تصاعدت بالجزائر مطالب بتحرُّك رسمي ضد "لقاءات مشبوهة" يقوم بها السفير الفرنسي في الجزائر، فرانسوا غويات، وُصفت بأنها تدخُّل في الشأن المحلي، تزامناً مع غياب الرئيس عبدالمجيد تبون بسبب المرض.
إذ نشرت أميرة سليم، النائبة بالبرلمان الجزائري، عن حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" (موالٍ)، الخميس 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، بياناً عبر "فيسبوك"، أدانت فيه تحركات السفير الفرنسي في الجزائر.
"تحركات مشبوهة" يقوم بها السفير الفرنسي في الجزائر
قالت النائبة البرلمانية الجزائرية إن السفير الفرنسي في الجزائر "يستغل فراغ حياتنا السياسية لنشر الفوضى والتحريض، لا للمرحلة الانتقالية مهما كان الثمن، والبرلمان سيقف له بالمرصاد".
كما أضافت أن السفير يقوم باستقبال مَن وصفتهم بالمروِّجين للمرحلة الانتقالية في مقر سفارته تحت حجة دعم حق التعبير السياسي الحر والدفاع عن حقوق الإنسان.
بينما طالبت باستدعاء السفير الفرنسي في الجزائر من قِبَل وزير الخارجية الجزائري (صبري بوقادوم) والاحتجاج على سلوكه غير المقبول، وتابعت النائبة: "يجب أن يفهم (السفير الفرنسي) أن الجزائر ليست جمهورية من جمهوريات الموز".
مع العلم أن المرحلة الانتقالية في الجزائر مصطلح يعود مع كل أزمة سياسية، ومفاده حل كل المؤسسات المنتخبة واستبدالها بمجلس تأسيسي يضع دستوراً جديداً للبلاد، قبل الذهاب إلى انتخابات رئاسية ونيابية.
بدوره، انتقد كمال بن العربي، النائب عن حزب "جبهة التحرير الوطني" (الحزب الواحد سابقاً)، تحركات السفير الفرنسي في الجزائر الأخيرة، في بيان عبر "فيسبوك".
أفاد بن العربي قائلاً: "لفت انتباهي حديث متكرر لوسائل الإعلام نقلاً عن جهات سياسية بوجود تحركات مشبوهة ولقاءات سرية مع أطراف سياسية وإعلامية يقوم بها السفير الفرنسي في الجزائر".
كما طالب السلطات، بما فيها وزير الخارجية، بالتدخل والتحقق من هذه المعلومات وتفاصيلها لأن هذه القضية يجب ألا تمر مرور الكرام، فالأمر يتعلق بسيادة الدولة الجزائرية غير القابلة للمساس.
بينما يستمر غياب الرئيس تبون بسبب المرض
تزامن هذا الجدل مع غياب الرئيس تبون المتواجد بألمانيا للعلاج منذ 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد إصابته بفيروس كورونا، وفق الرئاسة، التي أعلنت قبل أسبوع تعافيه وبداية التحضير لعودته إلى البلاد.
فرانسوا غويات عُين سفيراً لفرنسا بالجزائر الصيف الماضي، قادماً من المملكة العربية السعودية، ويعد دبلوماسياً فرنسياً مخضرماً يتقن اللغة العربية.
ولم يتسنَّ الحصول على تعليق فوري من السلطات الجزائرية والفرنسية حول الموضوع لغاية الساعة 09:50 (ت.غ)
في 7 ديسمبر/كانون الأول، نشر مرشح الرئاسة السابق، عبدالقادر بن قرينة، بياناً قال فيه: "منذ تصريح الرئيس الفرنسي (إيمانويل) ماكرون حول قضايا وطنية داخلية، تتعالى أصوات من جديد تنادي بمرحلة انتقالية".
كان بن قرينة يشير إلى تصريحات ماكرون لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، مطلع الشهر الجاري، قال فيها إنه "يدعم الرئيس تبون في قيادة مرحلة انتقالية لمساعدة البلاد في تجاوز أزمتها السياسية".
حسب بن قرينة، فإنه "بغض النظر عن صحة الرئيس (..) فإننا نؤكد في حركة البناء الوطني (الحزب الذي يقوده) بأننا دوماً مع أي إجماع وطني للقوى التمثيلية للأمة الجزائرية".
انتقادات للتدخل الفرنسي في الجزائر
تزامن هذا الجدل الذي خلفته تحركات الرئيس الفرنسي في الجزائر مع تصريحات رسمية وسياسية جزائرية، انتقدت التدخل الفرنسي، من خلال دعم لائحة للبرلمان الأوروبي تنتقد وضع حقوق الإنسان في البلاد.
إذ قال قال وزير الإعلام والناطق باسم الحكومة الجزائرية، عمار بلحيمر، الثلاثاء 1 ديسمبر/كانون الأول، إن بلاده تتعرض منذ مدة لـ"هجمات لفظية" من فرنسا بسبب مواقفها، واصفا ذلك بـ"الوقاحة".
جاء ذلك في تصريح بلحيمر، لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، ردا على لائحة للبرلمان الأوروبي انتقدت وضع حقوق الإنسان في بلاده.
كما أكد المسؤول الحكومي، أن "الجزائر تتعرض لوابل متدفق من الهجمات اللفظية من طرف فرنسا"، وتابع: "هذه الاعتداءات تأتي عبر عدة قنوات، وهي البرلمان الأوروبي ومنظمات غير حكومية، وكذا الشبكات الاجتماعية". ووصف بلحيمر، "الوابل المتدفق من الهجمات اللفظية" بـ"الوقاحة".
فيما صادق البرلمان الأوروبي على لائحة تضمنت انتقادات لوضع حقوق الإنسان في الجزائر، واصفا إياه بـ"المقلق".
الشيء الذي خلف موجة غضب في الجزائر ووصفتها الخارجية في بيان لها بأنها "إهانة" وتنم عن "أبوية" تعود للعهد الاستعماري.
إذ احتلت فرنسا الجزائر بين عامَي 1830 و1962، ولا يتوقف الجزائريون عن مطالبتهم باريس بـ"الاعتراف والاعتذار والتعويض" عن جرائمها بحق الشعب الجزائري، وبينها عمليات طمس الهوية ونهب وتعذيب وقتل وتجارب نووية، بينما ترفض فرنسا تقديم اعتذار، وتدعو إلى فتح صفحة جديدة.
فيما ظلت العلاقات الرسمية بين الجانبين في وضع متوتر منذ الاستقلال، بسبب ملفات التاريخ والاتهامات المتكررة للجانب الجزائري لباريس بالتدخل في الشأن السياسي المحلي.