وجَّه وزير الخارجيّة الأمريكي مايك بومبيو الاتهام المباشر لروسيا، عن الهجوم الإلكتروني الذي طال وكالات حكوميّة أمريكيّة عدّة وأهدافاً في كلّ أنحاء العالم أيضاً، فيما لا يزال الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب ملتزماً الصمت عن "الهجوم الكبير" الذي ما زالت آثاره ممتدة منذ أيام.
وزير الخارجية الأمريكي قال السبت، 19 ديسمبر/كانون الأول 2020، إن " جهوداً كبيرة بُذلت لاستخدام جزء من برنامج معلوماتي، وذلك لدس رمز أساسي داخل أنظمة الحكومة الأمريكية"، كما أضاف "الآن يمكننا أن نقول بشكل واضح جداً إن الروس يقفون وراء ذلك الهجوم".
من جانبها، اعتبرت وكالة رويترز تصريح بومبيو أول حديث صريح عن دور روسي في التسلل من مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ترامب ما زال يلتزم الصمت
وعند سؤاله عن سبب صمت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيال الأمر، نوّه بومبيو إلى أن هناك عملاً يجري في الكواليس، قائلاً: "هناك الكثير من الأمور التي تحب التحدث عنها، ولكن التصرف الأكثر حكمة لحماية الشعب الأمريكي يكمن في العمل بسرية وحماية الحرية"، حسب قوله.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما زال يلتزم الصمت حول هذه الهجمات، في الوقت الذي قال الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، الخميس، إن حملة الهجوم الإلكتروني مبعث "قلق كبير"، متعهداً بالتحرك سريعاً للرد عليها بمجرد توليه الرئاسة الشهر المقبل.
إذ قال بايدن، الذي سيصبح رئيساً في 20 يناير/كانون الثاني، إن فريقه سيجعل مواجهة هذه الحملة أولوية قصوى، وسيجعل الأطراف المسؤولة عن مثل هذه الهجمات الإلكترونية تدفع "ثمناً باهظاً".
مساعٍ حثيثة لتقليل أضرار الهجوم
من جانبها، أكدت وكالة روتيرز السبت أن فرق الأمن في شبكات الإنترنت على مستوى العالم تسعى حثيثاً لتقليل الأضرار.
فقد قال برايان مورجنستيرن، المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين، إن مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين يعقد اجتماعات طوارئ يومياً إن لم يكن بوتيرة أسرع من ذلك.
وأضاف "يعملون بكدّ شديد لتقليل الأضرار، والتأكد من أن بلادنا آمنة. لن نخوض في الكثير من التفاصيل لأننا لن نكشف لخصومنا ما نفعله للتصدي لهذه الأمور".
تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي أكد رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي ماركو روبيو، لتلفزيون Fox News الأمريكي، الجمعة، أن " الهجوم الإلكتروني كبير، ومن الأرجح أنه ما زال متواصلاً".
آثار الهجوم تمتد خارج أمريكا
صباح الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تعرضها لهجوم إلكتروني، وصفته بـ"الكبير والمستمر"، استهدف عدداً من الجهات الحساسة والمهمة في الدولة، فيما بدا أنها عملية كبيرة مخطط لها بعناية، وتمت على مستوى عالٍ من الدقة والحرفية.
تشير المعلومات التي تتكشف يوماً بعد يوم إلى أن نطاق الاختراق كان كبيراً جداً، حيث يبدو أنه يتجاوز المعامل النووية وأنظمة البنتاغون ووزارتي الخزانة والتجارة الأمريكيتين، وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيد التحدي أمام المحققين الفيدراليين وهم يحاولون تقييم الضرر وفهم ما تمت سرقته.
من جانبها، أكدت شركة "مايكروسوفت"، الجمعة، أنها "أعلمت أكثر من 40 زبوناً تضرروا من البرنامج الذي استعمله القراصنة، الذي قد يتيح لهم النفاذ إلى شبكات الضحايا".
رئيس الشركة براد سميث، أشار على مدونته إلى أن "نحو 80% من هؤلاء الزبائن يوجدون في الولايات المتحدة، لكننا تمكنا أيضاً في هذه المرحلة من تحديد ضحايا في عدة دول أخرى"، والدول المعنية هي كندا والمكسيك وبلجيكا وإسبانيا والمملكة المتحدة وإسرائيل والإمارات.
سميث أضاف أن "عدد الضحايا في الدول المتضررة سيواصل الارتفاع، هذا مؤكد"، وهو أمر "يخلق هشاشة تكنولوجية خطيرة في الولايات المتحدة والعالم". واعتبر أن الهجوم الإلكتروني "ليس تجسساً عادياً، حتى في العصر الرقمي".
قلق من الهجوم الإلكتروني
في سياق متصل، قال الخبير في مجموعة "دينيم غروب" الأمنية جون ديكسون، إن عدة شركات خاصة يحتمل أن تكون عرضة للهجوم، تقوم بكل ما في وسعها لتعزيز حمايتها، إلى درجة أنها تفكر في إعادة بناء خوادمها الإلكترونية.
ديكسون أضاف في تصريحات للوكالة الفرنسية أن الهجوم الإلكتروني "كبير إلى درجة أن الجميع يُقيّم الأضرار حالياً"، معتبراً أنه وجَّه "ضربة قوية إلى الثقة في الدولة والبنى التحتية الحساسة".
من جانبهم، ينبه خبراء إلى التهديد الذي يحمله هذا الهجوم الإلكتروني على الأمن القومي، ليس فقط في حال السيطرة على بنى تحتية حساسة، ولكن أيضاً في حال النفاذ إلى إدارة شبكات توزيع الكهرباء أو خدمات عامة أخرى.
فوفقاً لما هو معروف حتى الآن، نجح القراصنة في اختراق الرسائل الإلكترونية الداخلية لوزارة الخزينة ووزارة التجارة الأمريكية، ويحتمل أنهم نفذوا إلى وزارة الطاقة التي تدير الترسانة النووية.
كذلك نجح القراصنة في اختراق برنامج "أونيون" الذي تنتجه شركة "سولار ويندز"، والمستعمل في إدارة الشبكات المعلوماتية للشركات الكبرى والإدارات، في حين دعت وكالة الأمن القومي التي تشرف على الاستخبارات العسكرية الأمريكية إلى اليقظة لمنع نفاذ القراصنة لأنظمة مهمة تابعة للجيش أو الدولة.