لم يعتقد "علي. ز"، صحفي مصري، أن فرحته بتسلم شقة في مشروع الإسكان الاجتماعي بمدينة "بدر" شرق العاصمة المصرية القاهرة، ستزول بمجرد أن يحط أولى خطواته بداخلها، فقد تحمل علي معاناة الإجراءات ومراحل التقديم المعقدة، ناهيك عن سعر الشقة المبالغ فيه بالنسبة إلى مستوى تشطيبها وتكلفتها، ومساحتها الفعلية.
من واقع تجربته يقول لعربي بوست "الشقة كما جاء في الإعلان 75 متراً، لكني قمت بقياسها بنفسي، واكتشفت أن مساحتها أقل من 67 متراً، فالغرف مثلاً لا تتعدى 2 متر و90 سم طولاً وعرضاً، وبالكاد تستطيع أن تنهض من فراشك وتضع قدمك للخروج من باب الغرفة".
وتساءل علي: لماذا لا تعطيني الحكومة المساحة كاملة كما جاء في إعلانها الرسمي؟ ولماذا لا تبني مساحات أوسع من الأساس، علماً أن المدن الجديدة، خاصة القريبة من العاصمة الإدارية، مثل مدينة بدر تتمتع بمساحات شاسعة من الصحراء، وتستطيع الحكومة البناء فيها دون أن تضيق على المواطن.
تحميل المرافق من مساحات الشقق
وأضاف "ما علمته بعد ذلك أن هناك شيئاً يسمى نسبة تحميل من رصيف الشارع والمناور وسلم العقار، يتحمله المواطن من مساحة الشقة المعلنة، وهو ما يعتبر إخلالاً بالعقد بيني وبين الحكومة في هذه الشقق".
لم تكن صدمة مساحة الشقة هي الأولى في تجربة الصحفي "علي.ز" عند التسلم، فقبل أن يذهب للشقة توجّه أولاً إلى أحد البنوك لإتمام إجراءات التعاقد، حيث إن وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بمصر توكل أمر التعاقد للبنوك المصرية، فهي مَن تدفع ثمن الشقة نيابة عن المواطن للحكومة، ومن ثم تقوم بتحصيله على أقساط شهرية لمدة 20 عاماً للمواطن بقسط شهري يبدأ من 750 جنيهاً.
يستطرد "بمجرد أن جاءني مندوب شركة الاستعلام بعد تقديم الأوراق للحصول على الشقة، وبعد 3 أشهر اتصل بي البنك للحضور لإنهاء إجراءات التعاقد، ثم التسلم، وهناك فوجئت أن البنك أحضر لي "كومة من الأوراق لم أستطع حصرها للتوقيع عليها، ولكن كان أبرزها هو عمل توكيل للبنك وتنازل مني لهم بحيث يحق للبنك التصرف كيفما شاء في الشقة، حتى تنتهي مدة الأقساط الشهرية، وعندما طلبت نسخة من هذه الأوراق، التي وقعت عليها رفض الموظف بحجة أن هذه أوراق رسمية لا تخرج من باب البنك، فقلت لهم "من حقي القانوني الحصول على نسخة من كل ورقة وقعتها لكم"، ورغم ذلك رفض البنك، وفي المقابل أصررت على طلبي، وهنا ثار الموظف، وباللهجة العامية قال لي "مش عاجبك متاخدش الشقة"، وهنا ثُرت عليه ووقعت مشادة بيني وبينه حتى خرج مدير البنك لتهدئة الموقف.
ويعلق علي "للأسف الشديد هناك سوء تعامل من الجهات الإدارية مع المواطنين في مثل هذه الشقق، وكأن هؤلاء الموظفين يمنون على المواطن من جيوبهم الخاصة، بالإضافة إلى عقد الإذعان الذي يوقعه المواطن للحكومة ممثلة في البنك للحصول على الشقة، كما أنها تحمل ذلك المواطن عبئاً مادياً دون مقابل منفعة حقيقية".
وتابع "وفقاً للعقد تلتزم الحكومة بتسليمي الشقة جاهزة بالمرافق، من كهرباء ومياه، وغاز طبيعي، ولكني بعد التسلم تحملت تكلفة هذه المرافق، فدفعت 5 آلاف جنيه للتعاقد على عداد الكهرباء، و3 آلاف جنيه لعداد المياه، وكذا الغاز الطبيعي، أما عن التشطيب فحدّث ولا حرج، فهو تشطيب دون المستوى، فترى مثلاً بلاط الشقة معظمه مخلوع، والدهانات سيئة، وكما يقال في عرف المقاولين "تشطيب سوقي" لا يكلف الدولة شيئاً من هذا المبلغ الذي سيدفعه المواطن، حيث وصل سعر الشقة إلى 218 ألف جنيه عام 2015، وقد زاد سعرها الآن، حيث وصل إجمالاً في الإعلان الرابع عشر الجاري التقديم له حالياً إلى 280 ألف جنيه، وفي بعض المساحات يصل إلى أكثر من 300 ألف جنيه.
