قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 8 يناير/كانون الثاني 2021، إن "تنازل" دونالد ترامب المتأخر عن انتقال سلمي ومنظم للسلطة بعد اقتحام مبنى الكابيتول، أثار السخط ونظريات المؤامرة بين بعض من أكثر أنصار ترامب حماسة.
إذ إنه مع الإغلاق المتزايد لحسابات ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، كان البعض ممن توافدوا على قنوات التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة مثل Parler و4chan، التي انجذب لها أنصار ترامب من اليمين المتطرف، يشكون من الخيانة.
تصريحات ترامب تُغضب أنصاره
بعد الضغوطات التي تعرض لها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته خرج في تصريحات زعم فيها أنه "غاضب بسبب العنف والخروج على القانون والفوضى" نتيجة لحصار مبنى الكابيتول الذي حرض عليه، إن أولئك الذين "خرقوا القانون سوف يدفعون الثمن"، وذلك في خطوة ربما يهدف بها لحماية نفسه من العواقب القانونية والسياسية المتصاعدة أكثر من كونها تعكس شعوراً راوده مؤخراً بالندم والنزاهة.
أثار ذلك موجة جارفة من الغضب والحزن والإنكار لدى أتباعه المتشددين. قال أحدهم: "إنها ضربة قاصمة". وكتب آخر: "إنها طعنة في الظهر"، وأضاف ثالث: "أشعر بالغثيان".
بحسب الموقع البريطاني فإن لقطة شاشة جرت مشاركتها على نطاق واسع، لخصت الشعور السائد بين هؤلاء الأشخاص. "يقول إن الأمر سيكون جامحاً وعندما يصبح كذلك، يطلق عليه هجوماً شنيعاً ويسخر من مؤيديه الذين طلب منهم أن يكونوا هناك".
بعضهم حاول تبرير تصريحاته
لكن بعض أنصار ترامب حاولوا إيجاد تبريرات لما صرح به الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، وربطوا ذلك بنظريات المؤامرة، وخاصة في الزوايا المظلمة لغرف الدردشة على شبكة الإنترنت التي تسيطر عليها نظرية المؤامرة التي يُطلق عليها QAnon.
إذ أشارت صحيفة "الغارديان" إلى أن كثيرون في هذه الأماكن لم ينظروا إلى تنازل ترامب على أنه قد فُرض عليه بسبب سلوكه الخطير والمتمرد، لكنهم نشروا بعضاً من مقاطع "التزييف العميق" التي صنعها أعداء ترامب، وبحثوا عن أدلة على رسائل خفية تشير إلى أن ترامب لا يزال على المسار الصحيح للوفاء بالوعود التي قطعها على أنصاره.
إذ قال أحد المستخدمين: "لقد حُظرت حساباته على تويتر ولا يستطيع الولوج إليها، لم يستطع أن يفعل ذلك اليوم، لقد أُغلقت إلى الأبد"، بينما أيَّد مستخدم آخر هذه النظرية قائلاً: "لديه خطة هنا. لن يتراجع الرئيس ترامب بهذه السهولة. نحن بحاجة إلى أن نقف بقوة، وأن نظل نراقب ونصلي. هناك أمر على وشك أن يحدث وسوف يكشفه الله".
وآخرون أظهروا عداءً كبيراً لترامب
لكن يبدو أن مواقع مثل Breitbart وThe Daily Caller قد تأرجحت في مسارها وراء إجماعٍ جمهوري ناشئ أصبح معادياً بشكلٍ متزايد لترامب، وألقى اللوم ليس فقط على اقتحام الكونغرس، بل أيضاً لتسليمه الرئاسة ومجلس النوَّاب ومجلس الشيوخ للديمقراطيين.
نُشِرَت قصة موقع Breitbart عن الفيديو الخاص بترامب بطريقةٍ مباشرة نسبياً، رغم أن الموقع حاول تحوير الأمر باعتباره "تغييراً في لهجة ترامب"، طارحاً أن كلَّ ما فعله كان "العودة إلى موضوع القانون والنظام الخاص بحملته".
كانت التعليقات أقل أخلاقاً وحذراً، مثلما كتب المستخدم Freedomring17، إذ قال: "لن تكون هناك مصالحة. لدينا خلافاتٌ لا يمكن التوفيق بينها. وقد بدأ الصراع للتو".
المسؤولون يتخلون أيضاً عن ترامب
على الجانب الآخر، انزعج عديد من مساعدي ترامب من هجماته الحادة على نائبه بنس، أحد أشد حلفائه ولاءً، فيما أشاد بعض مستشاري الرئيس الآخرين بموقف بنس، لاتباعه الدستور رغم ضغوط ترامب لإلغاء نتيجة الانتخابات.
إذ قال مقربون إن الدائرة المقربة من ترامب تقلصت لتصبح أصغر من أي وقت مضى، خاصة بعد أن بلغ الأمر ببعض أقوى المدافعين عنه حدَّ إعلان النأي عنه، وعلى رأسهم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي أعلنها في قاعة مجلس الشيوخ يوم الأربعاء: "اعتبرني منسحباً [من تأييد هذا الموقف]. لقد طفح الكيل". ووصف أحد المستشارين سلوك الرئيس بأنه غير منتظم على نحو متزايد ولا يمكن التنبؤ به.
كما تبدت ملامح هذا الانفضاض عن الرئيس مع إعلان وزيرة النقل إيلين تشاو استقالتها من الحكومة يوم الخميس، وما تبعها من استقالة وزيرة التعليم بيتسي ديفوس مساء الخميس، والتي قالت في رسالة إلى ترامب إنه "لا يمكن لأحد أن يخطئ في أنه كان ثمة تأثير لخطابك" في أحداث يوم الأربعاء.
كما استقال ما لا يقل عن خمسة مسؤولين آخرين في الإدارة، وفكر آخرون، منهم مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، في القيام بذلك، على حد قول مساعدين.
في المقابل، كافح مساعدو ترامب لإقناعه بضرورة إدانة العنف الذي وقع في الكابيتول، وقال أشخاص مطلعون على المحادثات إن مستشاري الرئيس، ومنهم نائبه، شعروا بالفزع بسبب إحجامه عن القيام بذلك.