على بعد خطوات من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، باغتت إدارة ترمب لبنان هذه المرة بطريقة مباشرة عبر قرار فرض العقوبات الأمريكية على وزير الخارجية السابق ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والذي كان مرشحاً محتملاً لخلافة عمه رئيس الجمهورية ميشال عون، بعد أكثر من شهرين على فرض عقوبات مماثلة على الوزيرين السابقين والحليفين لحزب الله علي حسن خليل ويوسف فينيانوس، لكن المفارقة أن العقوبات التي شملت باسيل ليست مرتبطة بحزب الله بل مرتبطة باتهامات أمريكية لباسيل في ملفات فساد خلال توليه وزارات مختلفة.
العقوبات مستمرة.. وواشنطن لا تنام على ضيم
منذ مدة غير قصيرة تلوّح الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات على جبران باسيل، أو على مقربين منه ومن رئيس الجمهورية، وبينهم وزراء سابقون ونواب على علاقة بحزب الله، فيما أكد مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر على استمرار بلاده في النظر في العقوبات بموجب قانون ماغينتسكي والذي يحاسب المتورطين بتهم الفساد والاختلاس.
وشدد شينكر في مقابلة تلفزيونية على أنّ "العقوبات ستستهدف الموارد المالية الخاصة بباسيل وحساباته المصرفية، وستُظهر كيف تشعر الولايات المتحدة حيال الفساد الذي قام به باسيل خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى علاقته بحزب الله التي سمحت للفساد بالازدهار". وأكد على "استمرارية السياسات الأمريكية بغض النظر عن تغيير الإدارة فيها. ورداً على سؤال حول أثر العقوبات المفروضة على باسيل على عملية تشكيل الحكومة العتيدة في لبنان، أبدى شينكر استغرابه قائلاً "لا أرى سبباً لذلك، فهذه العقوبات مستقلة".
من ستشمل العقوبات القادمة؟
تؤكد مصادر دبلوماسية خاصة لـ"عربي بوست" أن العقوبات الأمريكية والتي أكدت واشنطن استمرارها ستشمل مجموعة من القادة والوزراء السابقين وأعضاء البرلمان المتهمين بالفساد وتسهيل سياسة حزب الله التوسعية في هيكل الدولة اللبنانية، ويشدد المصدر على أن لوائح العقوبات تضم وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق وهو المقرب من النظامين المصري والإماراتي.
حيث ستوجه له تهم متعلقة بتسخير وزارة الداخلية لأغراض شخصية وعقد اتفاقات مع حزب الله في السياسة والأمن والتكتم على معلومات أمنية مرتبطة بحزب الله ونشاطاته في الجغرافيا اللبنانية، وبحسب المصدر فإن التهم ستشمل تغيير نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة صيف العام 2018 في مناطق بيروت وبعلبك الهرمل مقابل السماح بتغيير النتائج لصالحه في مدينة بيروت واحتساب أصوات مرشحين آخرين له، كما تضم التهم تهمة منح قوانين التجنيس لمجموعة من رجال أعمال سوريين مرتبطين بنظام بشار الأسد، ويضاف إليها استخدام وزارة الداخلية لمشاريع شخصية له ولمقربين منه وعقد صفقات ومناقصات والاستفادة منها.
وكان المشنوق قد أطل منذ أسبوعين في مقابلة تلفزيونية على قناة "إم تي في" اللبنانية وشن هجوماً مباشراً على الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري متهماً إياه بتقديم تنازلات لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خلال مرحلة التسوية الرئاسية، معتبراً أن مقربين من دوائر الحريري وبعض مستشاريه مارسوا عليه عملية إقصاء وسخروا وسائل إعلام تيار المستقبل لشيطنته بحجة أنه يطمح لرئاسة الحكومة، كما امتدح المشنوق السياسة الإماراتية في العالم العربي معتبراً أن أبوظبي اكتشفت مبكراً الدور الكارثي لجماعة الإخوان المسلمين بكونها تشبه "سرطان داخل المذهب السني" معتبراً أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتاجر بقضايا المسلمين والعرب لغايات سياسية ويريد منا أن نقاطع البضائع الفرنسية فيما أكبر مصانع السيارات الفرنسية موجودة في تركيا.
مقربون من عون
يشدد المصدر على أن اللوائح ستضم أيضاً مجموعة من المقربين من رئيس الجمهورية ميشال عون على رأسهم مستشاره وزير العدل السابق سليم جريصاتي والذي يعتبر- بحسب المصدر- الرجل الأول في القصر الرئاسي ويشرف على سياسات التيار الوطني الحر ويرسم الخطط الاستراتيجية لعون وباسيل، وبحسب المصدر فإن التهم التي قد توجه لجريصاتي تتعلق بأعمال مرتبطة بتسهيل الإجراءات القانونية بحق شخصيات على علاقة بحزب الله، بالإضافة لملفات مرتبطة بحقوق الإنسان خلال فترة تولي الوزير لمنصبه، ويشير المصدر إلى أن قانون ماغينتسكي سيشمل كل من تولى مناصب متعلقة بملفات الكهرباء والنفط وسيتم رفع اللوائح بوقت قريب.
باسيل يعول على فوز بايدن وعودة التعاطي مع الديمقراطيين
مصادر مطلعة على مواقف باسيل تقول إن الأخير يعول- كما فريقه السياسي الحليف لحزب الله- على مكسب بايدن وطريقة تعاطي الإدارة للحزب الديمقراطي الأكثر تفهماً بحسب باسيل للواقع السياسي اللبناني الذي يفرض نفسه نتيجة التداخل الطائفي والدعم الإقليمي لكل مجموعة سياسية، لذا فإن باسيل ينوي بعد فترة إرسال بعض مستشاريه لواشنطن للتواصل مع بعض النواب الديمقراطيين الذين تربطهم علاقة شخصية معه أو مع بعض أصدقائه لمحاولة رفع اسمه عن لائحة العقوبات الأمريكية تحت عنوان واضح "حماية المسيحيين في الشرق لتثبيت وجودهم".