تتفق هذه التجربة الحية لمعاناة علي. ز، مع ما ذكره تقرير "مرصد العمران" من عيوب في مشروع الإسكان، والذي أكد أنه لا يناسب فئات عديدة من الشعب، فعلى سبيل المثال يعتمد المشروع على التمويل العقاري الذي يشترط وجود دخل شهري ثابت للمتقدمين.
فبينما تلائم دفعات التمويل العقاري الشهرية الموظفين الحكوميين، والعاملين بالقطاع الخاص الرسمي من ذوي المرتبات الثابتة، قد يجد أصحاب الأعمال الحرة، والعاملون لديهم صعوبة في ترتيب أولويات دخولهم التي تتذبذب حسب أحوال السوق، بالإضافة إلى المواسم، ما يرفع من مخاطر عدم السداد في أشهر معينة من السنة، كما أن صعوبات استيفاء أوراق إثبات الدخل المطلوبة من ذوي الأعمال الحرة والعاملين لديهم قد تمثل عائقاً على التقديم إلى المشروع.
وبحسب المرصد العمراني، فقد لاحظ أيضاً ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ في الإعلان الأخير لشقق الإسكان الاجتماعي عن الإعلانات السابقة.
زيادات باهظة في ثمن الوحدات دون مبرر
ارتفع سعر الوحدات الـ90م2 بـ35% عن الوحدات المماثلة المطروحة بالإعلان العاشر منذ عامين، أي بواقع 18% سنويّاً، وتزيد بـ60% عن وحدات الإعلان الثالث عشر المطروحة منذ خمسة أشهر فقط، وذلك مع زيادة الحد الأقصى للدعم المقدم من الصندوق إلى 60 ألف جنيه، بدلاً من 40 ألف في الإعلانات الثلاثة الأخيرة.
وكما أكد التقرير "لم يقابل هذه الزيادات الباهظة زيادة في الدخل، حيث زاد معدّل سعر الوحدة إلى من هو أقل دخلاً من 4.9 في الإعلان العاشر، و3.7 في الإعلان الثالث عشر إلى 5.4 في الإعلان الحالي، مما رفع عبء المقدمات.
ورغم قابلية تقسيط المقدمات على ثلاث سنوات، فإنها ما زالت عبئاً كبيراً على الدخل، خاصة لمن يستأجر مسكناً حتى يتسلم الوحدة، حيث تتراوح أعباء المقدمات، أي نسبة المقدم، وهي تعني جدية الحجز+ المقدم + دفعة التعاقد، تتراوح أعباء المقدمات وفقاً لذلك بين 13% من الدخل السنوي للأعلى دخلاً، إلى 52% للأقل دخلاً، وذلك حال طلب تسديد 15% فقط من سعر الوحدة كمقدم بالتقسيط على ثلاث سنوات.
أما في حالة طلب تسديد 40% من ثمن الوحدة، وذلك في الأغلب لأصحاب الأعمال الحرة، فترتفع الأعباء إلى ما بين 34% إلى 135% من الدخل.
هذه المبالغ المرتفعة للأقل دخلاً أو لأصحاب الأعمال الحرة ترفع من مخاطر لجوء بعض المتقدمين إلى الاقتراض غير الرسمي، مثل الاستدانة من الآخرين بإيصالات أمانة، ما قد يضاعف من أعباء ديونهم مع تسلم الوحدة، وبداية تسديد أقساط التمويل العقاري، بالإضافة إلى تسديد أقساط السلف غير الرسمية.
من مبارك إلى السيسي.. هل نجحت سياسة بناء الإسكان المدعم في حيازة الأسر الفقيرة مسكناً ملائماً؟
إذا تتبّعنا مسار الإسكان الاجتماعي منذ بدايته سنجد أنه بدأ منذ عام 2005، أي في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، تحت مسميات مختلفة، مثل "المشروع القومي للإسكان"، و"مشروع إسكان مبارك".
وقالت دراسة لمنظمة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، كتبها الباحث يحيى شوكت، مسؤول حقوق السكن في المبادرة، إن "الحكومات والأنظمة المصرية اهتمت بمشاريع الإسكان المدعم لمن تسميهم بـ" محدودي الدخل" منذ خمسينيات القرن الماضي، وحتى حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي الحالية.. تغيرت الأسماء ما بين إسكان شعبي، وإسكان اقتصادي، وإسكان الشباب والمستقبل، وأخيراً، إسكان اجتماعي".
ويستدرك الباحث "ولكن يظل التساؤل: هل عملت سياسة بناء الإسكان المدعم على رفع المعاناة عن كاهل الأسر الفقيرة في حيازة مسكن ملائم وآمن وصحي، أم فشلت هذه السياسة… أم نجحت، ولكن في تحقيق مصالح أخرى بعيدة عن الهدف المعلن لها؟.
وبحسب الدراسة الموثقة فإن مشروع "المليون وحدة" للإسكان الاجتماعي الحالي أعلن عنه آخر وزير إسكان لمبارك، الدكتور محمد فتحي البرادعي، أثناء اعتصام الـ18 يوماً، يناير/كانون الثاني 2011، ومضت الأنظمة السياسية المختلفة التي أعقبت ثورة الـ25 من يناير/كانون الثاني في تنفيذه.
