وساطات مسيحية وأخرى شيعية بين عون والحريري.. هل ينهي حزب الله أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/21 الساعة 16:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/16 الساعة 09:17 بتوقيت غرينتش
ثنائية التحالف بين الرئيس وحزب الله أفشلت مهمة أديب/رويترز

أمام أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية المستمرة منذ أسابيع، ظهرت في الأفق مبادرتان، الأولى تُقاد من طرف مسيحي والثاني من طرف شيعي، يسعيان بشكل منفصل إلى الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف. 

وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مصادر مؤكدة، فإن المبادرة الأولى يقودها البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي، والثانية يقودها حزب الله بقصد تقريب وجهات النظر بين سعد الحريري، الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، ورئيس الجمهورية ميشال عون.

وساطات لإنهاء الأزمة

أطلق البطريرك بشارة بطرس الراعي، مبادرة لإنهاء أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية وذلك بعد استقباله لسعد الحريري، الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، الذي اشتكى له مطالب رئيس البلاد، ميشال عون، التي تضرب المبادرة الفرنسية، وتعطي ذريعة للمجتمع الدولي باستمرار موقفه من لبنان.

وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" فإن البطريرك بطرس الراعي قام بزيارة لقصر الرئاسة في بعبدا، متوسطاً للحريري لدى رئيس الجمهورية ميشال عون، وداعياً لوقف السجال الإعلامي بين الطرفين، وأيضاً طلب لقاء رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل في الصرح البطريركي في بكركي، لحصر الخلافات والصراعات.

وأشار البطريرك أثناء لقائه بالرئيس ميشال عون إلى أنه لم يعد هناك أي سبب يستحق تأخير تشكيل الحكومة ليوم واحد، داعياً جميع الأطراف إلى الوصول إلى صيغة توافقية ترضي الأطياف السياسية في البلاد.

من جهته لبى جبران باسيل دعوة الراعي، وزاره في الصرح الديني في بكركي وقدم له مخاوف المسيحيين من محاولة تهميشهم وتعطيل دورهم في عملية المشاركة في السلطة التنفيذية في البلاد.

لقاء باسيل جبران مع بطريرك بشارة بطرس راعي (خاص)
لقاء باسيل جبران مع بطريرك بشارة بطرس راعي (خاص)

أما الوساطة الثانية، وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" فيقودها حزب الله بإشراف المعاون السياسي لأمين عام الحزب، الحاج حسين خليل، الذي دخل على خط الخلاف بين ميشال عون وسعد الحريري، في محاولة أيضاً لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، وللوصول إلى توقيع عون لمراسيم تشكيل الحكومة.

وحسب المعلومات المتوفرة فإن مبادرة حزب الله، تترجم اقتناعه بحصته، وحصة حركة أمل في التشكيلة المفترضة، وأن أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية هي بين عون وجبران باسيل من جهة، وبين عون وسعد الحريري من جهة أخرى.

وأضافت مصادر "عربي بوست" أن الوساطة "التي يعرضها حزب الله تحظى بدعم رئيس البرلمان، نبيه بري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، لحل أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية".

وأشارت ذات المصادر إلى أن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، سعد الحريري، كان قد أبلغ الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، غياب أي ضغوط أمريكية عليه لإقصاء أي تمثيل، ولو بشكل غير مباشر، وبالتالي فإنّ المشكلة ليست معه، بل بينه وبين الرئيس ميشال عون.

مبادرة حزب الله 

تؤكد مصادر مُواكبة لعملية تشكيل الحكومة لـ"عربي بوست" أن حزب الله لا يريد أخذ البلاد نحو مغامرة أكبر، ويتجنب وصول الأوضاع إلى انفجار اجتماعي واقتصادي لن تكون مناطق نفوذه بمنأى عن تبعاتها.

وأضاف المصدر ذاته أن حزب الله، ارتأى مع فوز الرئيس الديمقراطي، جو بايدن في الانتخابات الأمريكية، مصلحة في إطلاق مبادرته باتجاه تذليل العقد أمام ولادة الحكومة اللبنانية، لتكون بمثابة رسالة إيرانية إيجابية تُثبت حسن النوايا إزاء الإدارة الأمريكية الجديدة، عبر الوسيط الفرنسي الذي عاد على الخط اللبناني منذ أكثر من 10 أيام.

ويكشف المصدر ذاته أن الحراك المكثف الذي يقوده حزب الله، ويشرف عليه المعاون السياسي لنصر الله الحاج حسين الخليل، لإنهاء أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية، في الوقت الفاصل عن الزيارة التي كانت مقررة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت للوصول إلى صيغة تفاهم يمكن التأسيس عليها حكومياً.

