سيدخل نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي الأسبق، التاريخ الإثنين 23 نوفمبر/تشرين الثاني عندما يمثل أمام المحكمة كأول رئيس في تاريخ بلاده الحديث بتهمة الفساد واستغلال النفوذ.
المحاكمة تتم في قضية تُعرف "بقضية التنصت" وهذه القضية هي الأولى من بين عدة تحقيقات ضد السياسي اليميني، الذي قاد فرنسا بين عامي 2007 و2012، التي تُعرض على القضاء بعد سنوات من محاولات إسقاط التهم أو إبطالها.
الادعاء قال حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية إن ساركوزي ومحاميه تييري هيرزوغ حاولا رشوة القاضي البارز غيلبرت أزيبرت، لتسليم معلومات سرية من تحقيق آخر ضد الرئيس الفرنسي الأسبق. وفي المقابل، اتُّهم ساركوزي بعرض المساعدة في تأمين وظيفة مريحة لأزيبرت في الريفييرا الفرنسية.
ساركوزي استُهدف بمجموعة من التحقيقات القانونية المتنوعة، من اتهام بتلقي تمويل غير مشروع لحملته من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي إلى تلقي رشاوى مزعومة من مبيعات الأسلحة إلى باكستان.
المحققون الفرنسيون بدأوا في مراقبة اتصالات ساركوزي في سبتمبر/أيلول 2013 ضمن التحقيق في مزاعم تلقيه تبرعاً غير معلن وغير قانوني بقيمة 50 مليون يورو (59 مليون دولار) من القذافي لتمويل حملته الرئاسية الناجحة لعام 2007.
التنصت قادهم لقضية أخرى: لكن ما سمعوه من المحادثات المسجلة وجه المحققين إلى اتجاه جديد تماماً وغير متوقع، إذ كشفوا أن الرئيس الأسبق وهيرزوغ كانا يتواصلان "سراً" باستخدام هواتف محمولة مسجلة بأسماء وهمية. ونُسب هاتف ساركوزي إلى بول بيسموث.
عمليات التنصت الإضافية التقطت على هذه الهواتف محادثات تشير إلى أن ساركوزي كان على اتصال مع أزيبرت، الذي كان حينها عضواً في محكمة النقض، أعلى محاكم فرنسا، عبر هيرزوغ لطلب معلومات سرية حول تحقيق منفصل حول ما إذا كان ساركوزي قد تلقى تبرعات من ليليان بيتنكور، وريثة شركة L'Oréal الفرنسية التي كانت تعاني مشاكل صحية.
المحققون صادروا يوميات ساركوزي ضمن تحقيق بيتنكور، وزُعم أن الرئيس الأسبق أراد أن يكتشف أزيبرت ما يخططون لفعله بها. وفي المقابل، يُزعم أنه وعد بترشيح أزيبرت للتعيين في وظيفة مريحة بمدينة موناكو.
في نهاية المطاف، أُسقطت قضية بيتنكور، ولكن بحلول ذلك الوقت، كان التحقيق في تهمتي الفساد واستغلال النفوذ قد فُتح. ولطالما نفى ساركوزي بشدة ارتكاب أي مخالفات في جميع التحقيقات السابقة والحالية. وادعى أن اتهامات بيسموث "إهانة لذكائي".
هيرزوغ جادل أيضاً بأن التنصت على هواتفيهما وتسجيل مكالماتهما يعد انتهاكاً لقواعد خصوصية العميل، لكن محاولاته المتكررة للتخلص من الأدلة أو إبطال القضية باءت بالفشل.
حالياً توجه للمتهمين الثلاثة، ساركوزي وهيرزوغ وأزيبرت، تهمتا "الفساد" و"استغلال النفوذ". إلى جانب ذلك، يواجه هيرزوغ وأزيبرت تهمة "إفشاء الأسرار المهنية". ويحوم حول الجميع خطر السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات وغرامات كبيرة في حالة إدانتهم.
في طلبها، اتهم مكتب المدعي المالي الوطني (PNF) ساركوزي بالتصرف مثل "مجرم مخضرم" واتهم محاميه بـ "شل" التحقيق من خلال العديد من الطعون. واتهم أنصار ساركوزي، بمن فيهم وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي، بدورهم، مكتب المدعي المالي الوطني، الذي تأسست في عهد خليفته الاشتراكي فرانسوا هولاند، بإقامة "عدالة مسيسة".
جاك شيراك لم يمثل أمام القضاء: صحيح أن الرئيس الأسبق جاك شيراك كانت عليه قضية وحكم عليه في العام 2011 بالسجن عامين بتهمة اختلاس أموال عامة عبر وظائف وهمية في بلدية باريس لكنه لم يمثل أمام القضاة بسبب وضعه الصحي. لكن ساركوزي هو أول رئيس جمهورية فرنسي يمثل أمام القضاء بقضية فساد.