في عام 2014 أعلنت الحكومة المصرية عن البدء في تنفيذ وإنشاء هذا المشروع وكأنه مشروع جديد.
واستخدمه السيسي للترويج لشعبيته بالطبع.
وأكدت مي عبدالحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، لـ"اليوم السابع"، أنه قد تم إطلاق برنامج الإسكان الاجتماعي عام 2014 بهدف تنفيذ مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل، بجانب دور الصندوق في إدارة الأراضي المخصصة لمشروعات الإسكان لذوي الدخل المحدود والمتوسط.
وأضافت أن عدد المستفيدين من برنامج الإسكان الاجتماعي على مدار 5 سنوات ماضية بلغ حوالي 3.6 مليون مواطن مصري.
الواقع أن معظم المصريين المستهدفين من هذا المشروع لا يحصلون على أي وحدة سكنية، إما بسبب تعقيد إجراءات التقدم، أو بسبب ارتفاع أسعارها، كما أن جدية تنفيذ إنشاء الوحدات السكنية مشكوك فيها.
ففي الإعلان الرابع عشر لوحدات الإسكان الاجتماعي الحالي، حددت الحكومة المصرية ثلاث سنوات مقبلة للتسليم، في حين أن الإعلان العاشر الذي تقدم فيه المواطنون منذ عام 2018 بدأت الحكومة تسليمه في 2020.
لأن الحصول على شقة الإسكان الاجتماعي أصبح أكثر تعقيداً مما سبق، لوحظ أن الإقبال عليه لم يعد كما كان في السابق
فعلى مدار السنوات الست الماضية، تم الإعلان عن مراحل تنفيذ شقق الإسكان الاجتماعي، وكيفية تقدم المواطنين لها، ونظراً لمحدودية السيولة المادية لدى الحكومة فقد اعتمدت سياسة الإعلان والتقديم فقط، على أن يتم تسليم الشقق بعد 3 سنوات للحاجزين الذين تنطبق عليهم الشروط.
وكان آخر إعلانات الحكومة عن بيع كراسات شروط الطرح الجديد من الإسكان الاجتماعي، قد بدأ يوم الأحد، 1 نوفمبر/تشرين/الثاني، على أن يستمر التقديم حتى يوم 7 ديسمبر/كانون الأول 2020.
وفق ما جاء في كراسة الشروط التي يشتريها المواطن بمبلغ 100 جنيه، وبداخلها استمارة الحجز، حيث لا يقبل أي طلب للحصول على الوحدة السكنية دون شرائها، فإن شقق الإسكان الاجتماعي والموجهة لمحدودي الدخل يتم طرح مساحتين منها، الأولى 75 متراً، عبارة عن غرفتين وصالة ومطبخ وحمام، والثانية 90 متراً، 3 غرف ومطبخ وحمام وصالة، كما يتم تسليم جميع الوحدات كاملة التشطيبات بعد 36 شهراً.
ومنذ بداية التقديم وشراء كراسة الشروط حتى التسلُّم بعد 3 سنوات يمر المواطن بالعديد من المراحل.
تبدأ المرحلة الأولى بشراء كراسة الشروط وسداد جدية الحجز، والتي تبدأ من 12.5 ألف و15.5 ألف للإسكان الاجتماعي، ولكن في الإسكان المتوسط يبلغ مقدم حجز الشقة الـ100 متر 48 ألف جنيه، بينما الوحدة الـ110 أمتار وصل مقدم حجزها لـ51 ألفاً، أما الوحدة الـ120 متراً فيصل مقدم حجزها لـ55 ألفاً.
بعد شراء الكراسة يملأ المواطن استمارة الحجز ببياناته الرسمية من الاسم والعنوان الحالي له، ورقم هويته الشخصية، وما إذا كان متزوجاً أم لا؟ مع إرفاق صورة بطاقة الزوجة إذا كان متزوجاً، ويرفق أيضاً شهادة بالدخل الثابت له، وإيصال سداد جدية الحجز المطلوب، وصورة قيد عائلي، وعند تجهيز هذه الأوراق يقوم المواطن بالدخول على موقع صندوق الإسكان الاجتماعي وتسجيل صفحة له على الموقع، ومن خلال هذه الصفحة يرفع هذه الأوراق على الموقع بصيغة بي دي إف، وكان من الصعب على غالبية المتقدمين عمل هذا الإجراء بطريقة صحيحة، فلجأ معظمهم إلى مكاتب متخصصة لعمله، ما أضاف إليهم أعباء أخرى، كما قال المواطن سيد.ح "لعربي بوست": "احنا ناس غلابة، لا نعرف الكمبيوتر ولا يعني إيه بي دي إف اللي بيقولو عليه، لذلك ذهبنا إلى مكاتب كمبيوتر لعملها، وبالطبع يطلب المكتب مني مبلغ 50 جنيهاً نظير قيامه بهذا العمل".
