اتهمت أسرة عربيةٌ روضة أطفال في مدينة كوبلنز بألمانيا، بتعرض طفلتها لانتهاك واعتداء جنسي فيها، زاعمةً أن أطفالاً في الروضة يتم تصويرهن؛ لاستخدامهن في أفلام إباحية يتم بيعها فيما بعد، في حين قالت الشرطة المحلية بالمدينة، إنها فتحت تحقيقاً موسعاً في الادعاءات ولم تجد أدلة تؤكد صحة زعم العائلة.
اتهامات مباشرة لإدارة الروضة: وفي 3 مقاطع فيديو نشرتها عائلة الطفلة التي قالت أمها إن اسمها مريم، روت الأم والأب تفاصيل عما زعما أن طفلتهما البالغة من العمر 4 سنوات، تعرضت لها في المدرسة، وتحدثا عن أدلة لديهما لكنهما لم يكشفا عنها بالفيديو.
الأم ادعت في مقطع فيديو مطولٍ مدته 32 دقيقة، أن ابنتها تعرضت مع أطفال آخرين لاعتداءات جنسية داخل الروضة، ونقلت عن طفلتها القول بأنه كان يتم تصويرها وأطفال آخرين في وضعيات جنسية، مضيفة أن إحدى المعلمات "عرضت أمام الطفلة مقطع فيديو للأفعال الجنسية التي وقعت على الطفلة".
كذلك اتهمت الأم الروضة بأنه يتم جمع الأطفال ليقوموا بالاستحمام جميعاً ويجري تصوير ذلك، وقالت إن ابنتها كانت أحياناً تتعرض للتخدير، وأنها روت لأمها تفاصيل عما تعرضت له من رجل كان ينتهك الطفلة جنسياً.
زعمت الأم أيضاً أنه كان يتم استخدام ألعاب جنسية مع الأطفال ومن بينهم الطفلة مريم، مشيرةً إلى أنه في بعض الأحيان كان الأطفال يتعرضون للضرب وأنهم كانوا يُجبَرون على القيام بأفعال جنسية.
وروت الأم أيضاً أنها اكتشفت ما تعرضت له طفلتها في سبتمبر/أيلول 2020، عندما بدأت تلاحظ تغيراً في سلوكها، كما قالت إن علامات في جسد الطفلة "تؤكد" أن الأخيرة تعرضت لانتهاكات جنسية.
وبحسب الأم أيضاً، فإن طفلتها أخبرتها بأنه كان يتم تصويرها مع أطفال آخرين في مكان مجهز بالكاميرات والأضواء، مشيرةً بذلك إلى أن المشاهد الجنسية المزعومة التي كان يتم تصويرها مع الأطفال، يتم بيعها لمواقع إباحية.
ومن بين الاتهامات الأخرى التي ذكرتها الأم، أن طفلتها كانت تتعرض في أنحاء من جسدها للحقن بالإبر؛ من أجل إخفاء آثار الانتهاكات الجنسية، وتدَّعي على سبيل المثال أن إحدى المعلمات أجبرت الطفلة مريم على الذهاب إلى إحدى الغرف في المدرسة وأكرهتها على تنفيذ ما يأمرها به رجل كان في تلك الغرفة.
وبحسب ما نقلته الأم عن الطفلة فإن الرجل كان ينتهك الطفلة جنسياً ويجبرها على القيام بأعمال إباحية، زاعمةً أنه في بعض الأحيان كانت طفلتها تُجبَر على وضع حجر في فمها؛ للعض عليه عند الألم.
العائلة تتحدث عن ضغوط: وفي مقطع فيديو ثانٍ نشره والد الطفلة مريم مساء الإثنين، قال الأب إن إحدى المحطات التلفزيونية قابلت العائلة وإنهم وجهوا رسالة إلى المسؤولين، والشرطة، والنائب العام.
وزعم والد الطفلة أن العائلة تتعرض لضغوط "من أجل توجيه الأمور بشكل غير عادل، لإخفاء الحقيقة، والجريمة التي حصلت بحق ابنتي"، دون أن يوضح مزيداً من التفاصيل.
كما ادعى الأب أن الجريمة لم تقع على طفلته فقط، بل على أطفال آخرين، دون أن يقدم دليلاً على ذلك، واكتفى بالقول إنه تلقى اتصالات من عوائل أخرى تؤكد له أن أطفالهم تعرضوا لمثل ما تعرضت له ابنته، دون أن يقدم أيضاً دليلاً على ذلك.
اعتبر الأب أن طفلته "ضحية لتجار الجنس، الذين لا يفرّقون بين أي شخص، جنسه، دينه، أياً كان موطنك، أو البلد الذي تعيش فيه". ووصف الأب الجريمة بأنها "معقدة ومنظومة كاملة".
وتساءل الأب عن "السبب في عدم فتح تحقيق"، مخالفاً بذلك كلام الشرطة التي قالت إنها فتحت تحقيقاً بالحادثة، وأضاف: "لدينا الأدلة الكافية ليوم الحادث، تصوير كامل لابنتي يوم الحادث"، وقال إن "الطب الجنائي وصل بعد 7 ساعات ونصف الساعة، هل كان ذلك متعمداً؟! البنت كانت تحت تأثير التخدير، وتوجد نتيجة التحليل".
الشرطة تعلّق: حظي مقطع الفيديو الذي نشرته الأم على قناتها في يوتيوب، بانتشار واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، وبدأ مستخدمون ينشرون وسوماً بعضها باللغة الألمانية، يطالبون خلالها السلطات بالتحقيق.
على أثر ذلك، نشرت شرطة مدينة كوبلنز مساء الإثنين 19 أكتوبر/تشرين الأول 2020، بياناً ردت فيه على الادعاءات التي تحدثت عنها الأم بخصوص انتهاك طفلتها في الروضة الواقعة بحي بفافندورفر.
