أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الأربعاء 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، في مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، أنّ "فرنسا في حرب ضدّ الانفصاليّة الإسلاميّة، وليس بتاتاً ضدّ الإسلام"، وذلك ردّاً منه على مقال نشرته اليومية البريطانية الإثنين على موقعها الإلكتروني قبل أن تسحبه بعد ساعات، حسب ما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.
في ردّه المطوّل الذي نشرته الصحيفة، أعاد ماكرون تقريباً التصريحات التي أطلقها خلال مقابلته مع قناة الجزيرة القطريّة الأسبوع الماضي، والتي أكد فيها أن تصريحاته الموجهة ضد الإسلام "تم تحريفها"، معبراً عن استيائه من ذلك.
الرئيس الفرنسي أكد في مقالته التي قال إنها جاءت رداً على محاولات تشويه صورته وصورة فرنسا، أنه "لن يسمح لأحد بأن يقول إنّ فرنسا ودولتها تزرعان العنصريّة تجاه المسلمين".
كما أراد الرئيس الفرنسي أن يوضح أنّ معركته ضدّ "الانفصاليّة الإسلاميّة" ليست بتاتاً حرباً ضدّ الإسلام، في الوقت الذي قوبلت فيه تصريحاته حول رسوم كاريكاتيريّة تصوّر النبي محمّد ونشرتها صحيفة شارلي إيبدو بردّ فعل غاضب من جانب دول عدّة ودعوات شعبية واسعة لمقاطعة المنتجات الفرنسيّة.
لن نستسلم: لكن الرئيس الفرنسي عاد ليذكر بسلسلة الاعتداءات التي تعرّضت لها بلاده منذ الهجوم على شارلي إيبدو عام 2015 والتي خلّفت 300 قتيل، معتبراً أنّ فرنسا تتعرّض للهجوم بسبب قيَمها وعلمانيّتها وحرّية التعبير فيها، ومشدّداً على أنّها "لن تستسلم".
بحسب الوكالة، فقد استفاض ماكرون في مقاله بوصف حالات "الانفصاليّة" الإسلاميّة، معتبراً إيّاها "أرضاً خصبة للدعوات الإرهابيّة، حيث تقوم جماعات مرتبطة بالإسلام الراديكالي بتعليم أبناء فرنسا كراهية الجمهوريّة، وتدعوهم إلى عدم احترام القوانين"، حسب قوله.
أشار ماكرون إلى أن "هذا ما تنوي فرنسا محاربته اليوم، وليس أبداً (محاربة) الإسلام"، مشدّداً على أن بلاده تريد مواجهة "الظلاميّة والتعصّب والتطرّف العنيف، وليس الدين".
تصريحات الجزيرة: يأتي هذا المقال في محاولة ثانية للرئيس الفرنسي للدفاع عن نفسه، أمام رد الفعل الغاضب الذي قوبلت به تصريحاته حول رسوم كاريكاتيريّة تصوّر النبي محمّد ونشرتها صحيفة شارلي إيبدو.
في المحاولة الأولى، ظهر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على قناة الجزيرة القطرية السبت 31 أكتوبر/تشرين الأول، بعد أيام من غضب عارم اندلع في بلدان عربية وإسلامية، هاجمت باريس على سماحها بنشر رسوم مسيئة لنبي المسلمين، وتسببت بإطلاق حملة واسعة لمقاطعة البضائع الفرنسية.
ماكرون قال إنه "يتفهم مشاعر المسلمين إزاء الرسوم الكاريكاتيرية"، معتبراً أن تلك الرسوم "ليست مشروعاً حكومياً بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة غير تابعة للحكومة".
كذلك اعتبر ماكرون أن ردود الأفعال الغاضبة من فرنسا "مردّها أكاذيب وتحريف كلامي، ولأن الناس فهموا أنني مؤيد لهذه الرسوم"، مضيفاً: "هنالك أناس يحرّفون الإسلام وباسم هذا الدين يدّعون الدفاع عنه".
ماكرون أضاف في تصريحاته أن "ما يُمارس باسم الإسلام هو آفة للمسلمين بالعالم وأكثر من 80% من ضحايا الإرهاب هم من المسلمين".
وكان ماكرون قد رفض في سبتمبر/أيلول 2020 انتقاد مجلة "شارلي إيبدو" على نشرها رسوماً مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والتي تستفز مشاعر نحو ملياري مسلم حول العالم.
كما أن ماكرون وعقب قتل المعلّم الفرنسي صامويل باتي بسبب نشره رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للنبي أمام تلاميذ صفه في أكتوبر/تشرين الأول، قال إن بلاده ستبقى متمسكة بـ"الرسوم الكاريكاتيرية".