وعلى منصات السوشيال ميديا، ظهرت مجموعات متخصصة في الإسكان الاجتماعي تعرض مساعداتها لهؤلاء البسطاء في شرح طريقة رفع المستندات، وتقديم نصائح للمتقدمين، وهناك أيضاً مَن عرض المساعدة دون مقابل.
أما أكثر الأسئلة والنقاشات التي دارت بين المتقدين فهي عن "شهادة" الدخل، ولأن معظمهم ليس لديهم دخل وظيفي ثابت، بل يعمل في القطاع الخاص لا يستطيع الحصول على شهادة الدخل المطلوبة، كما أنه وفقاً لشروط الإعلان الأخير فلا تقبل أوراق أي مواطن لديه "فيزة مشتريات"، أو أنه حاصل على قرض جارٍ سداده، وهو أيضاً شرط يعيق غالبية الشعب المصري.
وكانت هناك أسئلة كثيرة بين المتقدمين، فهاهي السيدة "شيرين.ن"، تتساءل: "هل يمكن أن أتقدم للحجز بمفردات مرتب من الشركة التي أعمل بها الآن، علماً أنني سأغادرها قريباً؟ وبالتالي لو جاء المستعلم سيخبرونه أنني تركت العمل، أم الأضمن هو تحرير شهاده دخل؟"
ويسأل مواطن آخر سؤالاً هاماً: "احنا بندفع أقساط لمده 3 سنوات، فهل ممكن بعد كده مانخدش الشقه؟".
أما المواطن محمد هاني فقد حذر في منشور له على فيسبوك، من أشخاص وصفهم بالنصابين، حيث قام شخص ما بالاتصال به، وأخبره أن فرصه في الحصول على الشقة ضعيف، لأنه أعزب، حيث إن الأولوية ستكون للمتزوجين، وأنه على استعداد لتسهيل إجراءاته، وتوفير الشقة له، ولكنه اكتشف بعد ذلك أنه شخص نصاب.
إضافة إلى ذلك، فهناك بعض المشاكل التقنية تواجه المتقدمين داخل صفحة تسجيل الطلبات.
أما شهادة الدخل، ونظراً لصعوبة الحصول عليها، فقد اكتفت الحكومة بأن يحصل المواطن على هذه الشهادة من أي مكتب محاسب قانوني، وهو أيضاً يمثل عبئاً مالياً على المواطن، وأن يحصل على ما يسمى "برنت تأمينات"، أي أن يكون معه شهادة من التأمينات الاجتماعية بعنوان ومحل إقامته وقت تقديم الأوراق.
ورغم تيسير هذا الأمر على المواطنين في إثبات شهادة الدخل، فإن العديد ممن حصلوا عليها لم تعتمدها الأجهزة الحكومية، وتم رفض طلبه، حيث يكتفي مكتب المحاسب القانوني بكتابة الشهادة برقم الراتب فقط، دون أن يحدد فيه طبيعة عمل طالب الشهادة، مما أوقع الكثيرين في خطأ كبير.
وبحسب الإعلان الأخير، فقد عدلت وزارة الإسكان شروط دخل المتقدمين في الإسكان الاجتماعي ليكون 4500 للأعزب بدلاً من 4200، و6000 للأسرة بدلاً من 5700 جنيه، أما في الإسكان المتوسط فوصل الحد الأقصى لدخل الأعزب 7000 جنيه، والمتزوج 9000 جنيه.
وإذا اجتاز المواطن هذه الخطوات بنجاح تأتي المرحلة الثانية، بعد انتهاء فترة التقديم بحوالي شهرين إلى 3 أشهر، وتتمثل في إعلان أسماء المتقدمين المستوفين للشروط، وكذلك من قام برفع الأوراق بشكل صحيح على الموقع الإلكتروني، كما يتم استبعاد المخالفين للشروط وإعلام عدد المتقدمين داخل كل مدينة.
أما الخطوة الثالثة والأخيرة، والتي تبدأ في شهر أبريل المقبل، حيث يتم سداد أول قسط ربع سنوي، ويستمر ذلك لمدة 12 قسطاً على 36 شهراً، وتبلغ قيمة القسط في الشقة الـ75 متراً 2100 جنيه، والشقة الـ90 متراً 2600 جنيه، أما الإسكان المتوسط، فيصل القسط للوحدة الـ100 متر، 10 آلاف جنيه، والشقة بمساحة 110 أمتار يصل لـ10.5 ألف جنيه، وكذلك وحدات الـ120 متراً يصل الدفعة الواحدة لـ11.5 ألف جنيه.
ورغم أن هذا الإعلان بدأ منذ الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وأوشكت مدته على الانتهاء في 7 ديسمبر/كانون الأول المقبل، لكن حتى هذه اللحظة اقترب عدد المتقدمين من عدد الشقق المطروحة، وهو مؤشر يؤكد أن الإقبال متوازن مع المطروح من جهة، وعدم رغبة الكثيرين في هذه الشقق من جهة أخرى، حيث كان في السابق يفوق عدد المتقدمين عدد الشقق المطروحة بمراحل.
