قالت صحيفة New York Times الأمريكية، الجمعة 8 يناير/كانون الثاني 2021، إن دراسة جديدة، هي الأكبر حتى الآن على صعيد تقييم حالات المرضى بعد ستة أشهر من إصابتهم بفيروس كورونا المستجد، تُرجّح أن العديد مَن الذين أصابتهم العدوى قد يعانون مشكلات صحية تستمر فترة طويلة؛ مثل الإرهاق، والأرق، والاكتئاب، واضطراب القلق، واعتلال وظائف الرئة.
وكشفت الدراسة التي أجريت على 1733 شخصاً ممن أصيبوا بعدوى كورونا وغادروا أحد مستشفيات مقاطعة ووهان الصينية- وهي بؤرة انتشار الجائحة حول العالم- أن أكثر من ثلاثة أرباع الذين أصيبوا قد لازمهم عَرَضٌ مَرَضي واحد، على الأقل لمدة ستة أشهر بعد مغادرة المستشفى.
الدراسة، التي نُشرت الجمعة 8 يناير/كانون الثاني 2021، في دورية Lancet، انطوت على فحوص أجراها الأطباء وجهاً لوجه لبعض الذين احتُجزوا بمستشفى جين يان تان الصينية لمدة 14 يوماً في المتوسط، بين 7 يناير/كانون الثاني حتى 29 مايو/أيار من العام الماضي. إذ خضع المرضى، الذين يبلغ متوسط أعمارهم 57 عاماً، لفحوص بدنية ومعملية، فضلاً عن اختبار قياسي للياقة والتحمّل يُعرف باختبار المشي لمدة ست دقائق.
الأعراض الأكثر شيوعاً
وبحسب صحيفة New York Times الأمريكية، كان العَرض الأكثر شيوعاً بين ما يعانيه الناجون هو الإرهاق المستمر أو وهن العضلات، إذ تعرَّض له 63% من عينة الدراسة. بينما كان نحو ربع المرضى في الدراسة يعانون من مشكلات في النوم، وقال 23% من بينهم، إنهم يعانون من اضطراب القلق أو الاكتئاب.
ولوحظ في المجموعة الفرعية التي خضعت، في ضوء الدراسة، لفحوص رئوية إضافية، أن الذين كانت إصابتهم أخطر من غيرهم كانوا أكثر عرضة للمشكلات اللاحقة. ومع ذلك، بدا أن مستويات الأكسجين في دم 22% ممن كانوا يتنفّسون دون مساعدة بالمستشفى كانت أقل من الطبيعية بعد ستّة أشهر من الشفاء.
من جهتها، قالت لورين فيرانتي، طبيبة أمراض الرئة والرعاية الحرجة في كلية الطب بجامعة ييل، والتي لم تشارك في الدراسة، إن هذا يعني أن "رئاتهم لم تتعافَ بشكل كامل".
وتبيّن للباحثين أيضاً أن بعض الذين كانت وظائف الكلى لديهم طبيعية حينما نقلوا إلى المستشفى إبان إصابتهم، ظهرت عليهم، بعد أشهر، مؤشرات على ضعف وظائف الكلى.
رعاية ما بعد الخروج من المستشفى
بدوره، قال الدكتور بن كاو، كاتب الدراسة ونائب مدير مركز الأمراض التنفسية في مستشفى الصداقة الصينية – اليابانية: "تحليلنا يشير إلى أن معظم المرضى يستمرون في الحياة مع بعض أعراض الفيروس بعد مغادرة المستشفى، مما يلقي الضوء على ضرورة تلقي رعاية ما بعد الخروج".
و"بما أن كوفيد-19 مرض جديد؛ فنحن بدأنا فقط نفهم بعض أعراضه طويلة المدى على صحة المرضى"، بحسب كاو الذي أشار إلى أن الدراسة ربما تفيد في تسليط الضوء على الحاجة لزيادة الرعاية لمرضى ذلك الوباء، حتى بعد خروجهم من المستشفى.
ومعظم الأعراض التي أُشير إليها كانت أكثر شيوعاً لدى النساء مقارنة بالرجال، إذ عانت 81% من النساء من مشكلة صحية واحدة على الأقل، مقارنة بـ73% من الرجال، طبقاً لما أوردته الدراسة.
وترجّح تقارير حول أمراض الجهاز التنفسي الأخرى، مثل تفشّي السارس عام 2003 -وهو نوع آخر من فيروسات كورونا- أن بعض الناجين من عدوى فيروس كوفيد-19 قد يعانون من آثار لاحقة لأشهر أو سنوات. فبينما تعافى معظم مرضى السارس جسدياً، أشار باحثون إلى أن العديد منهم شهدوا "مستويات مقلقة من أمراض الاكتئاب، والقلق، وأعراض اضطراب ما بعد الصدمة" بعد عام من إصابتهم.
كما يبين استطلاع حديث شمل 3762 مشاركاً، معظمهم من النساء، من 56 دولة -ومعظمهم لم يدخلوا المستشفى إبان إصابتهم- أن نحو ثلثي المشاركين قد عانوا من أعراض لاحقة لمدة ستة أشهر على الأقل، وقال معظمهم إنهم يعانون من الإرهاق المستمر وإن ما يعانونه من أعراض يزداد سوءاً بعد بذل مجهود بدني أو نفسي. وذكر أكثر من نصف الذين يعانون من الأعراض اللاحقة، إنهم يواجهون "خللاً إدراكياً" يتمثل في ضعف الانتباه، أو صعوبات التفكير والتركيز.