ابتهج الملايين عبر العالم بالإعلان الذي أفاد هذا الأسبوع بفاعلية لقاح رخيص سهل الإعداد لفيروس كورونا بنسبة 90%، كما احتفلت إحدى الصحف البريطانية وكتبت: "احصل على لقاحتشينو"، في إشارة إلى أن اللقاح الذي تطوره شركة AstraZeneca مع جامعة أكسفورد أرخص من كوب الكابتشينو، غير أن الاعتراف بخطأ، أصاب العديد بالقلق.
وفق تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية، الخميس 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، فإنه منذ الكشف عن النتائج الأولية، اعترفت الشركة بخطأ محوري في جرعة اللقاح التي تلقاها بعض المشاركين في الدراسة، مما زاد من التساؤلات حول فاعلية اللقاح التي تبدو مذهلة، وهل ستصمد أمام مزيد من الاختبارات.
انتكاسة غير متوقعة
كان رئيس مبادرة اللقاحات الفيدرالية الرائدة، وليس الشركة، هو أول من كشف أن النتائج الواعدة للقاح لا تعكس بيانات من كبار السن.
فيما أشار المسؤولون في الولايات المتحدة إلى أن النتائج لم تكن واضحة.
كما يقول الخبراء إن الخلاصة هي أن احتمالات التصريح بالاستخدام والتصنيع الطارئ السريع من الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة أو غيرها للقاح AstraZeneca تتناقص، وهي انتكاسة غير متوقعة في الحملة العالمية لحصار الوباء المدمر.
ماذا تقول الشركة؟
في الجهة المقابلة، قالت ميشيل ميكسل، المتحدثة الرسمية باسم شركة AstraZeneca، إن التجارب "أُجريت وفقاً لأعلى المعايير".
وفي مقابلة، الأربعاء 25 نوفمبر/تشرين الثاني، دافع مينيلاس بانغالوس، المدير التنفيذي لشركة AstraZeneca والمسؤول عن كثير من أبحاث الشركة وتطويرها، عن طريقة تعامل الشركة مع الاختبارات والإعلانات العامة.
المتحدث نفسه قال إن "الخطأ في الجرعة كان سببه أحد المتعهدين خارج الشركة، وبمجرد اكتشافه، أبلغنا الهيئات التنظيمية فوراً، وأوقفنا الخطة حتى نواصل اختبار اللقاح بجرعات مختلفة".
أما لدى سؤاله عن سبب مشاركة شركة AstraZeneca بعض المعلومات مع محللي Wall Street ومسؤولين وخبراء آخرين ولكنهم لم ينشروها للعامة، فقال: "أعتقد أن أفضل طريقة للتفكير في النتائج هي مراجعة الأقران بمجلة علمية، وليس في صحيفة عامة".
هذا النظام العلاجي الذي أظهر فاعلية بنسبة 90% كان مبنياً على مشاركين أخذوا نصف الجرعة وبعد شهر أخذوا جرعة كاملة، لكن النسخة الأقل فاعلية اعتمدت على جرعتين كاملتين.
وكشفت الشركة في الإعلان الأولي، أن أقل من 2.800 مشارك خضعوا للنظام بجرعة أقل، فيما تلقى نحو 8.900 مشارك جرعتين كاملتين.
حيرة كبيرة
كان السؤال الأكبر هو: لماذا يوجد تباين كبير في فاعلية اللقاح نفسه مع اختلاف الجرعات، ولماذا ظهرت نتائج أفضل مع الجرعة الأقل؟ قال باحثو أكسفورد وشركة AstraZeneca إنهم لا يعرفون.
مما زاد الحيرة، أنّ الشركة جمعت نتائج تجربتين سريريتين بتصميم مختلف، إحداهما في بريطانيا، والأخرى بالبرازيل، وهو خرق للتعامل القياسي في تقرير نتائج تجارب العقارات واللقاحات.
وبعد ذلك بوقت قليل ظهرت مشاكل أكبر.
إذ قال بانغالوس لوكالة Reuters البريطانية، يوم الإثنين 23 نوفمبر/تشرين الثاني، إن الشركة لم تنتوِ إعطاء أي من المشاركين نصف الجرعة. وكان من المفترض أن يعطي الباحثون البريطانيون الذين يديرون التجربة جرعة كاملة في البداية للمتطوعين، لكن خطأ في الحساب أدى إلى إعطائهم نصف الجرعة فقط. ووصف بانغالوس الخطأ بأنه "صدفة سعيدة" جعلت الباحثين يتعثرون في نظام جرعات واعد.
الشركة تضررت
ورفضت ستيفاني كاكومو، المتحدثة الرسمية باسم إدارة الغذاء والدواء، التعليق على ما إذا كان هذا الخطأ في الجرعة سيضر بفرص اللقاح في الحصول على التصريح. وقالت الإدارة إنها تتوقع من اللقاحات أن تحقق فاعلية 50% على الأقل في الوقاية من المرض، أو التخفيف من شدته، وهو شرط يبدو أن اللقاح حققه حتى في المجموعة التي تناولت جرعتين كاملتين.
وانخفضت قيمة أسهم شركة AstraZeneca نحو 5% هذا الأسبوع، فيما ارتفعت مؤشرات السوق الأوسع إلى معدلات مرتفعة. ويبدو أن المستثمرين محبطون من النتائج الغامضة، خاصة بالمقارنة مع البيانات الأوضح كثيراً التي أصدرتها شركتان من كبرى الشركات المنافسة لشركة AstraZeneca في سباق لقاح كورونا.
إذ قالت شركة Pfizer وشركة Moderna هذا الأسبوع، إن لقاحاتهم، التي تعتمد تكنولوجيا الحمض النووي الرايبوزي الرسول (mRNA)، أظهرت فاعلية بنسبة نحو 95%. ويبدو من شبه المؤكد أن كلا العرضين في طريقه للحصول على التصريح الطارئ من إدارة الغذاء والدواء في الأسابيع القادمة.
وكان لقاح AstraZeneca، الذي يستخدم أسلوباً مختلفاً يتضمن فيروساً من شمبانزي لإثارة جهاز المناعة ضد فيروس كورونا، تتوافر فيه كل علامات الإنجازات الكبرى.
إذ كان زهيد التكلفة، بضعة دولارات للجرعة، ومن السهل إنتاجه بكميات كبيرة. وعكس لقاحات Pfizer وModerna، يمكن تخزين لقاح AstraZeneca لمدة شهر في مبردات عادية. وأفادت تقديرات الشركة بأنها قادرة على إنتاج ثلاثة مليارات جرعة تقريباً خلال العام القادم، أي ما يكفي تقريباً خمس سكان العالم.