وقالت مي عبدالحميد، الرئيسة التنفيذية لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، إنه جرى طرح 125 ألف وحدة سكنية، تتضمن 100 ألف وحدة لمنخفضي الدخل و25 ألف وحدة لمتوسطي الدخل، ضمن المبادرة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي "سكن لكل المصريين" قبل شهرين، مشيرة إلى أن الإقبال فاق التوقعات بكثير، وجرى بيع نحو 365 ألف كراسة شروط والتقديم مستمر حتى يوم السابع من ديسمبر، مضيفة أن حوالي 95 ألف دفعوا مقدمات الحجز.
مضيفة أنه جاءت بعض الشكاوى من كيفية التسجيل على الموقع الإلكتروني لحجز الوحدات الجديدة، وجرى وضع عرض ترويجي لتوضيح خطوات التقدم لحجز وحدات الإسكان الاجتماعي.
وتابعت مي عبدالحميد أن الدعم العقاري يكون لمرة واحدة للأسرة، لذلك فإن القيد العائلي من الأوراق المطلوبة، مشيرة إلى أنه تم تسليم 340 ألف وحدة سكنية منذ عام 2014 حتى الآن ومخطط أن نتجاوز مليون وحدة سكنية بحلول عام 2024.
وتابعت: "منذ بداية مشروع الإسكان الاجتماعي تم طرح 670 ألف وحدة للإنشاء، تم تخصيص منهم 336 ألف وحدة حتى الآن، كما يوجد وحدات سيتم تسليمها منتصف العام المقبل"، لافتة إلى أنه يتم تسليم 10 آلاف وحدة ضمن المشروع شهرياً.
وتؤكد هذه التصريحات المسؤولة أن المطروح من الشقق يختلف عما هو مخصص، فمن المليون وحدة وفقاً لمخطط الحكومة وتصريحات مي عبدالحميد تم تخصيص 336 ألف وحدة منهم فقط، منذ بدء المشروع عام 2014، حتى عام 2020، والتخصيص لا يعني تسليم الشقة فعلياً للمواطن.
نحن إذاً أمام مؤشر على عدم إقبال المواطنين على شقق الحكومة لأسباب عديدة، منها سعر الشقة المبالغ فيه، والعديد من الإجراءات المعقدة للحجز.
ويشرح (خالد . أ) صاحب مكتب عقارات السبب وراء ذلك قائلاً: "لقد حدث إشباع في سوق العقارات بمصر، وكثرة هذه الإعلانات التي تطرحها الحكومة قد يؤدي إلى انهيار هذا السوق؛ لأن الحكومة وحدها هي التي تبني الآن، أما مسألة الإسكان الاجتماعي فمعظم المتقدمين في حاجة فعلية لهذه الشقق، لكن هناك صعوبات وعقبات تواجه الآلاف منهم، مثل شهادة الدخل، والحجز الإلكتروني".
وقال خالد: "لم يعد هناك إقبال على مثل هذه الشقق، ليس لأن هناك اكتفاءً ذاتياً لدى المواطنين في السكن الملائم، فهناك الملايين الذين يسكنون في العشوائيات، ولكن هناك فائض في المعروض، بالإضافة إلى سعر الشقة المبالغ فيه بالنسبة إلى تكلفتها، فثمن أي شقة من شقق الإسكان الاجتماعي الحكومية الحالية أغلى بكثير مما هو موجود لدى الأهالي والشركات العقارية الخاصة وبمساحات أكبر، وفي الأحياء القريبة من القاهرة، لكن نظراً لصعوبة الإجراءات المعقدة للتقديم والحجز، لم يعد هناك إقبال كبير عليها، ومن يتقدم للحجز الآن، طبقة فوق المتوسطة، تشتريها إما للمضاربة وبيعها بما يسمى "الأوفر"، أي يبيع الحاجز أوراق الشقة إذا حصل عليها بمجرد نزول اسمه في المقبولين ويحصل على مكسب يبلغ 30 ألف جنيه، وهناك من يشتريها كنوع من الاستثمار الآجل أو توريثها لأبنائه.
ويشير خالد إلى أن الهدف الحقيقي وراء هذه الطروحات من الإسكان الاجتماعي، هو أن الحكومة تريد تحصيل أكبر قدر من أموال المواطنين لتشغيلها في مشاريع أخرى، وأضرب لك مثالاً صغيراً على ذلك، فمثلاً لو بيعت كراسة الشروط بـ100 جنيه، وكان المتقدمون 100 ألف مواطن، فهي إذا ستجني 10 ملايين جنيه، وقس على ذلك، مقدم الحجز وخلافه من مصاريف سيدفعها المواطن حتى تسلُّمه مفتاح الشقة".
