرون أن الاغتيال ما كان لينفذ من دون موافقة محمد بن سلمان.
تقول الوكالة الفرنسية إن محاكمة غير شفافة أُجريت في السعودية، وحُكم في نهايتها على خمسة أشخاص بالإعدام، لكن أحكامهم خففت في أيلول/سبتمبر للسجن 20 عاماً.
من جانبها، أصدرت تركيا عشرات لوائح الاتهامات لسعوديين على صلة بمقتل الصحفي خاشقجي، وكان لمقتل الصحفي دور كبير في تدهور العلاقات بين الرياض وأنقرة.