الشرطة قالت إنه "وبعد أن باتت الواقعة معروفة لديهم حُقق بشكل مكثف في الأمر من قِبل الشرطة الجنائية في المدينة بتعاون وثيق مع الادعاء العام، الذي نشر بياناً بخصوص القضية، فحواه إغلاق التحقيق ضد موظفين/ات مجهولين في الروضة؛ لعدم كفاية الأدلة".
بحسب بيان الشرطة، فإن الادعاء بيَّن أن والدَي الطفلة قدَّما شكوى جنائية تقول "إن طفلتهما روت لهما أن كل الأطفال تحمَّموا في الروضة التي منحتهم ثياباً داخلية جديدة، ثم نقلتها مربية إلى غرفة حيث اعتدى عليها رجل جنسياً".
أضاف البيان أن تحقيقات واسعة أُجريت للتأكد من صحة الادعاءات، لكن "لم تسفر عن دلائل كافية على حدوث الجريمة التي بُلغ عنها"، على حد قولها.
كما أوضحت الشرطة أن "فحصاً جسدياً ونسائياً أُجري للطفلة في اليوم الذي حدثت فيه الجريمة المزعومة، لم يسفر عن دلائل واضحة على حدوث اعتداء جنسي".
كذلك لفت بيان الشرطة إلى أنه تم التثبت من وجود احمرار فقط في مناطق بالجسم، "له أسباب كثيرة، ولا يرتبط بالضرورة بالانتهاك الجنسي".
وأجرت الشرطة أيضاً ما قالت إنها فحوص "للحمض النووي للطفلة والثياب التي كانت تلبسها في يوم الجريمة المزعومة، ولم تؤدِّ إلى العثور على دلائل كافية على حدوث اعتداء جنسي، حيث عُثر تقريباً على حمض نووي نسائي فحسب".
فيما قال مكتب التحقيقات الجنائية في الولاية، إنه لم يكن بالمستطاع تقييم "أثر ضئيل للغاية لحمض نووي ذكوري؛ لكون الكمية كانت غير كافية. بحسب نتائج الفحص، كان مصدر كل الحمض النووي الذي عُثر عليه ليس السائل المنوي".
إضافة إلى ذلك، أوضحت النيابة أنه "تم التحقق مما أدلت به الطفلة حول المكان الذي زُعم أنه لعب دوراً في الجريمة المزعومة، وكانت النتيجة أنه ليس هناك مثل هذا المكان في الروضة. وبالمثل لا توفر الروضة ثياباً داخلية، كما زُعم في الشكوى. ولم تنطبق الأوصاف التي قدمتها الطفلة، على العاملين في الروضة".
لذا قالت النيابة، إنها خلصت إلى أنه ليست هناك دلائل على حدوث اعتداء جنسي في الروضة، وبينت أن الأقوال المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي عن أدلة موجودة لدى الشرطة والنيابة كمواد مخدرة أو ما شابه، مختلقة.
كذلك أشارت النيابة إلى أنها ستتحقق في الوقائع على وسائل التواصل الاجتماعي، "وضمن ذلك ما نُشر من توجيه الإهانة والتشهير وغير ذلك، لترى ما إذا كان ذات صلة جنائياً في الوقت نفسه، في إشارة إلى إمكانية فتح تحقيق ضد موجهي الاتهامات للروضة أو العاملين فيها".
تحقيقات بانتهاكات جنسية: يُذكر أن ألمانيا كانت قد أعلنت في يونيو/حزيران 2020، أن السلطات بصدد تتبُّع 30 ألف شخص يشتبه في نشرهم مواد إباحية خاصة بالأطفال على الإنترنت، وفقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وفي بداية أكتوبر/تشرين الأول 2019، كانت السلطات الألمانية قد بدأت سلسلة من التحقيقات في حالات تتعلق بإساءة معاملة أطفال وعرض صور مخلّة لأطفال تمّ تصويرهم خلال سنوات، حيث تمّ اعتقال رجل يبلغ من العمر 42 عاماً، في برغيش غلادباخ بالقرب من كولونيا.
وبحسب ما ذكره حينها يتر بيسنباخ، وزير العدل بمنطقة راينلاند بشمال وستفاليا غرب البلاد، فإن شرطة مكافحة الجرائم الإلكترونية في شمال الراين-وستفاليا عملت من أجل إجراء تحقيق يتعلق بـ30 ألف شخص، لا يزالون مجهولين، في قضية ارتكاب جرائم جنسية إلكترونية على أطفال في بيرغيش غلادباخ.
يشير موقع "يورونيوز" إلى أنه تم بالفعل تحديد أكثر من 70 مشتبهاً به في أنحاء ألمانيا، والعديد منهم تمت محاكمتهم، وفي مايو/أيار الماضي، حُكم على جندي يبلغ من العمر 27 عاماً، بالسجن لمدة عشر سنوات، ووضعه في مستشفى للأمراض العقلية.
وكانت سلسلة من الأحداث التي صدمت الرأي العام الألماني، قد جعلت السلطات أكثر صرامة مع الجرائم التي تُرتكب بحق الأطفال، ففي يونيو/حزيران 2020، ألقت السلطات القبض على 11 شخصاً؛ للاشتباه في اعتدائهم جنسياً على أطفال وتصوير أفعالهم، بعد العثور على مقاطع فيديو وصور في قبو رجل يبلغ من العمر 27 عاماً، في مونستر بشمال الراين وستفاليا.
كما أنه وفي فضيحة سابقة في لوغد، بالمنطقة نفسها، تم القبض على عدة رجال؛ للاشتباه في إساءتهم مئات المرات إلى أطفال في مخيم.