أما عن آلية بناء هذه الشقق وتشطيبها، فيقول: (حمادة . ع)، مهندس مدني بإحدى شركات المقاولات التي تعمل في بناء هذه الشقق، لـ"عربي بوست"، إن "الحكومة تضع حداً معيناً لبناء العمارة بداية من حفر الأساس، حتى التشطيب النهائي، وهذا الحد من التكلفة هو الذي تتعامل عليه شركات المقاولات، فمثلاً هي تطلب من شركتنا بناء العمارة "أ" بحوالي 6 ملايين جنيه، وهي تتكون من دور أرضي و4 أدوار متكررة على مساحة معينة، وبالطبع فإن المقاولين يكيفون التكلفة على أساس المبلغ المحدد، وهنا أيضاً تضع الحكومة مواصفات معينة لكل جانب ومرحلة من مراحل بناء العمارة، وكذا الشقق".
وأضاف: "وفق المبلغ الذي حددته هيئة المجتمعات العمرانية، يأتي مستوى تشطيب الشقة دون المستوى المطلوب، فغالباً تظهر بعض العيوب، سواء في الدهانات الداخلية وغير ذلك".
وتابع: "بحسب تصريحات الحكومة، فإن سعر الشقة يصل إلى 300 ألف جنيه وأكثر، ما تتحمله الحكومة منها هو مجرد تكلفة الأرض التي هي ملك الدولة، وتوصيل المرافق، ولكن هذا لا يصل إلى 300 ألف جنيه ثمن الشقة الذي تضعه الحكومة".
أما المهندس "م. أ"، عضو لجنة الإسكان والمرافق بمجلس النواب المنقضي، فيرى أن "مشروع الإسكان الاجتماعي موجه لطبقات محدودة الدخل، وإذا قارنا أسعاره بالأسعار الأخرى للشقق التي يبنيها القطاع الخاص، سنجد أنها مناسبة لهذه الفئة، فأقل شقة الآن في الأحياء الشعبية يصل سعرها أكثر من 500 ألف جنيه".
ويضيف المصدر في تصريح لـ"عربي بوست": "كما أن أقساط الشقة على 20 عاماً للإسكان الاجتماعي، وسيكون القسط ما بين 1000 إلى 1300 جنيه، وهو مبلغ على المدى الطويل لن يكون باهظاً، خاصة إذا افترضنا أن نفس المواطن الذي سيدفع هذا القسط في شقة تمليك، سيدفعه كإيجار شقة قانون جديد".
وأكد المصدر أن "آلاف المواطنين تقدموا حتى الآن في الإعلان الأخير للشقق، وهذا يؤكد إقبال الجماهير عليه، كما أن طريقة التقديم الإلكتروني ليست معقدة، فالجميع الآن أصبح لديه ولو شيء بسيط من المعرفة بوسائل التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى أن التقديم والحجز الإلكتروني، يمنع أي تدخل بشري في عملية استحقاق المواطن للشقة، وبالتالي أغلقنا باباً للفساد والرشوة في هذا المشروع الحيوي".
لماذا تتأخر الحكومة في التنفيذ الفعلي للمشروع؟
أما عن تأخير تسليم الوحدات، فيرى المصدر البرلماني أن "الحكومة اعتمدت طريقة جديدة في الإسكان الاجتماعي الموجه لمحدودي الدخل، فهي تقوم بدراسة المناطق والمحافظات الأكثر احتياجاً لإقامة المساكن وفق بيانات ودراسات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بعد ذلك تعلن عن بناء عدد معين من الوحدات السكنية، ثم يتقدم المواطنون، حتى انتهاء فترة الحجز، وبذلك يتقارب عدد المتقدمين مع عدد الوحدات المطروحة للبناء في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات، وبالتالي يحصل كل من يتقدم وفق آلية الحجز الإلكتروني على الشقة".
منذ عام 2014، وبحسب تصريحات المسؤولين، فقد كان من المقرر الانتهاء من بناء مليون وحدة سكنية حتى نهاية 2020، لكن ما يحدث هو مجرد الإعلان فقط عن البدء في إنشاء وحدات الإسكان الاجتماعي، فعلى سبيل المثال بدأت أجهزة المدن الجديدة منذ عدة أيام تسليم وحدات الإسكان الاجتماعي للحاجزين في الإعلان العاشر، والذي كان منذ 3 سنوات، وفي نفس الوقت أصدرت الحكومة منذ 25 نوفمبر/تشرين الجاري، حتى 6 ديسمبر/كانون الأول 2020، الإعلان الرابع عشر للتقديم على شقق الإسكان الاجتماعي، وحددت موعداً تقريبياً 3 سنوات للتسلُّم، فما الذي يؤخر تسليم الشقق؟
"لم يكن هناك تأخير في السابق لتسليم الوحدات، ولكن نحن نضع خطة زمنية محددة للبناء، ووفق احتياجات المواطنين"، هكذا أجاب مصدر مسؤول في وزارة الإسكان لـ"عربي بوست"، وأضاف: "نظراً لقلة السيولة المادية نتأخر بعض الوقت، حيث يحتاج المقاولون مستحقاتهم للشروع في البناء، بالإضافة إلى الأزمة التي يعيشها العالم أجمع بسبب جائحة كورونا، أيضاً بسبب ارتفاع تكلفة البناء نفسها منذ عام 2016، خاصة بعد تحرير سعر الصرف، حيث ارتفعت أسعار مواد البناء، حتى العامل أصبح يحصل على أجر يومي 250 جنيهاً، بعد أن كانت لا تتجاوز 150 جنيهاً".
