صوّت مجلس النواب الأمريكي، الثلاثاء 12 يناير/كانون الثاني 2021، على حث نائب الرئيس مايك بنس على بدء تفعيل التعديل 25 للدستور الأمريكي، لإقالة الرئيس دونالد ترامب من منصبه، في حين أعلن بنس رسمياً أنه سيرفض تفعيل هذه المادة، الأمر الذي سيدفع المجلس إلى تقديم لائحة اتهام ضد الرئيس، تمهيداً لعزله.
بنس يرفض عزل ترامب
وكالة رويترز قالت إن أغلبية أعضاء مجلس النواب صوتوا لحث بنس على التحرك لإزاحة ترامب عن السلطة، وذلك على خلفية اقتحام أنصار للرئيس مبنى الكونغرس (الكابيتول) يوم الأربعاء الفائت، وتحميل الرئيس مسؤولية ذلك.
لكن لتفعيل التعديل 25، يحتاج بنس وأغلبية أعضاء حكومة ترامب إلى إعلان أن ترامب غير قادر على أداء واجباته.
إلا أن بنس أعلن رسمياً الثلاثاء رفضه اللجوء إلى التعديل 25 للدستور لعزل ترامب، في قرار سيدفع الديمقراطيين إلى أن يوجّهوا، اليوم الأربعاء، في سابقة في تاريخ الولايات المتحدة، لائحة اتهامية للمرة الثانية ضدّ الرئيس المنتهية ولايته، لمحاكمته في مجلس الشيوخ بهدف عزله.
بنس قال في رسالة إلى رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي إنّه "مع بقاء ثمانية أيام فقط في فترة ولاية الرئيس، أنتِ والكتلة الديمقراطية تطلبان منّي ومن الحكومة تفعيل التعديل 25 للدستور، لا أعتقد أنّ مثل هذا الإجراء يصبّ في مصلحة أمّتنا أو يتماشى مع دستورنا".
يُجيز التعديل 25 في الدستور الأمريكي لنائب الرئيس أن يقرّر بالاشتراك مع أغلبية الوزراء تنحية الرئيس إذا ما وجدوه غير قادر على تحمّل أعباء منصبه.
لكن بنس شدّد، في رسالته إلى بيلوسي، على أنّ التعديل الدستوري يمكن اللجوء إليه في حالة وحيدة، هي "إصابة الرئيس بالعجز أو الإعاقة"، ولا يمكن بتاتاً استخدامه "وسيلة للعقاب أو لاغتصاب السلطة"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
كما شدّد بنس على أنّه قاوم كل الضغوط الشديدة التي تعرّض لها من داخل حزبه لإبطال الأصوات الانتخابية من الولايات المتأرجحة التي فاز بها بايدن، وأوفى بواجبه الدستوري في المصادقة على فوز منافس ترامب بالرئاسة.
بنس أضاف أنه لن يستسلم الآن "للجهود المبذولة في مجلس النواب لممارسة ألاعيب سياسية في وقت شديد الخطورة في حياة أمتنا".
كانت بيلوسي قد حذّرت بنس من أنّ مجلس النواب لن يتوانى عن إطلاق محاكمة برلمانية ثانية لترامب إذا لم تتم تنحية الرئيس بموجب التعديل الدستوري.
في هذا الصدد، أعدّت الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب قراراً اتّهامياً بحقّ ترامب يحمّله المسؤولية عن أعمال العنف التي حصلت في الكابيتول والتي خلفت أعمال تخريب وعنف وشغب أوقعت خمسة قتلى وصدمت الولايات المتّحدة والعالم بأسره.
بموجب اللائحة التي سيصوّت عليها مجلس النواب فإن الرئيس ترامب مُتهم بـ"التحريض على تمرّد دامٍ" ضدّ الحكومة الأمريكية.
تأييد لمساءلة ترامب
وليس الديمقراطيون فقط من يدعمون مساءلة ترامب، بل تعالت أيضاً أصوات في الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب، تُطالب بالأمر ذاته.
النائبة الجمهورية النافذة، ليز تشيني، أعلنت أمس الثلاثاء أنّها تعتزم التصويت لمصلحة توجيه قرار اتّهامي بحقّ ترامب بهدف عزله من منصبه، في قرار عزته إلى أعمال العنف التي ارتكبها أنصار الرئيس الأسبوع الماضي.
تشيني قالت في بيان اتّسم بنبرة لاذعة "سأصوّت لمصلحة توجيه قرار اتّهامي إلى الرئيس" خلال عملية التصويت المقرّرة في مجلس النواب الأربعاء.
تُعد هذه أول مرة يعلن فيها مسؤول في أحد الحزبين الرئيسيين تأييده إجراءً يهدف لعزل رئيس ينتمي لحزبه، منذ استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون في 1974.
في موقف مشابه أيضاً، قال جون كاتكو، العضو الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي، أمس الثلاثاء، إنه سيصوت لمساءلة ترامب، وذلك في موقف ما لبث أن انضمّ إليه النائب عن ولاية إلينوي آدم كينزنغر المعروف بانتقاداته الشديدة لترامب.
ووفقاً لصحيفة The New York Times، وشبكة CNN الأمريكيتين، فإنّ زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل الذي يتمتّع بنفوذ شديد في الحزب ليس مستاء من الخطوة التي أطلقها الديمقراطيون في مجلس النواب لعزل ترامب.
لكنّ ماكونيل لم يحسم موقفه بشأن ما إذا كان سيصوّت في نهاية المطاف لعزله أم لا، لأنّه ينتظر الاطلاع على تفاصيل القرار الاتهامي.
يُذكر أن ترامب كان قد حضّ أنصاره خلال تظاهرة نظّمها في السادس من يناير/كانون الثاني الجاري قرب البيت الأبيض، على "السير" إلى الكابيتول و"القتال" لمنع الكونغرس من المصادقة على فوز منافسه جو بايدن في الانتخابات الرئاسية.
سرعان ما لبى أنصاره دعوته، وانطلقوا نحو المبنى القريب وتخطوا الحواجز الأمنية واصطدموا مع قوات الأمن وشقّوا طريقهم إلى الداخل.