من المُحتمل أن يجد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، نفسه الإثنين 11 يناير/كانون الثاني 2021، ملاحقاً للمرة الثانية بإجراءات عزل، في حدث غير مسبوق بالتاريخ الأمريكي، حيث سيطرح ديمقراطيون بمجلس النواب تشريعاً يدعو لمساءلة الرئيس في أعقاب أعمال العنف التي شهدها الكونغرس.
محاولات لعزل ترامب
النائب الديمقراطي تيد ليو، قال أمس السبت، إن الديمقراطيين بمجلس النواب سيطرحون تشريعاً يوم الإثنين يدعو لمساءلة الرئيس ترامب، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
ليو الذي شارك بنشاط في محاولة مساءلة ترامب، في ديسمبر/كانون الأول عام 2019، والتي فشلت في مجلس الشيوخ في نهاية المطاف، قال في تغريدة على تويتر: "إن هناك 180 داعماً لتشريع من مادة واحدة، لمساءلة ترامب بغرض عزله، في أعقاب أحداث الشغب التي قام بها أنصار ترامب داخل مبنى الكونغرس".
يأتي ذلك بينما لم يُظهر ترامب حتى أمس السبت، أي نية للاستقالة، على خلفية اقتحام أنصاره للكونغرس، واتهام الديمقراطيين له بأنه كان السبب في حدوث أعمال العنف.
النص الذي يهدف لإطلاق إجراءات عزل ترامب وصاغه نواب ديمقراطيون، يتضمن اتّهاماً لترامب بأنه "تعمّد إطلاق تصريحات" شجّعت مناصريه على اقتحام مقر الكونغرس، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
كان الرئيس ترامب قد دعا مناصريه للتظاهر رفضاً لمصادقة الكونغرس على فوز جو بايدن بالرئاسة، لكن التحرك تطوّر إلى اقتحام مبنى الكابيتول خلال جلسة المصادقة.
ويؤكد النص الرامي لإطلاق إجراءات عزل الرئيس على أنه "عرّض للخطر الشديد أمن الولايات المتحدة ومؤسساتها الحكومية".
يعود القرار بشأن إطلاق إجراءات عزل ترامب، إلى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، التي تعهّدت المضي قدماً في هذا التوجه إن لم يعلن ترامب استقالته فوراً، وقالت بيلوسي: "إنه مجنون ومختل وخطير. يجب أن يرحل"، كما أنها بحثت مع رئيس أركان الجيش الأمريكي تدابير تجنيب ترامب استخدام رموز إطلاق الصواريخ النووية.
ترامب يرفض التنازل
لكن وعلى الرغم من الضغوط التي يواجهها الرئيس، فإن ترامب المنعزل في البيت الأبيض أبلغ مقرّبين منه بأنه لا يعتزم الاستقالة، وفق ما أوردت أمس السبت صحيفة The New York Times.
بل حتى في معسكره الجمهوري، يبدو بعض أعضاء الكونغرس منفتحين على إمكان إطلاق إجراءات عزل جديدة، إذ أكد السيناتور بن ساز أنه سينظر في أي اتهّام يمكن أن يوجّهه المجلس لترامب.
في حين اكتفت السيناتورة الجمهورية ليسا موركاوسكي بالمطالبة برحيل ترامب من دون إعلان موقف واضح من إجراءات عزل الرئيس، وقالت: "أريد أن يستقيل. أريد أن يرحل. لقد تسبب بما يكفي من الأضرار".
إلا أن ترامب الجمهوري ورغم استقالة عضوين في إدارته وتعليق حسابه على تويتر، فإنه أظهر تحدياً، وجاء في تغريدة أطلقها على الحساب الرسمي لرئاسة الجمهورية الأمريكية "لن يتم إسكاتنا"، مشيراً إلى 75 مليون أمريكي "وطني" صوّتوا له في الانتخابات.
كذلك هدّد ترامب بالانتقام من منصة تويتر، متّهماً إياها بـ"قمع حرية التعبير"، مشيراً إلى إمكان إطلاقه منصّته الخاصة في المستقبل القريب، وذلك من خلال سلسلة تغريدات حذفها تويتر فوراً.
175 دبلوماسياً أمريكياً يطالبون بإقالة ترامب
وفي السياق ذاته، كشفت مجلة "فورين بوليسي"، في تقرير لها يوم السبت 9 يناير/كانون الثاني 2021، أن مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية قدموا برقية اعتراض تدين ترامب لتحريضه أنصاره على اقتحام مبنى الكونغرس، داعين كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية إلى النظر في اللجوء إلى التعديل الـ25 لإقالته من منصبه.
وتعدّ هذه البرقية الثانية من نوعها التي يتم إرسالها إلى وزير الخارجية مايك بومبيو خلال أسبوع واحد، "ما يعكس الصدمة والغضب في السلك الدبلوماسي من تصرفات ترامب واستجابة بومبيو للأزمة السياسية"، وفقاً للمجلة الأمريكية.
ويبلغ عدد المسؤولين الذين وقعوا على البرقية قرابة 175 شخصاً، معظمهم محامون، حسبما نقلت "فورين بوليسي" عن أحد الموقعين.
كما انتقدت البرقية بومبيو لما وصفته بـ"فشله في إصدار بيان يعترف فيه بشكل قاطع بأن الرئيس المنتخب جو بايدن فاز في انتخابات 2020″.
نحو إجراءات عزل ثانية
وسبق أن أطلقت بيلوسي في أواخر العام 2019 إجراءات لعزل ترامب الذي يتولى الرئاسة منذ العام 2017، بعد اتّهامه بأنه طلب من أوكرانيا فتح تحقيق بحق خصمه جو بايدن، لكن مجلس الشيوخ ذا الغالبية الجمهورية برأه في مطلع العام 2020.
يتطلّب عزل الرئيس موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ وهو أمر يتعذّر تحقيقه قبل موعد تنصيب بايدن رئيساً في 20 يناير/كانون الثاني 2021.
من جانبه، وجّه زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل مذكّرة اعتبر فيها أن الأنظمة الحالية لمجلس الشيوخ تمنع إجراء محاكمة ترمي لعزل الرئيس قبل تنصيب الرئيس المنتخب، ما لم ينل ذلك موافقة كامل أعضاء المجلس.
لكن من شأن إطلاق مجلس النواب للمرة الثانية إجراءات لعزل ترامب أن يشكل وصمة ستطبع الإرث السياسي للملياردير الجمهوري، إذ سيكون عندها أول رئيس يواجه إجراءات عزل لمرتين في تاريخ الولايات المتحدة.
بدوره، حذّر السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المقرّب من ترامب، من اتّخاذ هذه الخطوة التي من شأنها أن "تُلحق بالبلاد مزيداً من الضرر"، مطالباً بايدن بالتدخل.
توجّه غراهام لبايدن في تصريح أدلى به لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية بالقول "آمل أن تستخدم سلطتك لوقف هذا الأمر قبل فوات الأوان".
لكن الرئيس المنتخب الذي يحرص على تقديم نفسه موحِّداً لصفوف الأمريكيين آثر عدم اتخاذ أي موقف فيما يتعلّق بإطلاق إجراءات عزل ترامب، معتبراً أن هذا الأمر يعود إلى الكونغرس.