وأضاف المصدر: "هناك عبء على الحكومة في هذا المشروع، فبعد أن كان المواطن يدفع سابقاً، ما بين 30 إلى 40 ألف جنيه، بمجرد تقديمه على الشقة، أصبح الآن يدفع من 5 آلاف إلى 15 ألفاً فقط، على أن تتحمل الحكومة هذا الفرق من صندوق دعم التمويل العقاري؛ لأن القيادة السياسية تصر على استكمال هذا المشروع، وتنفيذاً لتعليمات الرئيس السيسي بأن كل من يتقدم وتنطبق عليه الشروط سيحصل على شقة، لذلك لجأنا إلى آليات التمويل من البنوك، وصندوق التمويل العقاري، وتيسير الإجراءات على المواطن، بحيث لا يتحمل تلك الأعباء".
وتابع المصدر: "ترتفع تكلفة بناء الوحدات نظراً لأننا نتبع أحدث نظم البناء فيما يطلق عليه "مدن الجيل الرابع"، بحيث نحرص على استيفاء كل الإمكانيات والبنى التحتية، كما راعينا عدم تكدس الشوارع، وتركنا مساحات كبيرة لها، واستحدثنا في هذه المدن كافة وسائل التكنولوجيا، وفي ظل كل هذا تصل تكلفة الشقة على الحكومة مساحة 90 متراً إلى 300 ألف جنيه، ونطرحها للمواطن بسعر التكلفة".
وقال المهندس عمرو خطاب، المتحدث باسم وزارة الإسكان، إن الطرح الأخير من شقق الإسكان الاجتماعي رُوعي فيه جمع سلبيات الإعلانات السابقة، فقد تم طرح 125 ألف وحدة سكنية في المشروع الرابع عشر كاملة التشطيب ولا توجد تكاليف إضافية على الحاجزين.
وأضاف في تصريحات له بحسب صحيفة "اليوم السابع"، إن " الوحدات عبارة عن 25 ألفاً لمتوسطي الدخل، و100 ألف لمحدودي الدخل وتتوزع على عدد كبير في محافظات الصعيد، وهناك تنوع في المساحات لتغطى عدداً أكبر من شرائح المجتمع والدخل".
وتابع: "الوحدات مدعومة بحوالي 70% إلى 80% من الدولة، والمقدم حوالي 14 ألف جنيه، وكانت لدينا في المشاريع السابقة مساحات ثابتة، ولذلك كانت المقدمات ثابتة، ولكن في هذا الإعلان هناك اختلاف، لأن المساحات مختلفة، وبعد سداد مقدم الشقة والأقساط الربع سنوية سيكون الحاجز قد دفع حوالي 20% من قيمة الوحدة والباقي على 20 سنة".
أما عن صعوبة إجراءات الحجز فقال خطاب: "هناك فيديو على الصفحة الرسمية لصندوق الإسكان الاجتماعي والتمويل العقاري والفيديو مبسط جداً، ويستطيع من خلاله المواطن أن يعرف كل شيء، كما أن أسعار الشقق أصبحت في متناول الجميع، والمدة المعلنة في الإعلان 36 شهراً لتسلُّم الشقة والتمويل العقاري شرط أساسي".
لعبة الحكومة والبنوك على جيوب الحاجزين
رغم ما تعلنه الحكومة المصرية من تيسيرات على المواطنين في طرق سداد سعر الشقة، لكنها في نفس الوقت تدسّ له السمّ في العسل، كما يقولون، وتلقي بالمواطن في جعبة البنوك.
فمنذ الإعلان عن مشروع الإسكان الاجتماعي عام 2014، خصص البنك المركزي نحو 280 مليار جنيه، تم توزيعها على البنوك الحكومية لتمويل شقق الإسكان الاجتماعي.
فكيف يحصل المواطن على هذا التمويل؟ وكيف يسدده؟ وفي هذه الحالة، هل سعر الشقة سيصبح كما هو معلن عنه في كراسة الشروط؟
بالطبع لا، فبحسب ما قاله الخبير العقاري هشام رمضان، فقد قام بحساب تكلفة الشقة على المواطن من بداية شراء كراسة الشروط ووفق كل مساحة.
وكشف رمضان على صفحته على فيسبوك أن هناك بنداً في كراسة الشروط يقول إن سعر الشقة المكتوب قابل للزيادة بنسبة 10%، وذلك تحسباً لزيادة أسعار مواد البناء.
وتابع، على هذا الأساس "فإن سعر الشقة مساحة 75 متراً طبقاً لكراسة الشروط 244 ألفاً، ومع الزيادة المحتملة وهي بالطبع ستزيد، 24 ألفاً و400 جنيه، بالإضافة إلى بند جدية الحجز، ويقدر بـ5% من إجمالي سعر الشقة، 12 ألفاً و200 جنيه، وسيصبح سعر الشقة 280 ألف جنيه.
