"خروج الأتراك أو الحرب"، كلمات تضمنت تهديد خليفة حفتر بالحرب في ليبيا، وذلك بحضور عناصر ميليشياته، وقيادات عسكرية تابعة له، بمناسبة ذكرى الاستقلال الليبي يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 2020.
الجنرال حفتر، وخلال كلمته استنقص من قيمة الاستقلال الليبي، قائلاً: "إن الاستقلال لا قيمة له ما دام الجيش التركي موجوداً في بلادنا، متجاهلاً في تصريحاته أي حديث عن مرتزقة "فاغنر" الروسية، ومقاتلي المعارضة السودانية، والدعم العسكري من مصر والإمارات وفرنسا".
خريطة حفتر العسكرية
كشف مصدر عسكري موالٍ للخليفة حفتر لـ"عربي بوست" وجود جنود وخبراء عسكريون مصريون في غرفة عمليات مدينة سرت التابعة لحفتر.
وأضاف المصدر ذاته أن "طائرات طيران الشام تقلع من مطاري دمشق وقاعدة حميميم الروسية في اللاذقية، وتهبط في كل من مطار بنينا في بنغازي، وقاعدة الخادم التي تحتلها القوات الإماراتية جنوب مدينة المرج (150 كم شرق مدينة بنغازي)، وقاعدة القرضابية بسرت؟
وتابع المصدر ذاته أن "خارطة حفتر العسكرية شهدت تغييراً سريعاً وملحوظاً بمدينتي سرت والجفرة خلال شهري سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني 2020، إذ عرفت المنطقتين تحشيداً لمقاتلين أجانب وليبيين، خصوصاً في مناطق خطوط التماس بمدينة سرت، الأمر الذي يؤكد تهديد خليفة حفتر بالحرب في ليبيا.
وأضاف المصدر ذاته أنه "خلال الشهرين الماضيين شهدت قاعدتي الجفرة وسرت قيام شبه جسر جوي لطائرات شحن عسكرية تحمل مرتزقة أجانب من جنسيات يمنية وسورية ومن روسيا البيضاء، وصربيا"، مشيراً إلى أن "نزول الطائرات تزامن مع تحليق مكثف لطائرات الميراج والسيخوي حول القاعدتين لتأمين نزول طائرات الشحن".
وقال المصدر في حديثه مع "عربي بوست" إن "مرتزقة فاغنر والجنجويد، يقومان بحفر خنادق حول قاعدة الجفرة، وخطوط التماس بمدينة سرت"، موضحاً أن "مسافة هذه الخنادق تتعدى مئات الكيلو مترات".
وعلى الصعيد المحلي أكد المصدر ذاته أن "خليفة حفتر يقوم بحشد مقاتلين ليبيين، إذ أنشأ خلال الشهر الجاري لواء قبيلة الفرجان بمدينة سرت بقيادة اللواء أحمد سالم عطية، وهو لواء مقاتل يضم أغلب منتسبيه من قبيلة الفرجان (أبناء عمومة خليفة حفتر)، إذ يبلغ عدد مقاتلي هذا اللواء أكثر من 500 مقاتل، تم تزويدهم بكافة أنواع الأسلحة والذخائر والمدرعات.
تهديد خليفة حفتر بالحرب في ليبيا
بالتزامن مع تهديد خليفة حفتر بالحرب في ليبيا خلال الكلمة التي ألقاها بمناسبة عيد استقلال ليبيا، كشفت وثيقة رسمية سرَّبتها مصادر أمنية، عن إرسال قوات سودانية إلى ليبيا بطلب إماراتي لدعم والقتال إلى جانب ميليشيات الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر.
وأكدت وكالة "الأناضول" أنه "بينما لم يتسن الحصول على تعليق سوداني بشأن الوثيقة حتى ساعة نشر الخبر، أكدت مصادر أمنية صحتها يوم الثلاثاء 8 ديسمبر/كانون الأول 2020".
وأوضحت الوكالة أن "طلب أبوظبي دعم حفتر بالقوات جاء خلال اجتماع عقده مسؤولون إماراتيون مع قائد قوات الدعم السريع السودانية، محمد حمدان دقلو (حميدتي) بالعاصمة الخرطوم؛ ما يلقي الضوء على المساعي الإماراتية الخفية التي تقوض الاستقرار في ليبيا، وتدعم تهديد خليفة حفتر بالحرب في ليبيا.
وذكرت المصادر ذاتها أنه خلال الاجتماع، وعد الوفد الإماراتي حميدتي بتقديم دعم مالي وعسكري له مقابل إرسال قوات سودانية إلى ليبيا، وبناء على ذلك وافق الأخير على إرسال لواءين إلى ليبيا.
وحسب الوثيقة الموجهة إلى حميدتي، قال مدير إدارة الشؤون العسكرية بقطاع جنوب دارفور في قوات الدعم السريع، العميد الركن حامد جمعة آدم: "لقد تم إرسال 1200 جندي من معسكر"نيالا" إلى قاعدة الجفرة (650 كلم جنوب شرق طرابلس)".
وأضاف العميد آدم أن "القوات الأخيرة التي تم إرسالها ستنضم إلى القوات السودانية في بنغازي، وذلك وفق الترتيبات العسكرية والأمنية والمالية المنصوص والمتفق عليها مع الجانب الليبي ودولة الإمارات".
