كشف لبناني تفاصيل ليلة الرعب التي عاشتها عشرات العائلات من اللاجئين السوريين في مخيم المنية بمدينة طرابلس، السبت 26 ديسمبر/كانون الأول 2020، متحدثاً عما حل بالعائلات والمخيم بعد حرقه بسبب خلاف بين عمال سوريين ولبنانيين.
هلع في مخيم المنية
محمد الدهيبي، وهو أحد سكان منطقة المنية الذي تولى عملية مساعدة اللاجئين السوريين الفارين من مخيم المنية، كتب في حسابه على فيسبوك كيف تطور الخلاف إلى أن وصل لدرجة حرق الخيام وفرار اللاجئين السوريين.
يروي الدهيبي أن الخلاف وقع في "مخيم 9" بمنطقة بحنين، وقال إن مجموعة من المسلحين حاصروا البوابة الرئيسية للمخيم، كما حاصروا بوابته الخلفية، ليتم بعد ذلك قطع الكهرباء عن مخيم المنية ويتحول كل شيء إلى ظلام.
يضيف الدهيبي أنه بعد ذلك "صرخ شخص وقال احرقوا الخيم"، لتبدأ النيران بالفعل تلتهم خيام اللاجئين الذين حاولوا الهروب ولم يستطيعوا في البداية، ثم سُمعت أصوات إطلاق الرصاص في الهواء، وبسبب النيران انفجرت عبوات من الغاز زادت من رعب اللاجئين.
الدهيبي أوضح أنه بسبب محاصرة اللاجئين السوريين بالمخيم، أصبحوا يرمون بأطفالهم وأولادهم من فوق السور المحيط بالمخيم، قائلاً إنه في هذا الوقت كانت النيران تشتعل بالخيام.
تسبب الهلع في تفرق العائلات عن بعضها، وبحسب الدهيبي فإن اللاجئين هربوا في البساتين، وافترقت النساء والأطفال عن الرجال، مضيفاً: "ركضوا حفيانين بالبساتين وبالوحل وما معن أي شي، ولا حتى لابسين شي باجريهن (أقدامهم)".
يتحدث الدهيبي عن أن قصص الأمهات محزنة للغاية، وقال أيضاً إنه يوجد "أطفال بلا حليب ولا حفاضات، الكبار في العمر تركوا أدويتهم وهربوا. الناس لجأت على خيم تانية. خيم كتير وضعها تعبان. مافي حصر وبسط يقعدو عليهن ولا بطانيات ولا حرامات ولا مخدات ولا تياب ولا تياب داخلية ولا أكل ولا دوا".
وأنهى الدهيبي منشوره بالقول: "في بس عنصرية وحشية، وفي دولة ما ظهرت لبعد ساعة من الرصاص (…) لبعد ما حترق المخيم".
في منشور آخر، تحدث الدهيبي عن معاناة لاجئ سوري، وقال: "في رجال كان عميبكي لأنو كان صرلو 8 سنين عميشتغل بقساوة كل ظروف العمل للعمال السوريين، وكان جمّع 25 مليون ليرة تحويشة عمرو، واحترقو بحريق المخيم".
كذلك أشار الدهيبي في منشور آخر إلى أن عائلات في المنطقة استجابت لنداءات إغاثة اللاجئين السوريين المتضررين، وقال إنها قدمت مساعدات لهم.
أثارت الحادثة غضباً واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي، وأدانت حسابات لسوريين وعرب الهجوم الذي وصفوه بالعنصري ضد اللاجئين، كما وجهت انتقادات للسلطات اللبنانية لعدم تحركها بشكل كافٍ ولعدم وضعها حداً لتكرار الاعتداءات.
عشرات العائلات تضررت
كانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتّحدة قد ذكرت أن الحريق الكبير في مخيم المنية تسبب في سقوط عدد من الجرحى نقلوا إلى مستشفى قريب، من دون تحديد عددهم.
المتحدّث باسم المفوضية خالد كبّارة قال لوكالة الأنباء الفرنسية، إنّ "الحريق امتدّ لكلّ مساكن المخيّم" المبنية من مواد بلاستيكية وخشبية، التي تقيم فيها حوالي 75 أسرة سورية لاجئة.
كذلك أشار إلى أن عدداً من هذه العائلات هربت من مخيم المنية"بسبب الخوف الناجم عن أصوات شبيهة بالانفجارات ناتجة عن انفجار قوارير غاز"، موضحاً أن "حجم الحريق كان ضخماً بسبب المواد السريعة الاشتعال المبنية منها مساكن المخيّم ووجود قوارير غاز فيه".
رسمياً، قالت الوكالة الوطنية اللبنانية للأنباء إن "الإشكال حصل بين شخص من آل المير وبعض العمّال السوريين العاملين في المنية، أدّى إلى شجار بالأيدي وسقوط ثلاثة جرحى".
أوضحت الوكالة أنّه إثر الإشكال "تدخّل عدد من الشبّان من آل المير وعمدوا الى إحراق بعض خيام النازحين السوريين في المنية"، قبل أن "تتدخّل سيارات الدفاع المدني وتعمل على إخماد الحريق، فيما تدخلت قوة من الجيش وقوى الأمن لضبط الوضع".
يقدّر لبنان عدد اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيه بحوالى 1,5 مليون لاجئ، نحو مليون منهم مسجلون لدى مفوضية شؤون اللاجئين، ويعيش هؤلاء في ظروف إنسانية صعبة، فاقمتها الأزمة الاقتصادية التي عمقها تفشّي فيروس كورونا المستجدّ ثم الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020.
يُشار إلى أن لبنان شهد خلال السنوات الماضية بين الفترة والأخرى حملات عنصرية وخطاب كراهية ضدّ اللاجئين ودعوات إلى ترحيلهم، كما أن هذه الحادثة ليست الأولى التي يتعرض فيها لاجئون سوريون إلى عنف جسدي مباشر.
فخلال نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2020 غادرت نحو 270 عائلة سورية بلدة بشري في شمال لبنان خشية من أعمال انتقامية إثر اتهام شاب سوري بقتل أحد أبناء البلدة.
ويخشى سوريون من العودة إلى بلدهم خوفاً من انتقام نظام بشار الأسد منهم، لاسيما المعارضين منهم، فضلاً عن غياب مقومات الحياة الأساسية في المناطق التي يسيطر عليها النظام.