سيدفع المواطن منهم المقدمة 15 ألفاً و500 + جدية الحجز 12 ألفاً و200 جنيه، و12 قسطاً في 2100 جنيه، بجمع هذه المبالغ، 25 ألفاً و200 + 12ألفاً و200، سيدفع المواطن 37 ألفاً و700.
أي أن المواطن دفع 15% من سعر الشقة، وسيتبقى من سعرها 85% وهو 242 ألفاً و900 جنيه.
الدعم الذي تدفعه الدولة للمواطن المتقدم يبدأ من 5000 إلى 60 ألف جنيه، وبمتوسط 40%، وهو هنا يصل إلى 42 ألف جنيه، سيتبقى من سعر الشقة 200 ألف جنيه، سنضيف عليه 7% فائدة متناقصة من سعر الشقة، أي في المتوسط 25%، وسيصبح ثمن الشقة 250 ألف جنيه على 20 عاماً أي 240 شهراً، ويصبح القسط الشهري ثابتاً على المواطن 1050 جنيهاً.
أما الشقة الـ90 متراً، وبحسب ما هو معلن 310 آلاف جنيه فمتوسط الزيادة المتوقعة 31 ألف جنيه، ونسبة الصيانة تضاف إلى هذا المبلغ، فيصبح إجمالي السعر الحقيقي على المواطن للشقة 356 ألف جنيه، سيدفع المتقدم منهم 15% مقدماً، وهو مبلغ جدية الحجز، و5% صيانة، ومن هذا المبلغ الإجمالي سيدفع الحاجز 10% أقساطاً ربع سنوية، بواقع 2600 جنيه لمدة 3 سنوات، ويصبح بعد ذلك المبلغ المتبقي على الشقة أقساطاً شهرية يحسبها له البنك، بفائدة متناقصة 7% سنوياً لمدة 20 عاماً، والقسط الشهري طوال العشرين عاماً سيصبح القسط الشهري الثابت للشقة 1355 جنيهاً.
وفق هذه الحسابات فإن المواطن محدود الدخل الذي تبني له الحكومة هذه الشقق يحصل على راتب 4000 آلاف جنيه، سيدفع أكثر من ربع راتبه قسطاً شهرياً للبنك، وإذا أضفنا تكلفة المواصلات، خاصة أن معظم هذه الشقق في مدن جديدة تبعد عن مقارّ عمله فسنجده ينفق أكثر من 1000 جنيه، فكيف يعيش هذا المواطن بقية أيام الشهر؟
الحكومة تبني وتنافس القطاع الخاص
ومن الإسكان الاجتماعي إلى الإسكان الفاخر، بدأت الحكومة المصرية في انتهاج أسلوب جديد، حيث دخلت بقوة في سوق العقارات كتاجر محتكر لكل شيء، وليست كدولة تنظم، حيث تغيّرت لديها مكونات مشروع الإسكان الاجتماعي، حيث شرعت في بناء شقق في بعض الأحياء ذات الطلب الكبير مثل "القاهرة الجديدة"، ويصل سعر المتر في الشقة وفق أسعار هيئة المجتمعات العمرانية إلى 10 آلاف جنيه، وبمساحات من 100 متر إلى 150 متراً، ليصبح سعر الشقة الواحدة مليوناً ونصف المليون جنيه.
وبحسب تصريح المهندس عمرو خطاب، المتحدث باسم وزارة الإسكان، فإن الرئيس السيسي وجَّه بتغطية أكبر شرائح ممكنة من المجتمع، وتوفير وحدات سكنية أكثر من المستهدف لوزارة الإسكان، التي كانت مليون وحدة سكنية، بزيادة المستهدف بربع مليون وحدة سكنية أخرى.
وأضاف خطاب في مداخلة هاتفية لفضائية: "إكسترا نيوز"، أنه تم التكليف بتوفير وحدات سكنية لشرائح جديدة في المجتمع، وهي: "سكن لكل المصريين"، والتي تكون أعلى من الإسكان الاجتماعي، وأقل من الإسكان المتوسط، وهي شريحة غير موجودة في المجتمع المصري وتهتم الوزارة بتغطيتها.
يشار إلى أن وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية قامت بطرح 13 إعلاناً لمشروع الدولة للإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل المليون وحدة، حتى منتصف العام الجاري، تضمنت نحو 700 ألف وحدة سكنية.
وكان أكبر طرح للوحدات ضمن الإعلان الثامن للمشروع، الذي تضمن نصف مليون وحدة سكنية دفعة واحدة في منتصف 2016، وتم تثبيت سعر الوحدات لكافة المستفيدين منه، رغم زيادة أسعار الوحدات بنسبة كبيرة، خاصة بعد قرارات الإصلاح الاقتصادي والتعويم، التي تسببت في زيادة وصلت لنحو 100 ألف جنيه لكل وحدة تقريباً.