تجاوزات حفتر
وفي إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي حول ليبيا في نوفمبر/تشرين الأول 2020 قالت المبعوثة الأممية النيابة، ستيفاني وليامز، إن "ميليشيات حفتر أقامت تحصينات ونقاط عسكرية مزودة بأنظمة دفاع جوي بين سرت والجفرة وفي المنطقة الشمالية من قاعدة الجفرة الجوية، مشيرة إلى رصد البعثة لنشاط وصفته بـ"المكثف"، لطائرات شحن بين مطار بنينا والجفرة وقاعدة القرضابية الجوية".
من جهته قال مندوب ليبيا لدى مجلس الأمن، الطاهر السني، إن "تدفق المرتزقة لدعم حفتر ما زال مستمراً، إضافةً إلى زرع الألغام وإِعداد التحصينات في سرت والجفرة"، داعياً إلى "قطع الطريق أمام الخارجين عن القانون، لمنع تهديد استقرار المنطقة والأمن القومي لدول الجوار".
وفي سياق تهديد خليفة حفتر بالحرب في ليبيا، دعا الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً، قواته إلى رفع درجة التأهب والاستعداد لصد أي هجوم محتمل من ميليشيات حفتر في خطوط التماس بين مدينتي سرت والجفرة.
وتوعد الجيش الليبي في بيان له ميليشيات حفتر برد قاس في حال شنت الأخيرة أي هجوم، موضحا أن هذا التطور يأتي في ظل التحشيد المتزايد، والتحصينات لمليشيات حفتر حول مدينتي سرت والجفرة، كما جدد الجيش الليبي تأكيده على دعم مبدأ الحوار والتوافق بين الليبيين بشرط إخلاء تمركزات المرتزقة وإزالة الألغام.
ويعتبر العميد الطيار التابع للجيش الليبي بحكومة الوفاق، عادل عبدالكافي أن خطاب خليفة حفتر خلال عيد استقلال ليبيا، وتكراره كلمات تحريضية مفادها لا خيار إلا رفع السلاح وتصويب البنادق والمدافع نحو العدو، هو تهديد خليفة حفتر بالحرب في ليبيا، يسعى من خلاله حفتر إلى حتفه بغبائه وغطرسته.
وأكد عبد الكافي في حديثه مع "عربي بوست" أن "خليفة حفتر لن يستطيع تحقيق أي انتصار عسكري في وجود الحليف التركي، ورجال الجيش والقوات المساندة الصامدون في خطوط المواجهة منذ شهور، وكان عليه أن يتعلم من درس دحره وميليشياته في طرابلس".
وتابع عبد الكافي أن "موافقة البرلمان التركي بتمديد مهام القوات التركية 18 شهراً أزعجت حلفائه، الذين كانوا واهمين أن بعض الضغوط التي يمارسونها لوضع الروس مع الأتراك في كفة واحدة، وانسحاب الجميع ستأتي بنتيجة، في وقت حشدهم للمرتزقة وإغراقهم بالسلاح"، موضحاً أن "الجيش الليبي بحكومة الوفاق، المعترف بها دولياً، رتب خطته وقواته على استعداد تام للحرب ولتحرير البلاد من الروس والجنجويد".
وأشار عبد الكافي إلى أن "الرصد وحالة التأهب والاستنفار في كل من سرت والجفرة لم تنقطع، والمتابعة لإعادة الانتشار والتحشيد لمرتزقة حفتر مستمرة والقوات على أهبة الاستعداد للتصدي لأي هجوم محتمل، وأن خليفة حفتر وداعميه يراهنون على مغامرة أخيرة استغلوا فيها عامل الوقت، غير أن القوة العسكرية للجيش بحكومة الوفاق أصبحت في مستوى تسليحي آخر، والتوازن العسكري الآن يحسب له ألف حساب".
إن عدتم عدنا
معلقاً على الكلمة التي تضمنت تهديد خليفة حفتر بالحرب في ليبيا، قال المتحدث باسم الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق العقيد طيار محمد فنونو، إنهم "لن يقبلوا بأي سلام مع المجرمين والمعتدين"، معلقاً على كلمة حفتر: "إن عدتم عدنا، وإن مكان حفتر وميليشياته السجون، وسنلاحقهم ونُقدمهم لمحاكمة عادلة".
من جهته ورد وزير الدفاع صلاح الدين النمروش على تهديد خليفة حفتر بالحرب في ليبيا، قائلاً إن "قوات الجيش الليبي مازالت تحترم اتفاق وقف إطلاق النار الذي يرعاه المجتمع الدولي".
وأضاف النمروش في تصريحات صحفية أن حفتر "حاول أكثر من مرة خرق الاتفاق، وأن عملية التحشيد مستمرة من جانبه"، لافتاً إلى أنهم "مستعدون لصد أي عدوان والرد دون هوادة على مصادر النيران في المكان والزمان المناسبين".
وأشار المتحدث إلى أنهم "لن يقبلوا بأي مبادرة تعطي غطاء لجرائم حفتر في ترهونة، وزرع الألغام في جنوب طرابلس"، مشيراً إلى أنهم "لن يتخلوا عن سرت أو الجفرة أو أي شبر من ليبيا".