نشرت وكالة DW News الألمانية تصريحاً لوزيرالداخلية الألماني، هورست زيهوفر قال فيه إن الوقف العام لقرارات الترحيل إلى سوريا لا ينبغي تمديده، وحثَّ على اتخاذ القرارات بناء على الوضع المتعلق بكل حالةٍ على حدة، "على الأقل للمجرمين وأولئك الذين يُرى أنهم يمثلون تهديداً".
في الوقت الحالي، يواجه ما يقرب من 6 آلاف سوري قرارات ترحيل غير نافذة، بسبب الحظر العام الذي أصدرته ألمانيا عام 2012 على ترحيل اللاجئين إلى سوريا التي مزقتها الحرب، ومن وقتها يُناقش ذلك القرار بطريقة منتظمة وعلى نطاق واسع بناءً على تقييمات دورية لوزارة الخارجية الألمانية.
مع ذلك، جاءت حادثة مقتل سائح في مدينة دريسدن الألمانية في أكتوبر/تشرين الأول، التي دارت مزاعم ارتكابها حول سوري يشتبه في تبنيه دوافع متطرفة وكان قد فقد تصنيف "حالة اللجوء" في عام 2019، لتضيف مزيداً من الزخم على دعوات الترحيل من البلاد.
استناداً إلى تلك الدعوات وغيرها، قال وزير الداخلية الألماني زيهوفر لوكالة الأنباء الألمانية dpa إنه سيعمل على تكثيف الضغوط في اجتماع مقرر في شهر ديسمبر/كانون الأول لوزراء الداخلية في الولايات الإقليمية الستة عشرة في ألمانيا، لوقف الحظر العام لقرارات الترحيل والنظر في المضي قدماً فيها على أساس كل حالة على حدة.
من المفترض أن يشمل الاجتماع أحدث تقييم لوزارة الخارجية بشأن الأوضاع في سوريا، واستعراضاً للتقارير التي غالباً ما تعتمد عليها السلطات المحلية في جميع أنحاء ألمانيا لاتخاذ قرارها بشأن التعامل مع طلبات اللجوء.
يُذكر أن أكثر من مليون سوري لجأوا إلى أوروبا منذ 2011، عندما اندلعت الثورة السورية التي تحولت إلى حرب أهلية بعد ذلك. ويعيش نحو 770 ألف شخص من هؤلاء اللاجئين في ألمانيا، وفقاً لبيانات منظمة Mediendienst Integration، وهي شبكة من الباحثين المعنيين بشؤون الهجرة ومقرها برلين.
الوضع في سوريا "لم يتحسن": أثارت دعوات زيهوفر التي صرّح بها الجمعة 27 نوفمبر/تشرين الثاني اعتراضات فورية من شركاء التحالف الحكومي والسياسيين المعارضين على حد سواء، قائلين إن الوزير يتجاهل الحقائق المتعلقة بالواقع على الأرض.
من ضمن من تحدثوا موريس بيستوريوس، وزير داخلية ولاية ساكسونيا السفلى حيث قال إن الوضع في سوريا "لم يتحسن، بل ساء".
ينتمي بيستوريوس إلى "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" (SPD) من يسار الوسط والذي يشارك في الائتلاف الحاكم مع المحافظين بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل إلى جانب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا" (CSU)، لكن ذلك لم يمنعه من التصريح بأن دعوات ترحيل اللاجئين الذين يجري تصنيفهم على أنهم مجرمون خطرون تنطوي على دوافع مغرية، لكنها تتجاهل أن ذلك سيتركهم فريسة للتعذيب والموت، وقال إن الترحيل "سيجعلنا لا نقل سوءاً في شيء" عن المستبدين الذين يضطهدون شعبهم في سوريا.
على النحو نفسه، قالت أنالينا بيربوك، زعيمة حزب الخضر المعارض، في تصريحات لصحف تابعة لمجموعة Funke Media Group الإعلامية، إن زيهوفر يحاول تصوير نفسه على أنه "سياسي القانون والنظام".
بيربوك أشارت في معرض انتقادها، إلى أن زيهوفر، بوصفه وزيراً للداخلية الألمانية، فإنه يعرف "تمام المعرفة" أن "سوريا ليس لديها هيئات عامة هاملة يمكنها حتى تنظيم عمليات الإعادة إلى أرض الوطن".
انتقادات لاذعة لمبادرة زيهوفر: من جانبه، وجه التحالف المكون لمنظمة Pro Asyl المعنية بشؤون اللاجئين والحقوق المدنية ويقع مقرها في مدينة فرانكفورت وتضم كنائس وجمعيات خيرية ألمانية عدة، انتقادات لاذعة لمبادرة زيهوفر.
جونتر بوركهارد، مدير منظمة Pro Asyl قال إن تلك المبادرة "تُظهر بوضوح أن السيد زيهوفر غير معني بحالة حقوق الإنسان المفجعة في هذا البلد، بل بإعطاء الإشارات السياسية إلى قوى اليمين"، في إشارة من بوركهارد إلى سعي وزير الداخلية لكسب تأييد محتمل من الناخبين اليمينيين المتطرفين في الانتخابات العامة المقبلة في ألمانيا عام 2021.
بوركهارد في احتجاجه قال أيضاً إن"سوريا دولة تعذيب، سوريا دولة ديكتاتورية، ونظامها جائر يتصرف على نحو تعسفي، وأي شخص فيها معرض للاضطهاد"، مضيفاً أن الترحيل من ألمانيا، في ظل هذه الظروف، يتعارض مع القانون الدولي.
تعيين "مناطق آمنة" في سوريا: على الجانب الآخر، وفي دفاع عن مبادرة زيهوفر، قال توماس ستروبل، وزير داخلية ولاية بادن فورتمبيرغ وعضو حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي"
(CDU)، لصحيفة Die Welt، إنه إذا أمكن تعيين مناطق آمنة نسبياً في سوريا، فيجب ترحيل المجرمين الخطرين إليها.
بالمثل، قال يواكيم هيرمان، وزير داخلية ولاية بافاريا، إنه يجب تكثيف الضغوط "على جميع الأصعدة" لطرد "المجرمين السوريين المدانين بارتكاب جرائم خطيرة" من ألمانيا.