وتضع مصادر "عربي بوست" في هذا الإطار سلسلة مؤشرات تؤكد أنّ جبران باسيل فهم الرسالة التي أطلقها حزب الله، فبادر إلى إظهار إيجابية في مقاربة الملف الحكومي، بدأت حين تصريحه عن علاقة حب تجمعه مع سعد الحريري.

بالإضافة إلى ذلك عبَّر جبران باسيل على حرصه على إنهاء أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية في أسرع وقت، ليستفيد لبنان من المبادرة الفرنسية، لذا فإن حزب الله يرى مصلحة في عملية التشكيل، فيما مسار الحكومة سيطول في إعداد بيان وزاري، ونيل الثقة في البرلمان، ما يعني أن الحكومة ستكون جاهزة في الشهر الثاني من العام المقبل، أي بعد تنصيب جو بايدن رئيساً لأمريكا بشكل رسمي.

 اتصالات فرنسية

وأمام أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية أكدت مصادر دبلوماسية لـ"عربي بوست" أن خلية الأزمة اللبنانية في الرئاسة الفرنسية التي يقودها السفير باتريك دوريل، عادت للعمل على خط باريس-بيروت.

وأجرى السفير باتريك اتصالات بهدف جمع سعد الحريري وميشال عون من جديد، للاتفاق على صيغ جديدة بعد القطيعة بين الجانبين، وسلسلة بيانات هجومية بين الرئاسة الأولى (رئاسة الجمهورية) والرئاسة الثالثة (رئاسة الحكومة).

وكشفت مصادر لـ"عربي بوست" عن لقاء منتظر بين ميشال عون، وسعد الحريري، غدا الثلاثاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، سيكون حاسماً، إذ إن الحريري سيحمل تعديلات لرئيس الجمهورية، هذا الأخير الذي سيُعطي رأيه بها، وقد يكون هناك تقارب في الآراء، ما يؤدي لتشكيل الحكومة خلال الأيام القادمة.

وأكدت مصادر "عربي بوست" أن رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل أبديا استعدادهما للجانب الفرنسي للتخلّي عن الثلث المعطل في الحكومة، كبادرة حسن نية، مقابل التعويض في مكان آخر.

وأشارت نفس المصادر إلى أن رئيس الجمهورية، ميشال عون، يشترط توقيعه على مرسوم تشكيل الحكومة الإلزامي مقابل ضمان شراكته الكاملة في التشكيلة الحكومية مع الحريري وتحديداً في المقاعد المسيحية.

 أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية

وكشف مصدر دبلوماسي لـ"عربي بوست" أن حل أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية، وتحديداً سقف مطالبة ميشال عون وباسيل جبران بالثلث المعطل في الحكومة، ربما تكون قد وجدت طريقها للحل من خلال تراضي فريقي الحريري وباسيل على وزير مسيحي مستقل يُسمّى بموافقة البطريرك بطرس الراعي، هذا الطرح جرى التداول به خلال لقاء الراعي وباسيل.

وكشفت ذات المصادر أن حزب الله قام بطمأنة ميشال عون وباسيل جبران إلى أنه لا حاجة للثلث المعطّل المباشر لفريقهما، ما دام وزراء حزب الله موجودين في الحكومة وأن الوزيرين التابعين لحزب الله، سيكونان من خيارات عون وباسيل.

فيما الأزمة القادمة ستكمن وفق مصدر "عربي بوست" في محاولة مقايضة شرط الثلث بالمطالبة بحقيبتي الداخلية والعدل، وهما الأمران اللذان أبلغ الرئيس المكلف سعد الحريري كل القوى السياسية على رأسهم حزب الله أنه ليس في وارد التسليم بأي منهما.

وقال الحريري إن إعطاء حقائب الأمن والداخلية والدفاع والعدل لفريق واحد، يعني تكريس وقوع الأجهزة الأمنية والقضائية في يد طرف واحد، وحليف حزب الله الذي يمسك أصلاً بقرارات الحرب والسلم للدولة اللبنانية.

وبحسب مصادر مقربة من تيار المستقبل فإن البحث في الملف الحكومي لم يعد يناقش حقائب وزارة الطاقة، التي ستُسند إلى جو الصدّي المتوافق عليه فرنسياً، ووزارة المال ليوسف خليل، المحسوب على حركة أمل، والصحة لمدير مستشفى الحريري، فراس الأبيض والذي بات من الحصة السنية لرئيس الحكومة.

فيما باقي الأسماء الشيعية المطروحة تحظى بدعم رئيس البرلمان نبيه بري. أما بالنسبة إلى حزب الله ستكون في عهدته حقيبة وزارة الأشغال العامة، وفق التوزيع النهائي، وحقيبة أخرى يتفق عليها مع الحريري في اللحظات الأخيرة.

فيما النقاشات القادمة ستكون بين سعد الحريري وميشال عون، حول كل من وزارات العدل والدفاع والداخلية بعدما حسم الحريري الخارجية من حصة الحزب التقدمي الاشتراكي.

تحميل المزيد