تبحث إيران، الأحد 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، طبيعة الرد على عملية اغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زادة التي اتهمت إسرائيل بالوقوف خلفها، مع بدء مراسم تكريمه قبل دفنه المقرر خلال ساعات.
حيث أعاد اغتيال أحد أبرز علماء الجمهورية الإسلامية، فتح باب النقاش بشأن التزامات إيران النووية. ووقع أعضاء مجلس الشورى بالإجماع بعد جلسة مغلقة الأحد، بياناً يدعون عبره للرد على الاغتيال، ومنع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول منشآت البلاد.
مقتل فخري زادة: وأعلنت إيران الجمعة "استشهاد" فخري زادة متأثراً بجروحه بعيد استهدافه من قبل "عناصر إرهابية" هاجموا سيارته واشتبكوا بالرصاص مع مرافقيه، في مدينة آب سرد بمقاطعة دماوند شرق طهران.
وكان العالم يشغل منصب رئيس منظمة الأبحاث والإبداع في وزارة الدفاع الإيرانية. ووصل جثمان الراحل مساء السبت الى مدينة مشهد في شمال شرق إيران، لطواف والصلاة عليه في العتبة الرضوية، بحسب وكالة الأنباء الرسمية "إرنا".
كذلك ، ففي يوم الأحد، نقل الجثمان إلى العتبة الفاطمية في مدينة قم جنوب طهران، وبعده إلى مرقد الإمام الخميني في العاصمة الإيرانية، وفق ما أظهرت وسائل الاعلام المحلية.
مراسم تشمل العائلة: ومن المقرر أن يوارى فخري زادة الثرى الإثنين بعد مراسم يحضرها أفراد العائلة وعدد من القادة العسكريين، بحسب ما أفادت وزارة الدفاع عبر موقعها الإلكتروني، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
كان الرئيس حسن روحاني قد اتهم إسرائيل السبت بالوقوف خلف الاغتيال سعياً لإثارة "فوضى". وفي حين شدد روحاني على الرد "في الوقت المناسب"، أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي ضرورة "معاقبة" الضالعين في الاغتيال، ومواصلة النشاطات التي كان يؤديها فخري زادة.
كما قال روحاني: "الأمة الإيرانية أذكى من أن تقع في فخ المؤامرة الذي نصبه الصهاينة. هم يفكّرون بخلق فوضى، لكن عليهم أن يدركوا أننا كشفنا ألاعيبهم ولن ينجحوا في تحقيق أهدافهم الخبيثة".
في المقابل عقد مجلس الشورى اليوم جلسة مغلقة حضرها وزير الاستخبارات محمود علوي لبحث "التحقيق في الاغتيال"، وفق وكالة "إيسنا". ودعا رئيس المجلس محمد باقر قاليباف عبر التلفزيون الرسمي، إلى "رد فعل قوي" على الاغتيال، يساهم في "الردع والانتقام" من الضالعين فيه.
اتهامات لإسرائيل: وفي افتتاحيتها الأحد، طالبت صحيفة "كيهان" المحافظة باستهداف الدولة العبرية في حال "ثبت" ضلوعها في الاغتيال.
إذ دعت الصحيفة إلى "ضرب مرفأ حيفا بطريقة تهدم بنيته التحتية وتتسبب بحصيلة بشرية"، ما سيؤدي "بالتأكيد الى تحقيق الردع لأن الولايات المتحدة والنظام الصهيوني، ليسا مستعدين بأي شكل من الأشكال لخوض حرب".
ولم تعلق الدولة العبرية رسمياً على العملية حتى الآن.
كذلك فقد رأى روحاني صباح السبت أن إسرائيل أدت دور "العميلة" في الاغتيال لـ"الاستكبار العالمي"، وهي عبارة يستخدمها المسؤولون الإيرانيون عادة للإشارة الى الولايات المتحدة.
في المقابل، فقد أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية اسم فخري زادة على لائحة العقوبات العام 2008 على خلفية "نشاطات وعمليات ساهمت في تطوير برنامج إيران النووي"، بينما اتهمته إسرائيل سابقاً عبر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، بالوقوف خلف برنامج نووي "عسكري" تنفي طهران وجوده.
حادثة الاغتيال: وأتى الاغتيال قبل نحو شهرين من تسلم بايدن مهامه، وهو الذي وعد بـ"تغيير مسار" سلفه دونالد ترامب مع إيران. واعتمد الأخير سياسة "ضغوط قصوى" حيال طهران، شملت خصوصاً الانسحاب الأحادي عام 2018 من الاتفاق حول برنامجها النووي، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها.
وبعد نحو عام من الانسحاب، تراجعت طهران عن غالبية الالتزامات الأساسية في الاتفاق، لكنها أبقت على السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة مواقع.
في المقابل وفي بيان الأحد، رأى مجلس الشورى أن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما، باتوا "جسورين" في "إرهابهم وتخريبهم" ضد إيران، وصولاً إلى اغتيال فخري زادة.
حيث رأى المجلس إن "الرد الأمثل" على ذلك، سيكون "إحياء الصناعة النووية الإيرانية"، وتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي الملحق بالاتفاق النووي، والذي يتيح هامشاً أوسع للمفتشين في تفقد المنشآت الإيرانية.
ودعا البيان الذي وقعه النواب بالاجماع، إلى منع دخول المفتشين الى المواقع، بحسب وكالة أنباء مجلس الشورى "إيكانا". وسبق لعدد من النواب أن اتهموا المفتشين بأداء دور "جواسيس" والحصول على معلومات قد تكون ساهمت باغتيال فخري زادة.